2.اعلامأهم الأحداثالمشهد السياسيبانوراماوطنية

رسالة “مضمونة الوصول” إلى الصحفي المحتجز صالح عطية

تونس ــ الرأي الجديد 

لأوّل مرة، منذ سجن والدها، توجّهت الصحفية “سندس عطية”، إبنة الإعلامي المعتقل لليوم الـ 91، صالح عطية، برسالة خاصّة، إلى والدها، الذي يقبع في سجن “المرناقية” ظلما”.

وفيما يلي نصّ الرسالة، كاملة: 

إلى أبي العزيز … صالح عطية 

العنوان: سجن المرناقية / رسالة مضمونة الوصول

بقلم / سندس عطية

اليوم تجاوزت مدّة إيقافك الـ 91 يوما … أعرف أنك لم تمارس الإرهاب … ولم تمارس الفساد … ولم تنهب المال العام … ولم تقم بأي جرم يستحق سجنك
ذنبك الوحيد يا أبي العزيز أنك خارج المنظومة واللوبيات الفاسدة التي كنت تحاربها بكلّ ما أوتيت من قوّة بـ “كلمتك قلمك وشجاعتك” …
ذنبك أنك، كنت تعتقد أن حقوقك وحريتك وكرامتك مضمونة في هذا الوطن
ذنبك يا حبيبي، أنك إعتبرت أن ما حدث إنقلاب يوم 25 جويلية بكامل الوضوح، من دون أي أقنعة أو ماكياج كما يفعل “الإعلام المأجور”، “المكلف بمهمة”..
ذنبك يا أبي، أنّك عندما تتكلّم تقنع … وتمتع … بالدلائل والمؤيدات التي أزعجت بها من لا يريدون سماع كلمة الحق وصوت الحقّ
ذنبك يا أبي، أنك تخيّلت أن يكون هذا الوطن حرا … مثلما كنت تتحدّث لإبنتك (التي تكتب لك هذه الأسطر) عن هذا الوطن الذي شقّ طريقه نحو الحرية، وأن هذا البلد آمنا … وقضاءه مستقلا، ومحاكمه العسكرية، باتت، أو ستتحول إلى متاحف يذكرها الناس ليتذكروا الإستبداد وآلياته فقط..
ظننت يا عزيزي، ــ وما كل الظنون عقائد ــ بأنّ ثمة رأيا حرّا في بلدك، وأنّ عهد الرئيس الذي يأمر وينهى قد ولّى، وبأنّ النخبة ستقف معك عندما “تتحك الركايب”…
ذنبك يا أسطورة الإعلام الحرّ صالح عطية، وسأظلّ أناديك بالإعلامي الحرّ … لأنك انتزعتها مني انتزاعا … ليست منة مني إليك، أنت فرضتها عليّ، لأنني كنت أرى فيك أفكاري ومواقفي، وحتى البعض من أمنياتي وأحلامي التي باتت “ميتة” نوعا ما
لقد كشفت ألاعيبهم وسيناريوهاتهم الفاشلة … وإقتلعت مكانك في الإعلام رغم الحصار الذي مارسوه عليك منذ فترة طويلة، ودخلت المشهد والساحة السياسية من الباب الكبير بصوت عال وحرفية ومهنية كادت تكون “منعدمة” عند الآخرين …
لقد عانيت من هؤلاء وأولئك، وذقت الأمرّين … لكنّك حاولت أن تداري بعض ما سمعت ورأيت، “لغاية في نفس صالح”، يريد أن يقضيها، أملا في غد أفضل، ووطنا حرا … كريما …
فعلا أبي عزيزي، إنك اليوم تدفع الضريبة بشكل باهظ جدا، وحيدا في سجنك، نكالة فيما قلت، وعقابا لصوتك المرتفع الشجاع،
أخالك أبي العزيز، قد اشتقت لمقعدك في المكتب، الذي أكله الغبار وأصبح “ديكورا” لم أتجرّأ حتى على الجلوس فوقه …
سجنك يا صالح عطية، قد وضع الجميع أمام حقيقة مرة، وهي أنّ النظام الرئاسوي ممكن، والمحاكم العسكرية لم تغلق إلى الأبد في وجه المدنيين، والرأي الحرّ ما يزال بدعة بين نخبة تحنّ لبدع الأولياء الصالحين …
لا تخشى يا أبي العزيز، من استمرار حبسك الظالم، ومن زنزانتك المظلمة، ومن بعض الأكلات التي تضرّك، فسجّانك اليوم، في قرارة نفسه سعيد بخدمتك، سعيد بوجودك بين جدران سجنه، يأمل أن يطول مقامك هناك، لأنّه لا يستقبل مثلك دائما …
لن أقول لك، عذارا أو صبرا، فربما “صبرت وصابرت من قبل، ولكن أقول لك أن نقطة ضعفهم هي “قوتك وشجاعتك وشموخك وبطولتك” … فعليك أن تلقّنهم “درسا جديدا في الإصرار والعزم والثبات الذي لطالما عوّدتنا به”…
أبي العزيز، تأكد أنّ سجنك “وسام شرف” لك ولأصدقائك وعائلتك، و”قبر يتّسع طولا وعرضا لمن وضعوك هناك، وفي الحقيقة وضعوا أنفسهم، في غياهب الموت البطيء” …
*لا تحزن … إن الله معنا
فلا عاش في تونس من أحبها… ولا عاش من ليس من خونتها
إبنتك التي صنعتها بحبك وحنانك وعطفك سندس عطية

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى