أهم الأحداثحواراتوطنية

عبد اللطيف المكي، وزير الصحة في حوار شامل لــ “الرأي الجديد”: الثورة أعطتنا فرصة لتحول جذري في السياسة.. و”الكورونا” تعطينا فرصة للتحوّل الاقتصادي لصالح التونسيين..

ـــــ ستوضع أمامنا عراقيل.. والمتنفذون قبل الثورة سيقاتلون من أجل تخريب كل عمل إصلاحي حفاظا على مصالحهم..

ـــــ جزء ممن يتحدّثون عن مقاومة الفساد اليوم هم جزء من منظومات الفساد قبل الثورة..
ـــــ الحكومة توخت الحل المكلف بتحمل نحو 10 آلاف مليار كإجراءات اجتماعية واقتصادية.. وبهذه الروح سننطلق لما بعد كورونا..
ـــــ تجنبنا 1200 وفاة خلال الشهرين الماضيين… لكنّ انخرام الالتزام بشروط الحجر الموجه قد يعصف بما توصلنا إليه..
ـــــ الاستثمار في القطاع الصحي سيجعلنا نتجاوز الانكماش الاقتصادي الراهن..
ـــــ أخشى أن تضيع الأفكار الكبرى لإصلاح قطاع الصحة في أزقة وزواريب التفاصيل القانونية والبيروقراطية الإدارية..
ـــــ “كوفيد19” فيروس طبيعي وليس فيه أيّ صبغة إجرامية.. ونحن نتعامل معه على هذا الأساس..
ـــــ مصالحة الدولة مع كفاءاتها الطبية مهمة الدولة والقطاع الخاص والنقابات..
ـــــ هذه طموحاتي في السياسة وفي مواقع القرار..  


تونس ــ الرأي الجديد / حوار صالح عطية

أكد عبد اللطيف المكي، وزير الصحة، على أنّ الثورة التونسية، “أعطتنا فرصة لتحول جذري في السياسة.. و(الكورونا) تعطينا فرصة للتحوّل الاقتصادي لصالح التونسيين”.
وأشار المكي في حوار شامل مع موقع “الرأي الجديد”، إلى وجود عراقيل سيحرص المتنفذون قبل الثورة على وضعها في طريق الحكومة، قائلا: “سيقاتل هؤلاء من أجل تخريب كل عمل إصلاحي، حفاظا على مصالحهم”، لكننا متوثّبون لتحقيق منجزات لشعبنا..

وكشف وزير الصحة، في هذا الحوار، الذي أجري معه بعد نحو أسبوع من محاولات الظفر بقليل من الوقت معه، بسبب أجندته التي لا تنتهي مواعيدها إلى ساعة متأخرة من الليل، كشف عن أنّ من يتحدّثون عن مقاومة الفساد اليوم، هم جزء من منظومات الفساد قبل الثورة، وهم لن يترددوا في تعطيل كل نفس إصلاحي في الدولة التونسية، حسب قوله..

وأعرب في ذات السياق، عن خشيته من أن تضيع الأفكار الكبرى لإصلاح قطاع الصحة،  في أزقة وزواريب التفاصيل القانونية والبيروقراطية الإدارية، مشددا على “أنّ الإصلاح إرادة وتوثب وجرأة..”، قبل أن يضيف بأنّ “الفريق الحكومي الحالي، وبخاصة رئيس الحكومة، إلياس الفخفاخ، يملك الصدقية الكافية للإقدام على الإصلاحات اللازمة”..
واعتبر عبد اللطيف المكي، أنّ القطاع الصحي، يعدّ قاطرة من قاطرات الاقتصاد الوطني في المرحلة المقبلة، والاستثمار في هذا القطاع، “سيجعلنا نتجاوز الانكماش الاقتصادي الراهن”، وفق تقديره.

وأوضح بأنّ الحكومة، توخت الحل المكلف، من خلال وضع حوالي 10 آلاف مليار،  كإجراءات اجتماعية واقتصادية، رغم صعوبة الظرفية، ووراثة الحكومة لوضع اقتصادي ومالي صعب، مؤكدا أنّه “بهذه الروح.. سننطلق لما بعد كورونا”..

وكشف وزير الصحة من ناحية أخرى، بأنّ بلادنا تجنبت 1200 وفاة خلال الشهرين الماضيين، لكنّه عبر عن خشيته من أن يحصل انخرام في الالتزام بشروط الحجر الصحي الموجه، “بما قد يعصف بالنتائج التي توصلنا إليها”، وفق تعبيره.

وفيما يتعلق بالجدل الدائر في العالم حول مصدر فيروس كورونا “كوفيد19″، وما إذا كان تم تصديره من مختبر صناعي، قال عبد اللطيف المكي، الطبيب العارف بخبايا المسائل العلمية والطبية، أنّ “نقاشات اللجنة العلمية التونسية، بشأن هذا الموضوع، تفيد أنّ الفيروس طبيعي، وليس فيه أيّ صبغة إجرامية”، مضيفا: “نحن نتعامل معه على هذا الأساس، وليس من مصلحتنا البتّة، الخوض في هذه المسائل، ما يعنينا هو ما يحقق سلامة المجتمع، وصيانة الأرواح والأبدان”..
وختم وزير الصحة حديثه بالتطرق إلى طموحاته السياسية وفي مواقع صنع القرار في المرحلة القادمة، وهو ما تتابعونه في تفاصيل هذا الحوار…

وفيما يلي نص الحوار..

ـــ سيد الوزير، كيف يبدو الوضع الوبائي العام في البلاد حاليا؟

** نحن دخلنا مرحلة من الاستقرار، ولذلك اتجهنا في الحكومة إلى الحجر الموجّه، غير أنّ هذا الاستقرار هشّ، ويمكن أن يتبخر في أي لحظة..

ـــ بفعل ماذا سيتبخر ؟

** بفعل انخرام الالتزام بالحظر الصحي، واختلال الخدمات الصحية في مسألة التقصي واستخراج الحالات الإيجابية وعزلها، لكي لا نمكنها من العدوى داخل المجتمع.. وهناك عنصر ثان، رغم أن احتمال وروده ضعيف، لأن الفرق الطبية والصحية، تمرست على القيام بمهماتها بصورة معقولة وجيدة، وهي تسيطر إلى حد كبير على الوضع، لكن الخوف يبقى مرتبطا، بمدى التفاعل الإيجابي من المواطنين، خصوصا خلال فترة الحجر الصحي الموجه.
لذلك نعتقد أن دور المواطنين مهم، في إنجاح الخطة الوطنية، وتحويل النتائج الإيجابية الحاصلة، وهي نتائج مؤقتة حاليا، إلى نتائج دائمة..
وفي تقديري، هذا واجب وطني وأخلاقي، لأننا رأينا دمارا وخسائر في الأرواح، وهي خسائر قد تتحول إلى مشكلات نفسية بما يشبه الصدمة، وهو ما حصل في دول أخرى، نحن تعاطفنا معها، ونواسيها في محنتها..
فالعاقل يقول، لا بد أن نختار الاستمرار في هذا الاستقرار، وأن نعمل جميعا على تجنيب بلادنا السيناريوهات السيئة، لا قدر الله.

ـــــ ما هي استراتيجية الوزارة في مجال المحافظة على هذا الاستقرار الذي تنظر إليه دول أكثر منا إمكانات وأموال، بعين كبيرة على الأقلّ ؟

** سياسة الوزارة، هي الاستمرار في سياسة التقصي واستخراج الحالات المصابة، ومعالجتها، وعزلها، إلى جانب القيام بالدراسات الوبائية، التي تبحث احتمالات تطور الوباء، ونسبة المواطنين الذين تعرضوا إلى الإصابة بــ “كورونا”، ومراقبة حالات الوفيات ومدى تطورها أو تراجعها، وهل ستنخفض، أم ستتصاعد، وكيف يتم هذا الانخفاض؟؟ فكل هذه المؤشرات والمعطيات، نستخدمها بالتقاطع، لمتابعة الوضع الوبائي وحصره، ومعرفة تطوراته في أدقّ التفاصيل، بالإضافة إلى في البحث العلمي، وخاصة فيما يتعلق بفهم هذا الفيروس، وتقديم ما يمكن أن يفيد البشرية في إيجاد اللقاح الذي يساعد الإنسانية على التوقي من هذا المستجدّ على حياتهم.. وبالطبع نشتغل بالتوازي مع ذلك على تهيئة الإصلاحات الكبرى في القطاع الصحي..

ـــــ سنأتي إلى موضوع الإصلاحات، لكن على ذكر البحث العلمي، أنتم هنا كيف تقيمون التصريحات والتسريبات التي تتحدث عن كون هذا الفيروس، من صنع إحدى المختبرات الصينية، وبالتالي، فالمسألة مرتبطة بأغراض سياسية، والتعاطي معه، لا بد أن يكون على هذا الأساس.. ما رأيك ؟

** كل النقاشات التي تجري داخل اللجنة العلمية، عندما تتعرض إلى مصدر الفيروس، تؤكد أنّ “كوفيد19″، فيروس طبيعي، وليس فيه أيّ تلاعب يستحق الذكر، ونحن نبني على هذا.. ليس من مصلحتنا البتّة، الخوض في هذه المسائل.. من مصلحتنا ما يحقق سلامة المجتمع، وصيانة الأرواح والأبدان..

ـــــ عندما نقول فيروس طبيعي، ما هي مآلات ذلك على المستوى الطبي والصحي والسياسي ؟

** هو طبيعي، بمعنى أنه ليس هنالك ما يشير إلى وجود مصدر إجرامي، أو صبغة إجرامية لبروز الفيروس، فالحديث عن التصنيع، يحيل إلى وجود غايات أخرى..الفيروس عندما ينتقل من مخزنه الطبيعي (  son réservoir)، فهو حيوان، والكوفيد19، مخزنه، هو خفاش الليل، الذي نسميه عندنا “طوير الليل”، هذا الفيروس، انتقل إلى الإنسان، والجسم البشري ليس متعودا عليه، لكن في تقدير الخبراء والعلماء، أنه سيتعود عليه، شيئا فشيئا (سنتان أو ثلاث سنوات)، كما أنّ الأجسام ستتعايش معه مستقبلا، أو يتم اكتشاف لقاح أو دواء مضادّ له..
الفرق في كيفية دخول الفيروس، ثمّة الدخول الهادئ للفيروس، بحيث لا يحدث هذا العدد الهائل من الوفيات، والإضرار بالأرواح والمعنويات، وهناك الدخول العاصف، الذي رأيناه في دول أخرى صديقة، نأسف بالطبع لما حصل فيها.. (وحرص وزير الصحة، على التأكيد، بأنّ هذا التوصيف الذي قدمه، ليس توصيفا علميا، وإنما هو من قبيل الاستخدام اللغوي لتقريب الفكرة للرأي العام)..

ـــــ هل تجنبت تونس السيناريو الأسوأ فيما يتعلق بتطورات الفيروس، ومدى تفشيه بين المواطنين ؟

** نحن إلى حدّ الآن، تجنبنا هذا.. هناك دراستان، واحدة تتنبّأ برقم وفيات، كان يمكن أن يحصل، وقد تمكنا من تجنبه بين 1000 و1200 وفاة في ظرف وجيز، أي بمعدّل 20 وفاة يوميا، وهذا ثقيل على الرأي العام في بلادنا، وهناك دراسة ثانية، ذكرت أنّنا تجنبنا الألف وفاة.. لكن رغم ذلك، فالسيناريو الأسوأ، وارد في كلّ لحظة، عندما  ينخرم الالتزام بالحجر الصحي، خاصة بعد أن دخلنا مرحلة الحجر الصحي الموجّه، فلا يجب على الناس أن يمططوا في شروطه وإجراءاته، بشكل يتحول إلى أشبه ما يكون بالحالة العادية.. نأمل أن يكون هناك التزام صارم وتقيّد بما تحدده الدولة، والشركات والمؤسسات التي ستستأنف العمل..

ـــــ لكن وارد كذلك، أن لا يلتزم الناس بالإجراءات الجديدة، أي الحجر الصحي الموجّه.. وقد تجاوز المواطنون الحجر الشامل.. أليس كذلك ؟؟

** كل التجارب تقول إنه ليس ثمة أفضل من الالتزام الذاتي للمواطن… دول مثل كوريا وألمانيا، لم يغلقا حدودهما، ولم يلتجئا إلى الحجر العام، بفضل وعي المواطنين.. أعتقد أنّه حصلت عندنا قفزة، وهناك وعي ملحوظ، نأمل أن يتدعم خلال الحجر الموجّه، بحيث يكون الالتزام ذاتيا، لأنّ الناس يقارنون بين ما حصل لبلدان صديقة وشقيقة، وما يجري في بلادنا.. وأتصور ــ بناء على ذلك ــ  أن يكون هناك التزام من مواطنينا..

ـــــ هل يمكن القول أن القطاع الصحي سيخرج مستفيدا من هذه المرحلة على مستوى التمويلات والبنية الصحية اللازمة ؟  

** نأمل ذلك.. وهناك برنامج لإصلاح القطاع، نتمنى أن يستفيد من هذه الهبّة، وهذه الصحوة، التي أدرك معها كل تونسي، أهمية قطاع الصحة.. اليوم لم نجد أماكن، بوسعها أن تكون مراكز تحتوي مخابر للتحليل، إلا في المدن الكبرى.. بل إنّ المدن الكبرى، التي أنشأنا فيها هذه المراكز المتطورة، تشكو الكثير من الهنّات، ولذلك أعتقد أنّ أفضل درس من “كورونا”، هو أن نهتمّ بقطاع الصحة والاستثمار في هذا الميدان.. الاستثمار اللامادي، بما هو تطوير للمنظومات والتقنيات والبرمجيات، ذات العلاقة بالقطاع، والإصلاح المادي، بما هو تجهيزات وبنية صحية ضرورية.. فالمجال الصحي، قاطرة من قاطرات الاقتصاد، وأفق لتطويره..
التقديرات تتحدث الآن، عن أنّ الانكماش الاقتصادي، حاصل في كل بلدان العالم.. وتقديري أنّ معالجة الانكماش، يكون بالاستثمار في القطاع الصحي، الذي بإمكانه أن يكون قاطرة لتدارك هذا الانكماش، ويستفيد المواطنون من تحسين الأوضاع والظروف والإمكانات الصحية، خاصة وأنّ الرؤى والأفكار موجودة.. تناقشنا طويلا.. وحللنا كثيرا.. الآن علينا أن نمر إل التجسيد على الأرض..

ـــــ هل تصالحت الدولة مع كفاءاتها الطبية، بفعل هذه الأزمة، خصوصا بعد هجرة الكثير منهم إلى الخارج في السنوات الماضية ؟

** المصالحة على المستوى النظري، موجودة، لكن ينتظر أن تتجسد على أرض الواقع..

ـــــ الكرة عند الدولة عندئذ…

** الدولة، والقطاع الخاص والنقابات، الجميع له دور في ذلك.. فإيجاد المناخات الملائمة والإيجابية، يمكن أن يدعم هذه المصالحة، وهي تستحق مشاركة الجميع وانخراطهم.. لا شكّ أنّ مسؤولية الدولة في المقدمة، لأنها ستوفر المستلزمات القانونية والمادية لهذا التجسيد..
لقد تابعنا، كيف تم استدعاء الأطباء الأجانب في أوجّ الأزمة، وأعطى منحا ضخمة لهذه الكفاءات المغاربية، لجلبها والاستفادة منها.. ولذلك، علينا أن نعي ذلك.. وألا نتردد..

ـــــ كأنّك تخشى شيئا ما في هذا المجال…

** نعم، لديّ خشية من أن تضيع الأفكار الكبرى لإصلاح قطاع الصحة، في أزقة وزواريب التفاصيل القانونية والإدارية والبيروقراطية..
أخشى من تعطيل ذلك، ووضع الأفكار والإصلاحات الكبرى، في ثلاجة، لإدخالها في تفاصيل قانونية: فاصل هنا.. وكلمة هناك.. في حين أنّ الإصلاح يقتضي جرأة وتوثبا للإنجاز، وبعد ذلك، يمكن أن نعالج التفاصيل..
لديّ مخاوف حقيقية من حصول هذا الأمر، لكن لديّ ما يطمئن أيضا، وهي إرادة أهل القطاع والحكومة، بل رئيس الحكومة تحديدا، الذي يؤمن بأن قطاع الصحة، هو أحد أهم الورشات الكبرى في المستقبل..

ـــــ ماذا أعددت كوزير للصحة، لوضع حدّ لهذه المخاوف ؟

** أعددت الأفكار والصدق، والثقة في قطاع الصحة، برجاله ونسائه، إلى جانب الثقة في الحكومة ونواياها..

ـــــ هل تشعرون أنّ هناك مساندة إقليمية ودولية لتونس في هذه الأزمة ؟

** المساندة النظرية، موجودة، ولكنّ الوباء جثم على الجميع، بدرجة أنّه .. ففي مرحلة أولى، جعل كل الدول تهتمّ بشأنها الداخلي.. فالعالم “داخ”، كما يقول التعبير التونسي، لكن بعد ذلك، حصلت الصحوة، واستعاد العالم لغته التضامنية.. ونتمنى أن نبني على ذلك..

ـــــ هل كانت الحكومة محظوظة بفعل هذه الأزمة، خصوصا لجهة التضامن الحكومي، وسط تسريبات تتحدث عن وجود عدم انسجام صلب الفريق الائتلافي الحكومي، وهناك بيانات وتصريحات تشير إلى هذا الأمر.. إلى أي مدى يبدو هذا دقيقا ؟

** أي شيء يصيب الشعب وينال من البلاد، لا يمكن أن يمثل حظا لحكومة وطنية وديمقراطية، وإنما طريقة مواجهة الحكومة، قد تكون هي الحظّ..
فمن خلال اتخاذ الحكومة لإجراءات مكلفة، ووضعها الهدف الصحي ضمن أول أولوياتها، قبل أي هدف آخر اقتصادي أو اجتماعي، هذا في حدّ ذاته، فلسفة ناجحة.. وأن يتحمّل الاقتصاد الوطني، ما يقرب من 10 آلاف مليار، كإجراءات اجتماعية واقتصادية، في ظل تعطل المؤسسات والنسيج الاقتصادي، وأن تتخذ هذه الإجراءات في وضع اقتصادي متدهور، ورثته الحكومة، فهذه فلسفة أعطت أكلها..
وفي تقديري، لا بد من البناء على هذه الروح..

ـــــ هل استعدّت الحكومة لسيناريو الخروج ما بعد أزمة “كورونا” ؟

** هذا يجري الاشتغال عليه الآن، من خلال تطويع خطة الحكومة التي عرضناها على مجلس نواب الشعب، وحصلنا بموجبها، على ثقة البرلمان، بحيث يتم إدخال تغييرات جذرية، نعكف على مناقشتها منذ فترة، من خلال التعامل بطريقة الدوائر: دائرة دائرة.. الدائرة المالية، والدائرة القانونية (المراسيم)، وغيرها.. هناك أيضا تقديرات قطاعية للخروج من الأزمة سريعا، والشروع في الانتعاشة الاقتصادية..

ـــــ ما هي الشروط الضرورية لذلك ؟

** ما لم يكن جائزا في وقت سابق، أصبح اليوم جائز، بل ضروري.. فالثورة أعطتنا فرصة لتحول جذري في السياسة.. الكورونا تعطينا فرصة لتحوّل جذري في عالم الاجتماع والاقتصاد.. ولا بدّ من اغتنام هذه الفرصة..

ـــــ في أيّ اتجاه سيدي الوزير ؟

** في اتجاه الإصلاحات.. إصلاح المنوال التنموي.. إصلاح القطاعات الرئيسية.. تطوير المنظومات الوطنية.. والورشات الوطنية التي تتحدّث عنها رئيس الحكومة.. هذه الفرصة الآن، لكي تنجز بطريقة جذرية ومبدئية..

ـــــ هل لدى الحكومة هذا الهاجس الإصلاحي، بهذه النجاعة التي تتحدّث عنها ؟

** هذا توجّه الحكومة.. وهذا ديدنها.. وأقدّر أنّ نسبة الصدقية في صفوفها، عالية، لأنني أعرف جلّ الفريق الحكومي، وأعرف السيد رئيس الحكومة شخصيا، الذي هو ابن الفلسفة الجديدة لتونس، فلسفة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. فالرجل ينحدر من العائلة الديمقراطية والاجتماعية..
بالتأكيد، ستكون هناك عراقيل.. لأنّ الوضع في تونس منذ الثورة إلى اليوم، مكيّف لخدمة من كانوا متنفذين قبل الثورة.. وهم سيقاتلون من أجل ألا يتغيّر هذا الوضع.. ولديهم قدرات قوية على التخريب والمحافظة على مصالحهم..

ـــــ عمن تتحدث تحديدا.. كأنك تشير إلى طرف ما ؟

** اليوم جزء ممن يتحدّث عن مقاومة الفساد، هم جزء (وأرجو أن تضع سطرا على كلمة جزء)، من منظومات الفساد قبل الثورة.. وهم يستغلون هذه القضية المقدّسة لدى الشعب، لكي يحاولوا عرقلة الإصلاح، متهمين إياه بأنّه فساد.. وهذا يقتضي من الحكومة قدرة تواصلية كبيرة.. وكل النخب التي تغار على الثورة، أن تكشف هذه المنظومات، وأن تصل هذه الحقائق إلى الشعب، حتى نمضي باتجاه الإصلاح الحقيقي، والمقاومة الحقيقية للفساد..

ـــــ تحول عبد اللطيف المكي إلى رمز مهم في البلاد والعالم، حتى أنّ صفحات عربية أطلقت عليك اسم “الجنرال”.. ألا تخيفك مثل هذه الألقاب ؟ ألا تخشى من منافسيك ؟

**  ليست لديّ أية خشية، لأنني لا أطلب شيئا.. أي مكان أوجد فيه، أبذل قصارى الجهد للإفادة، سواء تعلق الأمر بموقع حزبي، أو موقع في حيّ بسيط، أو وزارة، أو غيرها…
السلطة، ليست من المسائل التي أخشى عليها..

ـــــ لكنك مناضل سياسي، وبالتأكيد لديك طموح سياسي…

** طموحي، أن أخدم الناس.. وهذا ما تربينا عليه منذ الصغر.. خدمة الناس، يمكن أن تكون بمساعدة عجوز على قطع طريق، ولعب دور خيري في حيّ من الأحياء.. كما يمكن أن تكون ضمن قيادة وزارة أو قطاع أو منظمة.. شخصيا لا أبحث عن أهداف شخصية، وسيصطفى المرء إلى ما هو أهل له.. هذه فلسفتي في الحياة..

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى