أحداثأهم الأحداثدولي

طبول “حرب غاز” بين روسيا وأمريكا.. هل تصبح أوروبا رهينة ؟

عواصم ــ الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)

يشهد الصراع على إنتاج الغاز وتصديره تطورات مثيرة، بعد توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قانون عقوبات ضد الشركات العاملة في تنفيذ مشروع خط السيل الشمالي2 “نورد ستريم 2″، باعتباره تهديدا للأمن القومي الأوروبي.
ويستهدف “نورد ستريم 2″، مضاعفة الطاقة الاستيعابية لنقل الغاز الروسي مباشرة إلى أوروبا (وتحديدا ألمانيا بصفتها أكبر المستفيدين)، وهو ما يثير مخاوف أمريكا من أن تصبح أوروبا رهينة الاعتماد على الغاز الروسي.
ويعد “نورد ستريم” أكبر خط أنابيب تحت البحر في العالم، وتصل طاقته الاستيعابية السنوية 1.9 ترليون قد مكعب، وتقدر إيراداته مع بدء تشغيله بنحو 7 مليارات يورو (7.8 مليارات دولار)، ويمر أسفل بحر البلطيق عبر مياه روسيا، فنلندا، السويد، ألمانيا والدنمارك، ويتجنب المرور عبر أوكرانيا.
وبدأ تنفيذ “خط الأنابيب” على عدة مراحل بدأت بـ”نورستريم1″ في 2011، وتم الانتهاء منه في 2012، ثم “نورستريم2” في 2018 ويتوقع أن يتم الانتهاء منه خلال 20 يوما (2020)، بحسب شركة “روس إنرجي”.

“انسحاب ألسيز”
ويعد قانون العقوبات، الذي وقعه ترامب الجمعه الماضية، جزءا من مشروع إنفاق دفاعي ضخم تبلغ قيمته 738 مليار دولار، ويمنح ترامب 60 يوما لفرض عقوبات على السفن التي تشارك في “نورد ستريم 2″، والأشخاص الأجانب الذين يساعدون تلك السفن. كما تشمل العقوبات أيضا مشروع “تورك ستريم”، وهو خط أنابيب روسي آخر ينقل الغاز إلى تركيا.
ويضم المشروع شركة “غازبروم”، صاحب الغالبية فيه، وعدة شركات أوروبية: المجموعتان الألمانيتان “وينترشال” و”يونيبر”، المجموعة الهولندية-البريطانية “شل”، المجموعة الفرنسية “انجي” والنمساوية “أو. ام. في.”.
وفور إقرار القانون، أعلنت شركة “ألسيز” السويسرية (التي تقوم بتشغيل سفن متخصصة للغاية تتولى نقل الأنابيب الخاصة بالمشروع)، وقف مشاركتها في إنشاء الخط حتى إشعار آخر.
وقالت “ألسيز”، في بيان لها، السبت، إنه سيُجرى استئناف العمل بالتوافق مع التشريع، مضيفة أنها تنتظر مساعدة في التوجيه من قبل السلطات الأمريكية المختصة، والتي تتضمن إيضاحات تنظيمية وتقنية وبيئية ضرورية.

“تحد روسي”
ونقلت وكالة “إنترفاكس” الروسية عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأحد، أن موسكو تعتزم الرد على الإجراءات الأمريكية الجديدة.
وقال لافروف، إن مشروعي خطي أنابيب “نورد ستريم “2 و”ترك ستريم” لنقل الغاز سيدشنان بالرغم من العقوبات الأمريكية، موضحا أن “الأوروبيين يدركون مصالحهم الاقتصادية وكذلك أمنهم على صعيد الطاقة على المدى الطويل”.
وأضاف: “لقد تعرضوا لإهانة. غير أننا سمعنا تصريحات، خصوصا من برلين، تظهر أن احترام الذات لدى شركائنا الأوروبيين لا يزال مصانا”.
وفي وقت سابق من تصريحات لافروف، أعلنت الحكومة الألمانية، رفضها العقوبات الأمريكية على الشركات المشاركة في “نورد ستريم2″، مؤكدة أنها تعد تدخلا في الشؤون الداخلية وتمس بعمل شركات ألمانية وأوروبية.
وعلق السفير الأمريكي لدى برلين، ريتشارد غرينيل، على الرفض الألماني للعقوبات الأمريكية، قائلا: “سمعنا منذ فترة طويلة من شركائنا الأوروبيين أن الولايات المتحدة يجب أن تدعمهم في جهودهم”.
وأوضح السفير الأمريكي، وفقا لصحيفة “بيلد”، أن هناك 15 دولة أوروبية إضافة للمفوضية والبرلمان الأوروبيين أثارت مخاوفها بشأن المشروع”، معتبرا أن العقوبات الأمريكية موالية بالكامل لأوروبا.

“حرب ساخنة”
وفي إجابته على سؤال: هل يشعل “نورد ستريم2” فتيل “حرب الأنابيب”؟ بحسب التطورات التي تشهدها سوق الغاز، استبعد أستاذ الفيزياء النووية بجامعة باريس، إلياس وردة، أن تصل الأزمة لمرحلة حرب مباشرة.
وقال وردة في حديثه لـ”عربي21”: “الكل يدافع عن مصلحته، لكن الأمور لن تصل لحالة حرب ساخنة مباشرة، وقد يترتب عليها حروب بالوكالة”.
وأوضح أن العقوبات الأمريكية ضد مشروع إمداد الغاز الروسي لأوروبا أصبحت قانونا، وليس قرارا، وهو ما يعني أن مسؤولية تنفيذ القانون تقع على عاتق أي إدارة أمريكية وليس إدارة ترامب فقط، مؤكدا أن القانون يمنح الإدارة الأمريكية حق فرض عقوبات على الحكومات أيضا وليس الشركات العاملة فقط.
واعتبر وردة أن القانون الأمريكي يعد بمثابة وسيلة ضغط على روسيا، وسيزيد المنطقة والعالم اشتعالا قائلا: “إذا كانت أمريكا تمتلك سلاح العقوبات، فروسيا تمتلك نفوذا عسكريا في مناطق عدة مثل سوريا والعراق وأفريقيا، ويمكن استغلال المناطق الساخنة عسكريا لتهديد المصالح الأمريكية”.
وتابع: “المنطقة مشتعلة بالفعل، ولا يمكن فصل الحروب في المنطقة وخاصة في سوريا عن أبعادها الاقتصادية المرتبطة بالهيمنة على مصادر الغاز والنفط، وتدخل إيران بالحرب في سوريا كان يستهدف تسهيل مرور خط الغاز من إيران عبر العراق وسوريا ووصوله للبحر المتوسط لتصديره إلى أوروبا”.

“حاجة أوروبا”
ومن ناحيته، أكد الخبير الاقتصادي، والمهتم بشؤون النفط والطاقة، مصطفى بازركان، الصراع على الغاز بدأ منذ سنوات، مضيفا: “كان هناك مشروع نابوكو لمد الغاز إلى جنوب أوروبا عبر تركيا تمت عرقلته. وكان خط “نورد ستريم1″ الذي ينقل الغاز الروسي لأوروبا. ثم بدأت ثورة الغاز الصخري الأمريكي وبدأت أمريكا تصدر الغاز لأوروبا تنافسيا اقتصاديا وسياسيا مع روسيا”.
وتابع: “حين تم إقرار مد “نورد ستريم 2″ لتزويد الغاز الروسي لألمانيا أوعزوا للدنمارك برفض مد الخط في مياهها وكان إصرار روسي ألماني لإكمال المشروع مطلع 2020، فجاءت العقوبات الأمريكية”.
وأشار بازركان، إلى أن “الغاز أصبح مصدر الطاقة الأنظف للبيئة، ورخص أسعاره الحالية تشجع على تدشين مشروعات عديدة، لافتا إلى أن مكامن غاز شرقي المتوسط هي سبب لنزاع قادم وقد بدأت ملامحه حاليا”.
وأردف: “الغاز الطبيعي ومكامنه إما أن يكون سببًا لمواجهات ونزاعات اقتصادية وقد تتصاعد عسكريًا في السنوات القادمة، أو أن يكون سببًا لحلول اقتصادية وسياسية تؤدي إلى تحالفات اقتصادية، وقد يتضمن ذلك أعداء اليوم ليتحولوا إلى حلفاء الغد، خاصة في منطقة شرق المتوسط، لأن حاجة أوروبا للغاز تدفعها لضمان مصادره القريبة”.
المصدر: “العربي21”

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى