أهم الأحداثالمشهد السياسيوطنية

من داخل “الإضراب ضدّ الانقلاب”: إرهاصات ولادة مشروع “اللقاء الديمقراطي الوطني”.. لم لا ؟؟

تونس ــ الرأي الجديد
بقلم / صالح عطية

علمت “الرأي الجديد” من مصادر من داخل فضاء المضربين ضدّ الانقلاب، أنّ مناقشات سياسية طويلة ومستفيضة، شرع فيها من قبل جميع الأطراف، بغاية بلورة تصور سياسي توحيدي بين مكونات سياسية وحزبية ومدنية عديدة، لتشكيل قوة تناهض الانقلاب القائم..

ووفق المعلومات التي بلغت إلينا، فإنّ هذه المناقشات، نجحت في كسر جليد “القطائع” (جمع قطيعة)، الموجودة في المشهد السياسي، وتمكنت في وقت وجيز، من رسم معالم نقاش وطني حقيقي، يهدف إلى توحيد بعض المكونات في إطار سياسي مرحلي، يكون ذو تمثيلية واسعة ضدّ الانقلاب، وقادر على استقطاب مكونات أخرى ما تزال تراوح مكانها، رغم أنها تتقاطع مع الحراك ضدّ الانقلاب.

وحسب بعض المراقبين ممن زاروا مقر الإضراب، فإنّ أطياف المشهد السياسي المناهض للانقلاب، والذين حضروا من مختلف التشكيلات والتمثلات السياسية، من إسلامية ويسارية وقومية (من خارج حركة الشعب)، دخلوا في مناقشات وحوارات متفاوتة العمق، حول سبل توحيد المسار المناهض لانقلاب 25 يوليو، بقطع النظر عن بعض الحسابات السياسوية والحزبية، والتقييمات المتسرعة والمتشنّجة لمسار 10 سنوات من بعد الثورة..

وذكرت مصادر قريبة من الإضراب، فضلت عدم ذكر هويتها، أنّ هذه المناقشات، تؤسس ــ على ما يبدو ــ لتشكيل نواة أولية صلبة، قد يطلق عليها اسم: “اللقاء الديمقراطي الوطني”، في دمج فكري وسياسي وتنظيمي، بين المكونات السياسية لــ “مواطنون ضدّ الانقلاب”، و”المبادرة الديمقراطية” التي تتألف من أحزاب “الجمهوري” و”التيار” و”التكتّل”، و”اللقاء الوطني للإنقاذ”، الذي تم تأسيسه مؤخرا بقيادة الأستاذ والمناضل، أحمد نجيب الشابي، وذلك على قاعدة بناء أرضية سياسية، من شأنها التأسيس لمشروع سياسي، يكون قادرا على وضع ترتيبات المرحلة المقبلة.

الجدير بالذكر، أنّ هذه المناقشات، شملت قياديين في حركة النهضة، بعضهم مشارك في الإضراب، وآخرون جاؤوا لزيارة المضربين ومؤازرتهم وشدّ أزرهم.. وأمكن لهذه المناقشات الأولية، من كسر جليد القطيعة والموقف السلبي من هنا وهناك، وتم خلق نوع من “الكيمياء” بين عدّة أطراف، كانت الساحة السياسية تحتاجها وتتشوف إليها، بمقادير مختلفة ومتفاوتة، بما يجعل هذه المناقشات، تمهد لوضع أسس مائدة حوار سياسي عميق بين هذه المكونات، لعب فيها “شيخ اليساريين”، الأستاذ عز الدين الحزقي، دورا مهما، من أجل خلق توافقات جديدة، على مرتكزات قد لا تكون الساحة السياسية، ناقشتها أو خاضت فيها خلال المرحلة السابقة، وبخاصة خلال السنوات العشر الماضية.

الأكيد أنّ دماء جديدة بدأت تسري في كيانات سياسية متعددة، جمعتها سنوات الجمر، وفرقتها أوضاع وحسابات ما بعد الثورة، وها أنّ “انقلاب 25 يوليو”، يعيد إليها بعض الجمر الذي تبقى من حطب التجاذبات والمناكفات السياسية التي عرفتها واستهلكتها خلال الفترة الماضية، ولم يربح منها أحد إلى حدّ الآن، سوى الثورة المضادّة بكامل أدواتها القديمة والجديدة، وآلياتها القادمة من وراء البحار.

وبعيدا عن عواطف بعض المقربين من الإضراب، بشأن هذه المناقشات ومآلاتها، يبقى الأمر بحاجة إلى دفع كبير، وتنازلات من العيار الثقيل، وتواضع أكبر بين جميع المكونات، من أجل التأسيس لما عجزت عنه الثورة وما رافقها من تقلبات، لا شك أنّ الجميع مدرك أنه ساهم بشكل أو بآخر، وبتفاوتات واضحة للعيان، في تضييع الفرصة التي أتاحتها للجميع، دون أن يستفيد هذا “الجميع” منها، بالقدر الذي تحتاجه الثورة، وينتظره المجتمع، وتتطلبه سياقات البلاد والتحولات العميقة التي تخترقها منذ عشر سنوات كاملة.

الانقلابات تفشل، لأنّ مناهضيها يبدون أقوى، وأشدّ ثباتا، وأقدر على تصور المستقبل ومآلاته..   

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى