أهم الأحداثمقالات رأي

السيناريوهات الصعبة: “أزمة شهر العدّة” …


                       بقلم / رياض الشعيبي*

بلغت الأزمة السياسية في تونس مرحلة متقدمة حتى كاد مسار تشكيل الحكومة يستوفي كل الاجال القانونية المتاحة. لذلك تتهيؤ البلاد لدخول مرحلة جديدة تكتنفها الضبابية والتجاذب الحاد بين مختلف الاطراف الفاعلة مؤسسات دستورية واحزاب ومنظمات.

ترتسم اذن مجموعة من السيناريوهات التي يمكن ان نواجه بعضها خلال أيام:

1 ــ نجاح حكومة الياس الفخفاخ في نيل ثقة البرلمان بعد تنازلات متبادلة مع حركة النهضة قبل 19 فيفري. عندها ستصبح هذه الازمة جزءا من الماضي وسننتقل اطور اخر في البلاد.
يبدو هذا الاحتمال ضعيفا رغم كل الوساطات والضغط المسلط على هذا الطرف أو ذاك.
2 ــ انتهاء مسار تشكيل الحكومة بالفشل ودخول البلاد في مرحلة فراغ تدوم شهرا كاملا، قبل دعوة الرئيس لانتخابات عامة مبكرة. ولىن كان من غير المفهوم تضمين هذا الشهر داخل الدستور، الا أن رئيس الجمهورية مطالب بالالتزام به لاستيفاء الاجال القانونية.
حينها ستدخل البلاد من جديد في أجواء انتخابات ستكشف عن اسرارها قبل 15 جوان القادم.
هذا السيناريو الاكثر وضوحا والاقوى من جهة امكانه.
3 ــ سيناريو النزاع الدستوري، حيث تهدد حركة النهضة بسحب الثقة من حكومة الشاهد بعد فشل تشكيل حكومة الفخفاخ. وتكليف شخصية اخرى بتشكيل حكومة جديدة ستضمن لها المصادقة عند المرور امام المجلس. ولان هناك اختلاف واضح في تأويل الدستور بين الرئيس وحركة النهضة فان الامر لن يكون سهلا بالنسبة اليها.
فالرئيس لا يرى اية امكانية للخروج من الفصل 89 الى فصول اخرى من الدستور. وبالتالي يعتبر ان نهاية رحلة تشكيل الحكومة تقف عند هذا الفصل ولا يفيد بعدها غير الذهاب لانتخابات مبكرة.
غير ان حركة النهضة تستجير بالفصل 97 الذي يعطيها حق تقديم لائحة لوم ضد حكومة الشاهد أثناء “شهر العِدّة” الذي تضمنه الدستور قبل تفعيل صلاحيات رئيس الجمهورية في الدعوة لانتخابات مبكرة.

لكن نقول ان الأمر ليس هينًا لسببين:

ـــ الأول أن توجه حركة النهضة غير مفهوم بالكامل في هذا الخصوص: هل تقصد بتشكيل حكومة جديدة قطع الطريق على يوسف الشاهد حتى لا يستمر لمدة اطول في رئاسة الحكومة الحالية، لكن ليس ان يحول ذلك دون تنظيم الانتخابات المبكرة ؟
أم ان حركة النهضة تريد أن تستعيد حقها الدستوري في تحديد رئيس الحكومة المكلف، بعد فشل حكومة الشخصية الأقدر التي اختارها رئيس الجمهورية. وبالتالي تريد ان تتجنب فكرة الانتخابات المبكرة التي يصبح من غير القانوني الدعوة اليها ؟
ـــ الثاني ان الدستور التونسي حافظ على نوع من التوازن في منح الصلاحيات، الامر الذي يمكن ان يستعمله رئيس الجمهورية لاستباق اية محاولة من النهضة لاقالة الحكومة. فباستطاعة رئيس الجمهورية ان يدفع يوسف الشاهد لتقديم استقالته، حينها يصبح من حقه وحده تكليف شخصية جديدة لتسيير حكومة تصريف اعمال الى حين انتهاء الانتخابات وتشكيل حكومة ذات اغلبية في المجلس. وفي هذه الحالة اعتقد ان يوسف الشاهد لن يرفض طلب رئيس الجمهورية هروبا من حجب الثقة في البرلمان وانحيازا لرئيس الجمهورية كما بدا في المدة الاخيرة.
وفي حين يبدو السيناريوهين الأول والثاني واضحين في مساراتهما، يعمق السيناريو الثالث الأزمة السياسية في البلاد ويفتحها على مآلات غير واضحة.

* باحث في الشؤون السياسية

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى