5.مقالاتأهم الأحداثالمشهد السياسيوطنية

“مجموعة” مجهولة الهوية تقترح خارطة طريق لمدة عامين.. وخروج التونسيين في 25 جويلية لافتكاك الحكم

تونس ــ الرأي الجديد / رئاسة التحرير

يتداول رواد صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي منذ أكثر من يومين، نصا مجهول المصدر، نشرته “مجموعة” على فيسبوك، تقترح ما تسميه بــ “خارطة طريق لإنقاذ تونس من الهاوية”، على حدّ توصيفها..
وتدعو “المجموعة” التي لا يمكن الاتصال بها أو التفاعل معها، مثل سائر المجموعات على فيسبوك، إلى جملة من النقاط يبلغ عددها 18 نقطة، تعتبرها بمثابة الحلّ للوضع التونسي الراهن.

وأعلنت هذه “المجموعة”، التي لا يعرف إلى الآن من يقف وراءها، أو يدعمها، وهل هي جهة داخلية، أم خارجية، أم ثمة تقاطعات بينهما، أعلنت أنّ اتباع خارطة الطريق هذه، ليس سوى مقدمة، ستتوج بخروج التونسيين يوم 25 جويلية، أي بمناسبة عيد الجمهورية، لافتكاك السلطة من المنظومة الحاكمة الحالية..

وتقترح “المجموعة”، التي أثارت الكثير من الجدل والغموض على وسائل التواصل الاجتماعي، “تكليف الجيش التونسي بتسيير شؤون البلاد لمدّة عامين على أقصى تقدير ، إلى حين القيام بتعديل الدستور والقوانين الانتخابية والنظام السياسي للبلاد، إلى النظام الرئاسي ليكون الرئيس هو المسئول الأول والأخير أمام الشعب“.

وتدعو إلى “تعليق العمل بالدستور وكل القوانين التي تم سنّها بعد 2014″، بالإضافة إلى حل البرلمان و كل الهيئات التي تتبعه، وفتح تحقيق في جميع النواب الذين اشتغلوا في البرلمان، وجميع أعضاء الأحزاب منذ اعتماد الدستور سنة 2014 إلى اليوم”..

وترى هذه المجموعة، ضرورة “الإبقاء على الرئيس قيس سعيد، كرئيس للجمهورية، والضامن لوحدتها ومدنية الدولة، وهو المسئول الأول عن الفترة الانتقالية التي سيسيرها الجيش الوطني لمدة عامين”، وفق تقديرها.

ويبدو أنّ هذه الفقرة، الرابعة في ترتيب النقاط الواردة في هذا النص، جعلت الكثيرين من رواد وسائل التواصل الاجتماعي، يذهبون في اتجاه اعتبار أنّ ما تطرحه هذه المجموعة، يتقاطع مع ما كان طرحه الأستاذ محمد عبو على رئيس الجمهورية، وأعلن عنه في وسائل إعلام في مرات عديدة.

وتطرح “المجموعة”، جملة أخرى من المهام، تطال البنك المركزي والقضاء والأحزاب والبلديات ورجال الأعمال والقطاع الصحي والاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي وقعت عليها تونس، بالإضافة إلى “إعادة تأهيل شامل لوزارة الداخلية”، و”مراجعة شاملة لمنظومة الإعلام في تونس”، وفرض “هدنة اجتماعية مع الإتحاد التونسي للشغل لمدة عامين، تتضمن تجميد الزيادات في الأجور… ومراجعة كافة الأسعار… بما يتماشى مع القدرة الشرائية للمواطن”.

وتعلن “المجموعة الفيسبوكية”، التي تقف وراءها ــ بالتأكيد ــ جهة سياسية ما، أنّ الخارطة التي اقترحتها هذه، ستنتهي بعد عامين، “بتمرير الدستور الجديد والقانون الانتخابي للاستفتاء”، وذلك قبل “تنظيم انتخابات، تؤدي إلى قيام الجمهورية الجديدة”، وفق تقديرها، أو تخطيطها..

وفيما يلي نص هذه المجموعة التي يجري التفاعل معها بأشكال مختلفة على “فيسبوك”..

…………………………………………………

خارطة طريق لإنقاذ تونس من الهاوية


1- تكليف الجيش التونسي بتسيير شؤون البلاد لمدّة عامين على أقصى تقدير إلى حين القيام بتعديل الدستور والقوانين الانتخابية والنظام السياسي للبلاد إلى النظام الرئاسي ليكون الرئيس هو المسئول الأول والأخير أمام الشعب.

2- تعليق العمل بالدستور وكل القوانين التي تم سنّها بعد 2014 تاريخ بداية العمل بهذا الدستور.

3- حل البرلمان و كل الهيئات التي تتبعه وفتح تحقيق في جميع النواب الذين اشتغلوا في البرلمان و جميع أعضاء الأحزاب منذ اعتماد الدستور سنة 2014 إلى اليوم مع تحجير السفر عليهم جميعا إلى حين انتهاء التحقيقات. ثم البدء في محاكمة من أجرموا في حق الشعب منهم.

4- الإبقاء على الرئيس قيس سعيد كرئيس للجمهورية والضامن لوحدتها ومدنية الدولة وهو المسئول الأول عن الفترة الانتقالية التي سيسيرها الجيش الوطني لمدة عامين.

5- وضع البنك المركزي تحت سلطة الجيش والتدقيق في كافة حسابات الأحزاب والجمعيات وحلّ كل حزب أو جمعية تلقت تمويلات مشبوهة من الخارج.

6- مراجعة شاملة لقانون الأحزاب والجمعيات لإعادة تنظيم الحياة السياسية في البلاد.

7- مراجعة شاملة لقوانين الجماعات المحلية لتنظيم عمل البلديات تحت سلطة الدولة.

8- فتح ملفات فساد رجال الأعمال وإجبارهم على إعادة أموال الشعب التي نهبوها تحت مسمى القروض أو محاكمتهم والعقلة على أملاكهم.

9- إعادة تأهيل شامل لوزارة الداخلية، وتكوين جهاز مخابرات موحّد، يضم جميع فروع المخابرات العسكرية والأمنية في جهاز واحد يتبع رئاسة الجمهورية.

10- تكوين لجنة خبراء لا تتعدى 50، تتكون من قضاة وخبراء القانون الدستوري ومحامين، تكون مهمتها تعديل الدستور، ومراجعة كافة القوانين المرتبطة به، وتحديد مدة زمنية لإنهاء أعمالهم لا تتعدى 6 أشهر.

11- وضع كافة المؤسسات الوطنية الحيوية (ستاغ. صوناد. الخطوط الجوية. فسفاط قفصة. المجمع الكيميائي….) تحت تسيير الجيش الوطني، والقيام بإعادة تأهيل شامل لهاته المؤسسات، مع محاسبة كل من تسبب في إفلاسها.

12- وضع كامل المنظومة الصحية في البلاد، تحت تصرف الدولة، بما فيها كل المصحات الخاصة والقطاع الخاص، إلى حين إعادة الاستقرار الصحي في البلاد.

13- مراجعة كافة الاتفاقيات التجارية والاقتصادية مع الدول الأجنبية، لوقف العجز التجاري للدولة، وإن لزم الأمر إلغاء أي اتفاقية تجارية تضر بالمصلحة العليا للوطن.

14- إيقاف التداين الخارجي إلا في حالات الضرورة القصوى… وإيقاف الاقتراض من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي فورا، وإلغاء الاتفاقية المبرمة مع صندوق النقد الدولي، التي دمرت الاقتصاد التونسي.

15- تكليف لجنة تتكون من قضاة أكفاء ونزهاء، للقيام بمراجعة شاملة للمنظومة القضائية في تونس، تنتهي بانتخاب مجلس أعلى للقضاء مستقل تماما عن المنظومة السياسية، وهو من يتولى تسيير القضاء في تونس.

16- مراجعة شاملة لمنظومة الإعلام في تونس، وفتح ملفات كافة وسائل الإعلام وتمويلاتها، ومراجعة قوانين الإعلام، تنتهي بانتخاب مجلس أعلى للإعلام، يتولى تسيير قطاع الإعلام في تونس، مع تكوين وكالة عليا للإعلام تتبع رئاسة الجمهورية.

17- هدنة اجتماعية مع الإتحاد التونسي للشغل لمدة عامين، تتضمن تجميد الزيادات في الأجور وفي نفس الوقت، مراجعة كافة الأسعار وضبطها من قبل الدولة، بما يتماشى مع القدرة الشرائية للمواطن…

18- بعد إتمام كل هذا في ظرف عامين، يقع تمرير الدستور الجديد والقانون الانتخابي للاستفتاء. ثم تنظيم انتخابات تؤدي إلى قيام الجمهورية الجديدة.

تعليق

وتطرح هذه “المجموعة”، التي ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية، على مواقع التواصل الاجتماعي، الكثير من التساؤلات:

ـــ من يقف وراء هذه المجموعة المتخفية، التي حاول كثيرون الدخول إليها والتفاعل معها، دون جدوى، لأنّها تمنع أي تفاعل معها ؟ وهل يمكن لمن يدعو التونسيين إلى الخروج لتغيير منظومة حكم، أن يكون مثل ذلك “الرجل الخفي” ? L homme ( ou bien le groupe) invisible”  ….

ـــ بأي منطق دستوري، يمكن تنفيذ هذه الخارطة، وعلى معنى أي من الفصول التي تضمنها دستور 2014، بل حتى دستور 1959، الذي يطالب رئيس الجمهورية بالعودة إليه ؟

ـــ من سيأمر الجيش التونسي بتسيير البلاد ؟ هل هذه المجموعة المتخفية والمغلقة على نفسها، أم رئيس الجمهورية، أم جهات من داخل المؤسسة العسكرية ؟ أم أحزاب المعارضة، ومن منها يمكن أن يركب هذا الحصان المعتوه ــ كما يقول العرب القدامى ــ ؟

ـــ تبدو هذه المجموعة، ومن يقف خلفها أو يدعمها، شديدة الاحتقان ضد كل مؤسسات الدولة وفعالياتها، من البرلمان، إلى القضاء، واقتصاد البلاد، والعلاقات الخارجية للدولة، والاتفاقيات التونسية مع الخارج، والإعلام، وصندوق النقد الدولي، والمؤسسات الحيوية للدولة… إلخ، بما يعني أنّ برنامجها يتقاطع ــ حقيقة ــ مع الكثير من المضامين التي طرحها رئيس الجمهورية في خطاباته السابقة، تحت عنوان الفساد المستشري في البلاد، ومعضلة الأحزاب، ومنظومة الحكم، والإعلام الذي يقاطعه الرئيس، قيس سعيّد إلى الآن، إذ لم يجر حوارا صحفيا مع أي من المؤسسات الإعلامية التونسية منذ صعوده للرئاسة..
وعلى أية حال، فإنّ جزء مهما من مضمون هذه “الخارطة”، كان قد أعلن عنه كذلك، الأميرال، العكروت، في رسالة إلى الرأي العام التونسي، قبل بضعة أسابيع، مع فارق أساسي، وهو أنّ الأميرال، كشف عن اسمه وهويته، وتحرك من منطلق تقديره لدوره، ولوضع البلاد، أما هذه المجموعة، فكل ما يتضمنه بيانها، يصبّ في خانة التقاطع مع جزء ــ على الأقل ــ مما ورد من رسائل أو انطباعات أو مواقف لرئيس الجمهورية خلال المدة السابقة من رئاسته، وهو ما يجعل رئاسة الجمهورية، أمام ضرورة توضيح الموضوع للتونسيين، في علاقة بهذه المجموعة، حتى لا يترسخ اللبس الحاصل أصلا..   

ـــ أم أنّ “المجموعة” مجرد “فضفضة” سياسية فيسبوكية، أم هي لجسّ نبض الرأي العام التونسي، والسياسيين، بغاية “تقدير موقف” ؟

أسئلة سيتعرف المرء على الإجابات عنها يوم 25 جويلية وما يليه، لنرى مدى تفاعل التونسيين مع هؤلاء، الذين وصفوا بــ “الغربان”، وأصحاب “الهويات المثقوبة”، و”ساسة آخر الزمان”… وغيرها من الأوصاف والنعوت اللاذعة، فيما اعتبرهم آخرون “شجعانا”، و”وطنيين”، وأصحاب “الهمم العالية”..

من ضرائب الحرية والديمقراطية وأثمانها الباهضة، هي هذه “الأصوات” و”المواقف” و”المقاربات” و”الخرائط” التي تظهر فجأة لكي تثير الغبار من حولها، وثمة من الغبار من يغيّر الرؤية، ومنه من يفسد المشهد ويشوش على الناظرين..

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى