أهم الأحداثالمشهد السياسيحقوقياتوطنية

“المرصد الأورومتوسطي”: ينتقد بشدّة ملاحقة معارضين وحقوقيين.. ويعتبر ذلك تقويضا للديمقراطية

جبنيف ــ الرأي الجديد

عبّر “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان”، عن قلقه البالغ إزاء استمرار السلطات التونسية في استهداف المعارضين السياسيين والمنتقدين، والاستناد إلى تشريعات مستحدثة لملاحقتهم قضائيًا ومصادرة حرياتهم.

وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان له، إنّ السلطات التونسية أحالت يوم الإثنين 2 جانفي، خمسة معارضين للتحقيق على خلفية ممارستهم لحقوقهم المشروعة في حرية الرأي والتعبير، وهم منسق هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين المحامي “العياشي الهمامي”، ورئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة “أحمد الشابي”، والقياديون في الجبهة “رضا بلحاج” و”شيماء عيسى” و”جوهر بن مبارك”.

وذكر المرصد الأورومتوسطي، أنّ النيابة العمومية أحالت بطلب من وزيرة العدل، المحامي “الهمامي” للتحقيق، ووجهت له تهمة “نشر إشاعات كاذبة من شأنها الإضرار بالأشخاص والأمن العام ونسبة أمور غير حقيقيّة بهدف التّشهير”، استنادًا إلى المرسوم 54 الذي استحدثه الرئيس “قيس سعيّد” في شهر سبتمبر 2022، حيث تصل عقوبة التهمة إلى السجن 5 أعوام بالإضافة إلى غرامة مالية مقدارها 50 ألف دينار تونسي..

وأحيل المحامي “الهمامي إلى التحقيق عقب تصريحات أدلى بها لإحدى الإذاعات المحلية في 29 ديسمبر المنصرم بشأن قضيّة القضاة المعفيين، إذ قال إنّهم “ظُلموا من وزيرة العدل التي ارتكبت جريمة عدم تنفيذ أحكام قضائية، كما عدّ رئيس الجمهوريّة “مشاركًا في الفساد المالي نظرًا إلى أنه صرف أجور ستة أشهر للقضاة المعفيين، في حين أنه يتهمهم بالفساد والإرهاب والتآمر”.

وبيّن المرصد الأورومتوسطي، أنّ جملة من الاعتلالات القانونية شابت عملية إحالة المحامي “الهمامي” للتحقيق، أبرزها المساس بجوهر الحريات من خلال توجيه التهم له بموجب المرسوم (54)، والذي يشكل بحد ذاته مخالفة صريحة للدستور التونسي الذي أشرف على إعداده وصدّق عليه الرئيس “سعيّد” نفسه، إلى جانب الالتزامات الدولية ذات العلاقة لتونس.

قيادات جبهة الخلاص..
وفي ذات اليوم، أُحيل رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة “أحمد الشابي” والقياديون في الجبهة “رضا بلحاج” و”شيماء عيسى” و”جوهر بن مبارك” إلى التحقيق على خلفية شكوى تقدم بها “الحزب الدستوري الحر”، بدعوى “الانخراط في تنظيم يضم في صفوفه أشخاصًا وأحزابًا ذوي علاقة بالجرائم الإرهابية، ووضع محل للاجتماع على ذمة ذلك التنظيم، وتجميع التبرعات لفائدته، طبق القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال”.

وانتقد المرصد الأورومتوسطي سرعة إحالة المعارضين السياسيين الأربعة للتحقيق بناء على الشكوى المقدمة ضدهم، دون التروّي في التحقق من طبيعة الادعاءات والتثبت من مدى دقتها، خصوصا أنّها تتعلق بتهم خطيرة، إلى جانب أنّ الشكوى مُقدمة من حزب سياسي لديه خصومة واضحة مع هؤلاء المعارضين.

وأكّد أنّ التعاطي مع القضية على هذا النحو، قد يخل بمسار العدالة، ويعزز الشكوك حول الدوافع الحقيقية للسلطات من التحقيق مع المعارضين، وإمكانية اتخاذ إجراءات ضدهم قد تصل إلى السجن لسنوات.

إحالات بسبب المرسوم 54
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ السلطات التونسية سبق وأن استخدمت المرسوم (54) في ملاحقة المعارضين وتقييد حريّاتهم في عدد من الحالات، منها استجواب الصحافي “نزار بهلول” رئيس تحرير موقع “بيزنس نيوز” على خلفية مقال رأي انتقد فيه رئيسة الحكومة، والتحقيق مع المحامي “مهدي زقروبه” بسبب منشور له على “فيسبوك” “تحدث فيه عن فبركة ملفات من أجل إعفاء عدد من القضاة”.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ إحالة المعارضين الخمسة إلى التحقيق، وما شاب ذلك من خلل الإجراءات القانونية، بما في ذلك الاستناد إلى نصوص قانونية مخالفة للدستور التونسي نفسه، يشير بشكل واضح إلى تصميم السلطات على قمع الحريات وخنق جميع مظاهر المعارضة، ومواصلة المسار الشمولي الذي انتهجه الرئيس “سعيّد” منذ إعلانه” التدابير الاستثنائية في يوليو/ تموز 2021.

تقويض أسس الديمقراطية
ونبّه إلى أنّ تلك السياسة الإقصائية تقوّض بشكل أساسي أسس الديمقراطية والحوار، وتهدد استقلالية المؤسسات العامة ولاسيما القضاء، وتشرعن وتطبّع جميع الممارسات غير القانونية التي قد تتخذها السلطات ضد المعارضين على اختلاف فئاتهم.

ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات التونسية إلى إعادة النظر في قرار التحقيق مع المحامي “الهمامي” والمعارضين السياسيين من جبهة الخلاص الوطني، واحترام الدستور التونسي والضوابط القانونية ذات العلاقة، ووقف جميع أشكال الملاحقة القانونية للأفراد والكيانات على خلفية ممارستهم لحقوقهم المشروعة.

وحثّ المرصد الأورومتوسطي الرئيس “قيس سعيّد” على إلغاء المرسوم (54)، والتراجع عن جميع الإجراءات التي تقوّض الحريات والممارسات الديمقراطية، والتوقف عن اتخاذ إجراءات أُحادية تُبعد من فرص إنهاء الأزمة السياسية في البلاد.

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى