أهم الأحداثحقوقياتوطنية

“الرابطة”: الوضع الحقوقي متدهور.. ولوبيات الفساد تعبث في تونس

الرأي الجديد (متابعات)

حذرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، من تدهور الواقع الحقوقي في تونس خلال هذه المرحلة من الانتقال الديمقراطي، التي تفاقمت فيها انتهاكات حقوق الإنسان، في حرية التعبير، وخاصة في المجال الافتراضي والحرمة الجسدية للمواطنين.

ونبهت الرابطة في بيان لها اليوم الخميس، بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لتأسيسها، من استفحال ظاهرة الإفلات من العقاب التي حملت السلط المعنية المسؤولية “الجسيمة” في ارتكابها.
ولفتت رابطة حقوق الانسان، إلى أن السلطة القضائية تعيش وضعا حرجا، حيال لوبيات الفساد الذين يواصلون العبث بمقدرات الدولة، وفق البيان.
كما حذرت الرابطة، من عدم احترام الدستور والتباطؤ في بعث الهيئات الدستورية التي أقرها، وعدم الالتفات للقوانين المنافية للحقوق والحريات التي سنت زمن الاستبداد وأصبحت متنافية مع الدستور ومع المعايير الدولية في التشريع.

وفي ما يلي نص البيان: 

 

بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين

لتأسيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

07 ماي 1977 ــ 07 ماي 2020

 

تحيي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان اليوم 7 ماي 2020 في نخوة من العزّة والكرامة الذكرى الثالثة والأربعين لتأسيسها الرابطة هي الجمعية الحقوقية الأولى التي رأت النور عربيا وإفريقيا في وضع إقليمي ودولي عرفت فيه معظم الشعوب المستقلة حديثا شتّى ألوان الاضطهاد والعسف جرّاء طغيان أنظمة سياسية استبدادية عصفت بكلّ الحقوق الفردية والعامة واستفرد فيها الحكام بالسلطة يوظفونها لقمع كلّ صوت يرفع راية الحقّ ويتصدّى للظلم بأنواعه.
لئن كان ميلاد الرابطة في 7 ماي 1977 ميلادا عسيرا بحكم كثرة التشريعات التعسفيّة وعدم احترام المعاهدات والمواثيق الدولية المتصلة بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبفعل توظيف جانب من القضاء لقمع صوت المعارضة وإجهاض نضالات الحقوقيات والحقوقيين فإنّ الرابطة استطاعت أن تصمد في وجه كلّ الممارسات القمعية وشتى الإجراءات التعسفية بفضل ما قدّمه مناضلوها ومناضلاتها من التضحيات ما بلغ حدّ الذهاب بأعزّ أسباب حياتهم.
لقد خاضت الرابطة منذ تأسيسها وعلى مدى ثلاثة عقود أو يزيد نضالات مريرة وعلى أكثر من جبهة واحدة فدافعت عن مناضلي الحقوق والحرّيات الذين كانوا يحاكمون ظلما وعسفا ووقفت إلى جانب الفئات الاجتماعية المستغلة والمهمشة وناصرت الشعوب المضطهدة وفي مقدّمتها الشعب الفلسطيني وكرّست جهودها وخططها النضالية العامة في سبيل القضايا العادلة لعلّ أظهرها قضايا المرأة والطفولة والمعوقين والميز العنصري والأوضاع السجنية وغيرها وهو أمر جعلها في صدام مستمرّ مع أجهزة النظام الحاكم كاد يعصف بوجودها لولا الصمود البطولي لكافة الرابطيات والرابطيين فقد وقفوا سدّا منيعا دفاعا عن استقلالية الجمعية وضدّ كلّ محاولات الهيمنة على هياكلها المسيّرة وتصدّوا لكلّ أنواع الحصار الأمني والإعلامي ما مكّن الرابطة من إبلاغ صوتها إلى كافة الشركاء في الداخل والخارج.
هذا وقد تداول على المسؤوليات الرابطية وطنيا وجهويا طيلة أربعة عقود مئات من المناضلات والمناضلين ومن الشخصيات الوطنية من مختلف العائلات الفكرية والسياسية تطوعوا للدفاع عن حقوق الإنسان في تونس والعالم ونشر ثقافة المواطنة والتصدي للانتهاكات المختلفة التي تطالها لذلك لا يسع الهيئة المديرة للرابطة إلا أن تحيّي كل من أسدى خدمة لقضايا الحق والعدل في صلب الرابطة وكل ّمن أنفق من جهده ووقته القدر الذي أسهم في إحقاق الحق وإبطال الباطل والهيئة المديرة إذ تثمن الدور التاريخي لمن تولّوا مسؤوليات في الرابطة جهويا أو وطنيا وسعوا جاهدين إلى الحفاظ على كيان الرابطة وصون استقلاليتها، وإذ تكبر فيهم عطاءهم وتضحياتهم وتترحّم بالمناسبة على من غيّبهم الموت بعد أن طبعوا النضال الرابطي بميسهم الخاص فإنها تقدّر كلّ التقدير الأدوار العظيمة التي أضحى الشباب والنساء يضطلعون بها في الهياكل الجهوية والمركزية بعد عملية تعزيز الحضور النسوي والشبابي في هذه الهياكل مع إيمان صادق منها بأن الجيل الجديد من المناضلات والمناضلين في المسؤولية أو خارجها لن يدخروا جهدا من أجل تكريس حقوق الإنسان، كل الحقوق لكل المواطنات والمواطنين.
كما لا يسع الهيئة المديرة للرابطة إلا أن تنوّه بما أثمرته جهود أعضائها المتواصلة والمتراكمة من منزلة واعتبار في الداخل والخارج أهّلها لتكون أحد أضلع الرباعي الراعي للحوار الوطني كي تضطلع بدور الحكم بين الفرقاء السياسيين إثر الثورة والعمل على لمّ شملهم قصد المرور بالبلاد إلى مرحلة انتقال ديمقراطي حقيقي يجنب البلاد الأزمات الخطيرة الأمر الذي نالت به مع شركائها شرف الحصول على جائزة نوبل للسلام.
وبناء على هذا المكسب الاعتباري الدولي والوطني فإنّ الرابطة تأمل أن تواصل رسالتها الحوارية فتكون الفضاء الرحب لنقاشات معمقة حول التحدّيات المستجدّة والإشكاليات التي تواجه حركة حقوق الإنسان في سياقات سياسية واجتماعية ما فتئت تشتدّ وتعرف تقلّبات وطنيا وإقليميا ودوليا ، ووعيا من الهيئة المديرة بهذه المستجدات ستسعى أكثر من ذي قبل إلى تعزيز دفاعها عن سيادة الدولة الوطنية وعن نظام حكمها المدني والمواطني وستسعى إلى حفز مناضلاتها ومناضليها كي يتصدّوا للقوى الرجعية التي تحلم بالعودة بتونس إلى دولة تابعة أو إلى عهد ما قبل الدولة بزرع الفتن بين أفراد الشعب الواحد وإشاعة كل صنوف التعصب القبلي والطائفي.
ولئن حققّت الرابطة على مدى عقود من الزمن عدّة مكاسب حقوقية تخصّ الحريات الفردية والحريات العامة في بعدها الشمولي والكوني والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحركة الهجرة وحرية التنقل والأوضاع السجنية ووضع المرأة والطفولة والفئات الهشّة في المجتمع فإنّ أشواطا كبيرة مازالت الرابطة مدعوة على قطعها في مختلف المجالات الحقوقية كالحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي بدأت تعرف تدهورا مريعا جرّاء جائحة الكورونا والحق في الرعاية الصحية المجانية وذات الجودة المستوجبة إذ كشفت هذه الجائحة مدى الضعف الذي تعاني منه المنظومة الصحية العمومية و الحق في مسكن لائق إذ بيّنت الأزمة الأخيرة أنّ مئات الآلاف من التونسيات والتونسيين يفتقرون إلى مسكن لائق يؤويهم ويحفظ كرامتهم ويقيهم شرّ الأمراض والأوبئة الفتّاكة كما ستكون الرابطة مدعوة إلى مواصلة النضال في سبيل الدفاع عن حقوق الأقليات وعن المساواة التامة والفعلية بين الرجال والنساء وهي قضية مازالت تلقى عنادا من أصحاب العقليات المتحجرة وعن الحقوق البيئية التي استخفّت بها الرأسمالية المتوحّشة حتى جعلت حياة البشر في العالم تحت التهديد المستمر وعن حق الشعوب في تقرير مصيرها وهو حقّ ما فتئت الدول الاستعمارية تنتهكه بذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان.

 ويهم الرابطة في هذه الذكرى العزيزة على الرابطيات والرابطيين وعلى الحقوقيين بعامة أن تنبه الجميع إلى أنها ستواصل دورها الوطني عاقدة العزم على تحمل مسؤولياتها كاملة بدون تحامل ولكن بدون مجاملة أيضا لأي كان إزاء :

–       تدهور الواقع الحقوقي في هذه المرحلة من الانتقال الديمقراطي التي تفاقمت فيها انتهاكات حقوق الإنسان فطالت حرية التعبير وخاصة في المجال الافتراضي والحرمة الجسدية للمواطنات والمواطنين

–       واستفحال ظاهرة الإفلات من العقاب التي تتحمل السلط المعنية مسؤولية جسيمة فيها

–       الوضع الحرج الذي تعيشه السلطة القضائية حيال لوبيات الفساد الذين يواصلون العبث بمقدرات الدولة

–       وعدم احترام الدستور والتباطؤ في بعث الهيئات الدستورية التي أقرها وعدم الالتفات للقوانين المنافية للحقوق والحريات التي سنت زمن الاستبداد وأصبحت متنافية مع الدستور ومع المعايير الدولية في التشريع.

 إن الهيئة المديرة في هذه الذكرى المجيدة يهمها أيضا أن تحيّي كل مكونات المجتمع المدني الشريكة والمتعاونة وتدعو الجميع إلى بذل مزيد من الجهد والعطاء في اتجاه تعزيز التشبيك الناجع مع كافة مكونات المجتمع المدني من أجل المساهمة في إنجاز المهام الجسيمة المناطة بعهدتنا جميعا، خصوصا في هذه الفترة من تاريخ بلادنا التي تعثرت فيها عديد الاستحقاقات المتعلقة بتكريس مبادئ حقوق الإنسان ونشر ثقافتها.
عاشت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان قلعة للنضال الحقوقي ومدرسة للتربية على المواطنة.

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى