أحداثأهم الأحداثدولي

هل يصلح الفلاسفة ما أفسده “الفيتو”؟ الأمم المتحدة تفقد ثقة الدول الضعيفة

نيويورك ــ الرأي الجديد

يبدو أن تاريخ النفاق الإنساني لم يصل إلى محطته الأخيرة بعد، حيث تواصل الأمم المتحدة ترسيخ حقيقة أن نصوص ميثاقها تنطبق على بعض الدول بدون البعض الآخر، في حين تؤكد الدول الكبرى يوما بعد يوم، أنها لا تكترث لسحق مبادئها عندما يتعلق الأمر بالمصالح.

فقد أسست المنظمة الدولية عام 1919 كواحدة من ثمار الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، لكنها فشلت في منع اندلاع الحرب العالمية الثانية (1945)، والتي أودت بحياة 60 مليون إنسان.

10 عقود من اللامصداقية
وعلى مدار 10 عقود، أكدت المنظمة – في أكثر من أزمة – أنها لم تتعلم درس السياسة بعد، وذلك بسبب دأبها على النظر بعين واحدة إلى ما يتهدد الدول أو الشعوب من مخاطر.

وتتجلى هذه النظرة العوراء للأمم المتحدة في ميثاقها الذي يعطي الدول الخمس الكبرى (الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا) حق النقض (الفيتو) الذي يمكنه وقف أي قرار مهما بلغ الإجماع الدولي عليه.

ومن خلال هذه الممارسة غير العادلة، ترسخت حقيقة أن كافة مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبنود ميثاق الأمم المتحدة، ليست إلا حبرا على ورق في مواجهة الدكتاتورية العالمية المقننة.

ذريعة حق الدفاع عن النفس
وفيما تنص المادة الـ51 من الميثاق الأممي بوضوح، على حق الدفاع عن النفس، إلا أن هذا الحق يتم تفعيله بطريقة انتقائية من جانب الدول الداعمة لإسرائيل، التي تتخذه مبررا لعدوان دولة الاحتلال على المدنيين العزل في فلسطين.

ولا يمثل استخدام حق الدفاع عن النفس لتسويغ جرائم إسرائيل، فقد استخدمت بريطانيا الذريعة نفسها لاحتلال مصر في نهاية القرن الـ19، عندما قصف أسطولها مدينة الإسكندرية (11 جويلية 1882) بزعم أنها تهدد سفنها.

وبناء على هذه الأدلة التاريخية، يمكن الجزم بأن حق الدفاع عن النفس، شأنه شأن سائر الحقوق، لن يكون له أي معنى ما لم يستند إلى قوة تحميه.

ورغم محاولات فلاسفة – من ابن خلدون وصولا إلى جان جاك روسو – وضع أسس المدينة الفاضلة، إلا أن الواقع يؤكد أن الدول لا تعرف الأخلاق ما لم تكون مدفوعة بالمصالح.

وفي ظل هذا المناخ الظالم يزيد فقدان ثقة المجتمعات في مصداقية الأمم المتحدة، بل وفي كل ما تقوله، فضلا عن أن التمرد والاعتماد على الغلبة – لا الحجَّة – في أخذ الحقوق، يمثلان تهديدا متزايدا للأمن والسلم الدوليين.

وهنا يأتي السؤال عمَّا إذا كان قانون الغاب هو الحاكم فعلا لهذا العالم، أم إن عقل الإنسان قادر على تفضيل الحق على القوة، أم إن البشر قد اعتادوا الظلم ولن يكون الفلاسفة قادرون على إصلاح ما أفسده “الفيتو”.

المصدر: الجزيرة

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى