خبراء ومحللون يتساءلون: هل تنصف القمة العربية الفلسطينيين.. أم تنفذ خطة ترامب ؟

القاهرة ــ الرأي الجديد
ينتظر أن تنعقد قمتان عربيتان خلال الأيام العشرة القادمة، إحداهما مصغرة في الرياض (الخميس المقبل) والثانية موسعة في القاهرة، خلال الأسبوع الأول من شهر مارس القادم، لعرض خطة مصر الأردن، على الرؤساء العرب، وسط تساؤلات، حول ما إذا كانت هذه الخطة، منصفة للفلسطينيين، أم أنها ستكون، مدخلا جديا لتنفيذ خطّة ترامب في التهجير القسري للفلسطينيين ؟؟
وأثارت أنباء تأجيل القمة العربية المقررة بالقاهرة 27 فيفري الجاري، لتعقد بالأسبوع الأول من مارس المقبل وخلال شهر رمضان، لتضارب أجندات بعض القادة العرب وفق تأكيد الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي، التساؤل حول احتمالات وجود خلاف عربي حول خطة مصر، أو رفض إسرائيلي وأمريكي لها، استدعى التعديل من ثم التأجيل.
وتحدث الصحفي المصري جمال سلطان، عن “انقسامات عربية تجاه خطة إعمار غزة، واليوم التالي فيها بعد وقف الحرب، وإدارة القطاع، ووضع المقاومة”، مؤكدا أنها قد تؤدي لتأجيل القمة العربية، لأجل غير معروف، مشيرا إلى أن “الضغوط الأمريكية تفجر توترات في العواصم العربية”.
وفي السياق، توقع أستاذ الإعلام السياسي الدكتور ناصر فرغل، بعد تأجيل القمة العربية بالقاهرة “إلغاء الاجتماع والقمة الإسلامية نظرا للتباين الشديد بمواقف بعض الدول، خاصة وأن بعضها يؤيد تماما تهجير الفلسطينيين من غزة، بينما ترى دول أخرى حتمية استبعاد قادة وأعضاء حركة حماس لخارج غزة”.
وتوقع أن يتم الاكتفاء بالاجتماع الخماسي المقرر عقده بالرياض الخميس القادم، بمشاركة السعودية ومصر والأردن والإمارات وقطر دون السلطة الفلسطينية، كما توقع أن يلتقي ترامب بالزعماء المشاركين في القمة الخماسية على هامش الاجتماع المرتقب بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السعودية.
ملامح المشروع البديل
وفي الأثناء، وبينما يجري الحديث عن قمتين عربيتين واجتماعات تمهيدية التقى السيسي، الأحد الماضي، وللمرة العاشرة رئيس الكونجرس اليهودي العالمي “رونالد لاودر”، فيما جرى الحديث خلال اللقاء الذي حضره رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد، عن خطة مصر لإعمار غزة دون تهجير سكانها، والتي أعرب لاودر، عن تأييده لرؤية مصر.
كما استقبل السيسي، الأحد، ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله، وبحث معه خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين وأكدا على”موقف الأردن ومصر بضرورة إعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير الشعب الفلسطيني الشقيق”.
والجمعة الماضية، نقلت وكالة “رويترز”، مقترح القاهرة مؤكدة أنه “يتضمن تشكيل لجنة فلسطينية لحكم قطاع غزة دون مشاركة حركة حماس، وتعاونا دوليا في إعادة الإعمار دون تهجير الفلسطينيين، إضافة إلى المضي نحو حل الدولتين”، بالإضافة إلى “إنشاء منطقة عازلة وحاجز لعرقلة حفر الأنفاق عبر حدود غزة مع مصر، وإنشاء 20 منطقة إسكان عبر 50 شركة مصرية وأجنبية بـ”أموال دولية وخليجية”..
وبينما لم يستبعد المتحدثون للوكالة، إنشاء صندوق باسم “صندوق ترامب لإعادة الإعمار”، أكدوا على أن “إجبار حماس على التخلي عن أي دور في غزة سوف يكون ضروريا”.
و”سبق أن قالت حماس إنها مستعدة للتخلي عن حكم غزة للجنة وطنية، لكنها تريد أن يكون لها دور في اختيار أعضائها، ولن تقبل نشر أي قوات برية دون موافقتها”.
الموقف الإماراتي
من جانبه، أكد الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله، أن المشروع العربي البديل لغزة يتضمن: “توفير 20 مليار دولار من حكومات عربية ورجال أعمال عرب، وبناء 200 ألف وحدة سكنية في غزة خلال 3 سنوات، وبقاء سكان غزة، وتخلي حماس عن إدارة غزة، وتشكيل لجنة وطنية فلسطينية تشرف على عمليات الإغاثة”.
وكان السفير الإماراتي بواشنطن يوسف العتيبة، قد كشف عن موقف بلاده من خطة ترامب خلال المنتدى العالمي للحكومات في دبي 2025، معلنا أنه لا يرى بديلا عن العرض الأمريكي الحالي بشأن غزة.
هل تنتصر لغزة؟
وفي رؤيته، حول ما تم تسريبه عن خطة مصر، أكد الناشط الدكتور أحمد مطر، أن أهل غزة سيرفضون الخطة المصرية، مشيرا إلى أنها خطة تتضمن: “إدارة عسكرية وأمنية مصرية لقطاع غزة، بحيث يتم نشر قوات أمن مصرية داخل القطاع، بحجة الإشراف على إعادة الإعمار وضمان الأمن”.
وأشار إلى “تمويل خليجي لإعادة الإعمار، بشروط تتعلق بإعادة تشكيل غزة عمرانيا وأمنيا، وسلطة فلسطينية مدنية تابعة لمصر، تعمل كواجهة سياسية للمشروع، لكنها ستكون خاضعة للقرار المصري بالكامل، مع ضمانات دولية لحماية المشروع، عبر إشراك أمريكا والأمم المتحدة بعمليات الإعمار، لضمان عدم خروج الأمور عن السيطرة”.
وعلق مطر، قائلا: “الهدف الحقيقي هو منع المقاومة من استخدام أي بنية تحتية لمصلحتها، وتحويلها إلى كيان منزوع السلاح بالكامل”، مضيفا أن “السيسي أكبر كنز استراتيجي للصهاينة، فهو الذي قدّم لهم ما لم يحلموا به منذ عقود ؛ محاصرة غزة، وإغلاق الأنفاق، وإغراقها بالمياه، وتهجير أهل سيناء، والمشاركة بصفقة القرن”، متسائلا: “فهل يمكن أن يكون يوما ناصرا لفلسطين؟”.
وشكك الباحث المصري عباس قباري في خطة السيسي مؤكدا أنها “لن تخرج عن إطار المسار الذي رسمه بنفسه ومن خلال تصريحات رسمية”، مشيرا إلى حديثه عن استعداده الصريح للتعاون في صفقة القرن أثناء مقابلته مع ترامب عام 2017.
وألمح إلى قوله أثناء معركة “سيف القدس” عام 2021 إن هناك شئ ما “سيغير وجه المنطقة” وأنه يسعى لتنفيذه لكن بعد التهدئة، بجانب حديثه أثناء مقابلة المستشار الألماني في أكتوبر 2023، عن دولة فلسطينية منزوعة السلاح ووجود قوات دولية، بجانب نصحه إسرائيل بتهجير الفلسطينيين لصحراء النقب.
والسؤال، الذي يدور في بال ملايين العرب منذ إعلام موعد القمة العربية، وظهور بعض ملامح الخطة المصرية البديلة عن خطط ترامب بتهجير الفلسطينيين هو: هل تُنصف القمة العربية الفلسطينيين أم أنها تنعقد لتنقذ وتنفذ وعد ترامب؟.
“مكبلون بالتطبيع”
وفي إجابته، قال الأكاديمي المصري وأستاذ التاريخ المعاصر الدكتور عاصم الدسوقي، إن “العرب مقيدون بمعاهدات التطبيع مع الكيان المحتل، للأسف، حيث تمنع اتفاقات التطبيع منذ (كامب ديفيد) الدولة المطبعة من التعرض لتصرفات إسرائيل تجاه أى دولة عربية”.
وفي حديثه لـ”عربي21″، أكد أنه “رغم أن ما يقال في العلن غير ذلك وبأن هناك خطة مصرية عربية لإعمار غزة دون تهجير أهلها، إلا أن المهم هو موافقة وقبول إسرائيل أو تعهدها دوليا بعدم التعرض لأعمال إعمار غزة بيد العرب”.
وأعرب عن أسفه من أن “أي خطة عربية ستقوم على مدى قبول إسرائيل”، لكنه أشار إلى أن “وضع المقاومة من أية خطة عربية هو المأزق”، مبينا أنه “ليس أمام العرب إلا الإعلان عن إستخدام القوة ضد إسرائيل وتمزيق معاهدات التطبيع”.
وأشار أيضا إلى أن “إعلان التحرر من معاهدات التطبيع علنا وسحب السفراء من إسرائيل ومن أمريكا؛ كفيل بتراجع أمريكا”.
وختم مؤكدا على دور الشعوب بأن “تستمر في التعاطف مع أهالي غزة، بالمظاهرات في دولها، وتنظيم مظاهرات في الخارج من المتعاطفين مع فلسطين”.
المصدر: عربي 21