أهم الأحداثالمشهد السياسيبكل هدوءوطنية

للتاريخ.. عن “اللقاء من أجل تونس”.. و”جبهة الخلاص الوطني”

 

بقلم / صالح عطية

 

دعيت لحضور اجتماع لما يعرف بمجموعة “اللقاء من أجل تونس” التي يقودها الزميل الإعلامي، صلاح الدين الجورشي، صحبة مكونات إعلامية وسياسية، من بينها السيد محمد الغرياني، المستشار السابق لرئيس مجلس نواب الشعب، راشد الغنوشي.

الاجتماع الذي التأم بأحد مقاهي البحيرة، حضره الصديق، جوهر بن مبارك، منسق حملة “مواطنون ضدّ الإنقلاب”، وأحد مهندسي “جبهة الخلاص الوطني” التي يتزعمها، السياسي المخضرم، الأستاذ، أحمد نجيب الشابي.

كما حضر الاجتماع، قياديان في حركة الديمقراطيين الإشتراكيين، هما الصديق، حسين الماجري المناضل التاريخي زمن العاصفة والإستبداد، وزميله، محمد زغدان، نجل المناضل، أحمد زغدان، القيادي السابق في “ح.د.ش”..

إلى جانب الاستاذ سمير بن عمر، الامين العام لحزب “المؤتمر من أجل الجمهورية”..

بالإضافة إلى الزميلة الإعلامية المعروفة، شهرزاد عكاشة..

لقاء شديد الأهمية
كان اللقاء مناسبة لمعرفة أسلوب تفكير واتجاه “مجموعة اللقاء من أجل تونس”، وعلاقتها بالحراك حول “جبهة الخلاص الوطني”..

وحرص الأستاذ جوهر بن مبارك، بقدر مهم من الإنفتاح على الحضور، على الإجابة على مختلف التساؤلات والتحفظات التي سجلها البعض، سواء تعلق الأمر بمسألة “حكومة إنقاذ وطني”، التي أطلقها نجيب الشابي، خاصة من حيث جدواها العملية، وتوقيتها ومخاطرها المحتملة، أو اتجاهات التفكير صلب جبهة الخلاص، من حيث طبيعتها وأهدافها والمنضوين تحتها، أو برنامج عمليها وأولوياتها..

والحقيقة، أنّ النقاش بهذا الشأن، كان مثمرا ومفيدا إلى أبعد الحدود، رغم التحفظات التي أبداها بعض الحضور، حول الأفق السياسي لهذه المبادرة، وخاصة مكوناتها السياسية والحزبية، ووجود بعض الاسماء صلبها، وعلاقتها بحركة النهضة، بل إنّ البعض تحفظ حتى على تمثيلية “النهضة” في هذه الجبهة، حيث اقترحوا عدم تمثيلية الوجوه المعروفة والمستهلكة من الحركة، وهو ما ردّ عليه، سامي الشابي، أحد مؤسسي “اللقاء من أجل تونس”، بأنّ ذلك خيار الأحزاب ومن تختار، ولا دخل للمبادرة فيها.

لن أسرد تفاصيل النقاش والمقترحات، لأن هذه الورقة ليست تقريرا أو محضر جلسة، إنما سأكتفي ببعض الملاحظات والتساؤلات التي طرحتها شخصيا عبر المداخلات والتفاعلات التي حصلت أثناء اللقاء..

فقد أشرت إلى النقاط التالية:

** أن الجبهة ضرورة حيوية للمشهد السياسي وللبلاد في هذه الظرفية الحرجة التي تمر بها الطبقة السياسية، خصوصا مع درجة “تآكل المسار الديمقراطي”، بعناوينه ومؤسساته، منذ انقلاب 25 يوليو 2021…

** أن تحرص “جبهة الخلاص الوطني”، على توسيع دائرة استقطابها للأحزاب والمنظمات والشخصيات، بعيدا عن تلك العقد الإيديولوجية التي شهدتها، وما تزال تشهدها الساحة التونسية، والتي كانت من أسباب استحواذ، رئيس الجمهورية، على كافة السلطات والقرارات والمؤسسات.

** أن يكون لديها نسيج واسع من مكونات المجتمع المدني القطاعي (محامون، قضاة، مهندسون، إعلاميون، أطباء، نساء، شباب، … إلخ…)، بشكل تكون تمثيليتها واسعة لجميع الطيف الاجتماعي والاقتصادي والجمعياتي.. وهو ما سوف يجعل الجبهة، رقما صعبا على السلطة.

** أن تحرص الجبهة كذلك، على أن تخلق “امرا واقعا” جديدا في البلاد، يضاهي “الأمر الواقع” الذي يعمل رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، على خلقه يوما بعد يوم: حل المؤسسات الدستورية، إنشاء مراسيم تقوض مضمون وبنود الدستور، ترذيل الأحزاب، ترذيل القطاعات الحيوية للمشهد السياسي (التي تمثل الروافد الاساسية للطبقة السياسية في البلاد)، سيما القضاة والمحامون والإعلاميين… والقائمة طويلة، إلى جانب ترذيل الدستور، والقوانين الناشئة بعد دستور 2014، …….


** أن تتحرك الجبهة على الصعيد الداخلي (في مستوى الجهات)، حتى لا تكون ممركزة في العاصمة وبعض الضواحي، مع محاولة تركيز تنسيقيات في الجهات، داعمة للجبهة.

** أن يكون لها صدى بين الجالية التونسية في الخارج، ومع دوائر القرار السياسي في الدول الصديقة والشقيقة لتونس، ضمن التقاطعات الممكنة، وبعيدا عن الإصطفافات الإقليمية التقليدية الباردة والمتحفظة، على النحو الذي كانت تمارسه الحكومات المختلفة بعد الثورة، وتواصل فيه حاليا “سلطة الإنقلاب” بكامل التردد و”الإرتعاشة”، وبكثير من الإرتباك..

** العمل على عدم الدخول في تناقضات مع المؤسسات المهمة في البلاد، على غرار المؤسستين الأمنية والعسكرية، حرصا على تحييدهما، وتعزيز دورهما الجمهوري، البعيد عن الصراعات السياسية والتجاذبات الحزبية..

** وكنت شخصيا شديد الوضوح، عندما أكدت على ضرورة عدم الإنخراط في خطاب ترذيلي لرئيس الجمهورية، احتراما للمؤسسات، على الرغم من كل ما يفعله رئيس الجمهورية، لتوريط هذه المؤسسة الرئاسية، في خطاب خارج التاريخ، وخارج المنظومة الدستورية والسياسية الناجمة عن دستور 2014. منتقدا بعض التعبيرات “غير اللائقة” التي ترفع بشأن رئيس الدولة، على اعتبار أن الصراع السياسي لا بد أن يكون في مستوى من اللغة والمعجم والمعاني والقيم التي تليق بالحياة الديمقراطية، والصراع السياسي المتخلق..

** أنّ الخارج، يطرح اسئلة كثيرة حول مدى قدرة المعارضة على أن تكون بديلا لرئيس الجمهورية، سيما وأنّ الرجل يتوفر على شعبية لافتة ــ في نظر الخارج ــ رغم أن هذه الشعبية، ما انفكت تتآكل يوما بعد يوم، منذ 25 يوليو الماضي، وبالتالي، ينبغي على “الجبهة” أن تأخذ بعين الإعتبار، هذا المعطى في صراعها مع رئيس الجمهورية، من ناحية، ومع الخارج، من ناحية أخرى..

** أن الصراع السياسي في تونس، مرتبط بالجانب الإقليمي والدولي، وعلى الجبهة أن يكون لها تصور وتحالفات وعلاقات واضحة مع هذه الأطراف، لأن مستقبل تونس ليس بمعزل عن القوى الإقليمية والدولية، ومصالحها الإستراتيجية في المنطقة، بعيدا عن تلك المناكفات الشوفينية المتخلفة، التي يطرحها سياسيون فاشلون.

لا بد من الإشارة إلى أنّ الصديق حسين الماجري، أبدى من جهته، تحفظات حول الجبهة، من حيث إعلانها عن حكومة إنقاذ وطني، معتبرا ذلك مدخلا لحكومة موازية قد تؤدي إلى تطورات سياسية وأمنية معقدة، بالنظر إلى هشاشة الوضع التونسي، كما أبدى ملاحظات حول الجبهة، وطريقة تعاطيها مع المكونات السياسية، وأولوياتها، مشيرا إلى أنّ الإحتكام للشارع، له مخاطره، داعيا إلى العمل باتجاه حوار وطني، لا خيار للبلاد دونه.

وحذّر من التعامل مع الخارج، على النحو الذي يضر بمسار الجبهة، ويجعل الصراع السياسي في تونس، مرتهنا لقوى إقليمية ودولية.

يذكر في هذا السياق، أنني طرحت على السيد سامي الشابي، سؤالا حول أفق حضورنا في هذا الاجتماع، فأكد أمام الجميع، أننا جميعا، جزء من “اللقاء من أجل تونس”، وأنّه سينسق معنا للحضور واللقاء مع زعيم مبادرة “الجبهة”، باعتبار أنّ مداخلاتنا تصبّ في اتجاه “اللقاء” و”الجبهة” على حدّ السواء… غير أننا فوجئنا بعدم تشريكنا في اللقاء مع الاستاذ نجيب الشابي، بل لم يقع إعلامنا بذلك مطلقا..

ولأنني لا أريد، بل أرفض أن أكون ديكورا في اجتماعات مهما كانت أهميتها، أردت تدوين هذه الملاحظات للتاريخ، أولا، وحتى لا يقع توظيف حضوري بعد أن صدرت عديد الصور على مواقع التواصل الاجتماعي..

سأبقى ضدّ الإنقلاب، وسأظل أناضل من موقعي، كصحفي، من أجل استعادة المسار الديمقراطي، الذي أعتبره جزء أساسيا من مستقبل تونس وأجيالها، بصرف النظر عن التفاصيل..

ضدّ الإنقلاب.. 
تحيا تونس.. تحيا المؤسسات الدستورية..
تحيا الديمقراطية.. التحية لشهداء الثورة وجرحاها..

صالح عطية / صحفي مستقل

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى