أهم الأحداثٱقتصاد وطنياقتصادياتبكل هدوء

البيان المشترك بين تونس والاتحاد الأوروبي.. هل مرر الوفد الأوروبي اتفاقية “الأليكا”؟

بقلم / جنات بن عبد الله


كشف البيان المشترك الصادر عن اجتماعات رئيس الجمهورية قيس سعيد بالوفد الأوروبي الذي زار تونس يوم الأحد 11 جوان 2023 والذي جمع رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيسي حكومتي إيطاليا وهولندا، عن حقيقة تواتر زيارات المسؤولين الأوروبيين..

فقد تفنن هؤلاء، في تضليل الرأي العام التونسي، وتحويل وجهته بخصوص الهدف الرئيسي من هذه الزيارات، عبر تركيزهم على ملف الهجرة غير النظامية، التي لا تشكل إلا قطرة في بحر الصفقة التي استحوذوا عليها من اللقاءات التي جمعتهم برئيس الجمهورية، ذات العلاقة باتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق، التي تعطلت وتأجل التوقيع عليها منذ حكومة يوسف الشاهد.

مرر الجانب الأوروبي هذه الاتفاقية تحت اسم جديد أعلنوا عنه في نص البيان وهو ” الشراكة الشاملة” وهي تسمية تستند الى قواعد ومبادئ اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق وتم توظيف ملف الهجرة كطعم لاستدراج الجانب التونسي والتسريع في التوقيع عليها، بعد رفض عديد الأطراف في تونس لاتفاقية “الأليكا”، ليتم تكليف وزير الخارجية التونسي والمفوض الأوروبي للجوار والتوسع بإعداد مذكرة تفاهم حولها أي “حزمة الشراكة الشاملة” قبل موفى شهر جوان 2023.

مسرحية الهجرة
ولئن تعمد نص البيان المشترك تقديم تفاصيل المجالات التي ستغطيها “الشراكة الشاملة” بصفة مقتضبة حيث اقتصر، في باب الهجرة، مثلا، وهو الملف الذي حبكت كل المسرحية حوله، على العمل على “تعزيز التصرف في الحدود والتسجيل وإعادة القبول (الترحيل) في كنف الاحترام الكامل لحقوق الانسان” والتوقف عند ذلك الحد.

ومر “مرور الكرام” على باب التعاون الاقتصادي من خلال التركيز على دفع العلاقات التجارية والاستثمارية التي وضعت اطارها القانوني حكومة يوسف الشاهد ومجلس نواب الشعب أنذاك.

وذكر بمفهوم التقارب بين الشعوب من خلال تعزيز التعاون في مجال البحث العلمي والتربية والثقافة وهو ما ضمنته أيضا عديد القوانين التي صادق عليها النواب خلال الحكومات السابقة.

فقد توقف، أي نص البيان،في باب الشراكة في مجال الطاقة، ليعلن عن العمل من أجل استكمال الإطار القانوني لهذه الشراكة في جزئها المتعلق بالتجارة في الطاقة المتجددة بعد أن ضمن الجانب المتعلق بإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة في إطار القانون عدد 12 لستة 2015 مؤرخ في 11 ماي يتعلق بإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة.

بعد الغاز الجزائري.. الشمس التونسية
في هذا السياق نجحت رئيسة الوزراء الإيطالية في الاستفادة من اقترابها من تونس بتوظيفها لملف الهجرة للاستحواذ على ثروتنا الشمسية بعد أن حصلت على صفقة الغاز من الجزائر والنفط من ليبيا، لتضمن دور بلادها كوسيط بين تونس وسوق الاتحاد الأوروبي.

كما أن حضور رئيسة المفوضية الأوروبية يندرج في إطار استكمال ملف الطاقة رغم التضليل الذي مارسه الجانب الأوروبي في تحويل وجهة الرأي العام التونسي عن ذلك بالتركيز على المساعدات المالية والدعوات التي رفعها قادة أوروبيون بخصوص دعم تونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي من جهة،والانتهاء من ملف اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق من جهة ثانية.

فقد جاء على لسان رئيسة المفوضية الأوروبية بهذه المناسبة أن “الشراكة في مجال الطاقة، فإنها ستساهم في تحقيق الانتقال الطاقي الأخضر في تونس وخفض التكاليف ووضع إطار ملائم للتبادل في مجال الطاقات المتجددة والاندماج في السوق الأوروبية المشتركة. لتتابع بالقول “ثالثا الاستثمار في الطاقة.. اكبر حقل في الاستثمار.. الطاقات البديلة المتوفرة في تونس.. تصدير طاقات بديلة لأوروبا واستعمالها لتونس… كما سيتم تنظيم ملتقى استثماري في الطاقة في الخريف القادم ونعمل على مذكرة مشتركة في الطاقة”.

ما أرادت قوله أن الاتحاد الأوروبي سيعمل على وضع إطار قانوني للتجارة في الطاقة المتجددة، والتكامل مع سوق الاتحاد الأوروبي كما جاء في نص البيان، وهو ما خطط له الاتحاد الأوروبي منذ سنوات للتحرر من السوق الروسية.

اتفاقية “أليكا”.. و”خبث” المفوضة الأوروبية
والمقصود بذلك في اتفاقية التبادل الحر أو “الشراكة الشاملة”، توسيع نطاق الاستثمار والتجارة في الخدمات ذات العلاقة بقطاع الطاقة، بعد رفع احتكار الدولة ممثلة في الشركة التونسية للكهرباء والغاز، وخصخصة الخدمات الطاقية، وذلك حسب مقتضيات أحكام المنظمة العالمية للتجارة والاتفاقية العامة لتجارة الخدمات لتأمين مصالح الشركات الأوروبية في تونس، وإزالة العوائق أمام تنقل الأشخاص الطبيعيين الأجانب إلى تونس، لإسداء خدمات الطاقة الشمسية وتصديرها في إطار تعاقدي دون قيود.

في هذه الزيارة، وفي الوقت الذي حقق فيه الاتحاد الأوروبي أهدافه المعلنة في إطار اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق، وهو يمررها اليوم بتسمية جديدة كما أعلن عن ذلك سابقا رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس برغميني عندما كشف عن رغبة الاتحاد الأوروبي في تغيير التسمية، وضمن سوق إنتاج وتصدير والتجارة في الطاقة المتجددة، كرست تونس تبعيتها نحو الاتحاد الأوروبي بمواصلة الاعتماد على الاقتراض، عندما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي سيقوم بصرف تمويل إضافي عاجل بــ 150 مليون أورو لفائدة تونس، وأنه، أي الاتحاد الأوروبي، مستعد لتعبئة اعتمادات قدرها 900 مليون أورو من أجل دعم الاقتصاد التونسي.

وفي الوقت الذي انتظرت بعض الأطراف ربط هذا التمويل الأخير بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، تعمدت رئيسة المفوضية هذه الصيغة، والاختفاء وراء “دعم الاقتصاد التونسي”، وكأنها تذكرنا ببرنامج التأهيل الذي موله الاتحاد الأوروبي بعد التوقيع على اتفاقية الشراكة لسنة 1995.

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى