أحداثأهم الأحداثدولي

رئيس المعهد العربي للديمقراطية: الأحداث الأخيرة ستُظهر موجة ثانية لربيع عربي جديد.. وهؤلاء سيتم إسقاطهم

تونس ــ الرأي الجديد

قال رئيس المعهد العربي للديمقراطية، خالد شوكات، إن عملية طوفان الأقصى تبشّر بربيع عربي جديد سيطيح بالاحتلال والاستبداد في المنطقة، كما أشار إلى أن «ضغوطاً إقليمية ودولية» تسببت بتأخر تونس في تجريم التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف شوكات، في حوار خص به صحيفة “القدس العربي” قائلا: “اعتبر المفكر المغربي طه عبد الرحمن، مؤخراً، أن غزّة بصدد إعادة بناء الأمة، وأنا أقول إن غزّة بصدد إعادة بناء الإنسانية قاطبة، ولن يُحسم الصراع العربي الإسرائيلي إلا على النحو الذي تُرفع فيه أكبر مظلمة تاريخية، سلّطت على أكثر شعب مظلوم في التاريخ الحديث والمعاصر، خصوصاً أن غزّة وجهت ضربة قاصمة لمشروع الإبراهيمية الاستسلامي والتطبيعي، وأسقطته نهائياً في الماء، ووضعت أطرافه في “خانة اليك” كما يقال، حيث تعرّت سوآت المطبّعين، وفُضحوا تماماً أمام شعوبهم”.

وتابع بقوله: “تقديري أن غزّة ستُظهر موجة ثانية لربيع عربي جديد، سيمسح أنظمة الاحتلال والاستبداد معاً، فقد ثبت أن الاحتلال والاستبداد وجهان لنفس العملة، ولهذا أنا متفائل بمستقبل الأمة (العربية) وواثق من أنها بفضل القضية الفلسطينية ستستعيد دورها إقليميا ودوليا”.

نصر استراتيجي
وحول تقييمه للأوضاع في قطاع غزة بعد مرور أكثر من شهرين على طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي، قال شوكات: «هناك وجهان للمسألة، الأوّل هو هذا النصر الاستراتيجي المؤزّر غير المسبوق في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وهو نقطة تحول عميق لن يكون بعده كما قبله، وأظنّه يؤشّر لبداية نهاية هذا الكيان الذي أقيم على جملة من الأساطير والأوهام التي تهاوت تباعاً، وعلى اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها، وعلى جرائم متتالية ضد الإنسانية، بلغت منتهاها في هذه الهجمة الهمجية على قطاع غزّة، هذا إلى جانب هذا الصمود الأسطوري الذي يرقى إلى درجة المعجزات للشعب الفلسطيني الذي أثبت وعيه ورؤيته وأبدى صبراً يفوق احتمال البشر».

وأضاف: «أما الوجه الثاني، فهو هذا العدوان المتجرّد من كل إنسانية، المفتقد لكل القيم، والضارب عرض الحائط بجميع القوانين الدولية والشرائع الكونية، فالقتل المتعمّد لآلاف الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العزل، والاستهتار بقواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف المنظمة للحروب، والغطرسة المصرّة على تخريب البنى التحتية والمؤسسات المدنية والدينية، والحقد والكراهية والنقمة المنفلتة من كل عقل، جميعها ممارسات تُظهِر إفلاس هذا الكيان أخلاقيا وسياسيا، وانهيار مؤسساته العسكرية والأمنية وتهاوي عقيدته العسكرية، بحيث يعجز عن المواجهة المباشرة، ويستعيض عن القتال بالقصف الجوي والبحري والأرضي الهمجي عن بعد».

المقاومة مستمرة
وفيما يتعلق السيناريوهات المطروحة حاليا في ظل فشل دولة الاحتلال في تحقيق «أهدافها» في غزة، قال شوكات: «المقاومة في غزّة جزء أساسي من حركة التحرر الوطني الفلسطيني، وواهم من يعتقد أن بمقدوره هزيمة حركات التحرر العادلة، وعليه أن يعيد قراءة التاريخ جيدا، وأن يعود إلى تاريخ حروب التحرر الوطني في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وكيف ألحقت الهزيمة في نهاية الأمر بالقوى الاستعمارية والإمبريالية».

   أحداث 7 أكتوبر واستمرار المقاومة

وأوضح بالقول: «لقد أُخرجت فرنسا من الجزائر، وأمريكا من فيتنام وأفغانستان، وثمة عشرات الأمثلة الأخرى، وخاصة إذا كان المعني استعمارا وتمييزا عنصريا (أبارتهايد) في الوقت ذاته. وندرك تماما أن مثل هذا الحروب التحررية جولات وأجيال، قد تعرف التهدئة أحيانا والتصعيد أحيانا أخرى، لكن الثابت أن المقاومة لن تتوقف حتى يحقق الشعب الفلسطيني طموحاته في الاستقلال وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».

وتابع بالقول: «وأما أنظمة الاستعمار والتمييز العنصري فهي زائلة بالمعنى التاريخي، وإن استمرت بعض الشيء بالمعنى الزمني، ولن تفيد إطالة عمر الكيان عبر الدعم الغربي الذي ظهر سافراً ومقرفاً، لأن كلفة الحفاظ على هذا الكيان كقاعدة إمبريالية متقدمة في قلب العالم العربي الإسلامي ستكون باهظة جداً على واشنطن وغيرها».

حل الدولتين انتهى
من جهة أخرى، يرى شوكات أن حلّ الدولتين الذي أقره مجلس الأمن بعد النكسة «أسقطه الكيان الصهيوني عندما رفض قيام دولة فلسطينية كما ينص قرار التقسيم الأممي، ولم يفرّط قادة الكيان طيلة ثلاثة أرباع القرن في إظهار حقيقة رغبتهم في الاستيلاء على كل فلسطين وتحويل شعبها إلى لاجئين خارج وطنهم وعبيد داخله، وكان آخر البراهين سلوك الصهاينة بعد توقيع اتفاقية أوسلو، الذي كشف عن رؤيتهم الاستعمارية والعنصرية في آن واحد، حيث حوّلوا السلطة إلى حارس أمني على الفلسطينيين، واستباحوا أراضي الضفة على نحو فظيع ازداد من خلاله عدد المستوطنين من ستين ألفاً الى قرابة المليون».

وأضاف: «لهذا، فمن السذاجة أن يعتقد بعض العرب والفلسطينيين أنه يمكن التوصل إلى سلام على قاعدة الدولتين، تماماً كمن يعتقد بأن المفاوضات التي لا تستند إلى مقاومة مسلّحة بمقدورها تحقيق أي هدف، مثلما قال الشهيد أبو إياد (صلاح خلف). وخلاصة القول إن دولة مدنية ديمقراطية لكل مواطنيها، بصرف النظر عن دينهم أو عرقهم في فلسطين التاريخية، هي الحل العادل والمنطقي للصراع -وهو الالتزام الذي أخلّت به عصبة الأمم التي منحت بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، والأمم المتحدة التي تبنت قرار التقسيم الظالم للفلسطينيين- وليس هناك أي حل آخر».

    حركة التطبيع التي وضعت المقاومة حدّا لها

ضغوط المطبعين
من جهة أخرى، يرى شوكات أن الضغوط الإقليمية والدولية ساهمت في تأخر تونس في تجريم التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ويضيف: «الضغوط الإقليمية والدولية من محور التطبيع على تونس ليست خافية، وهي سابقة على الصراع، بل لعلها تعود إلى اليوم الأول لانتصار الثورة التونسية، إذ لا يجب أن ننسى أن الجماهير التونسية كانت خلال أيام الثورة تهتف لإسقاط النظام وتحرير فلسطين معاً، ولا شك أن مشروع سن قانون لتجريم التطبيع كان منذ طرحه طيلة السنوات الماضية مجالاً لممارسة هذه الضغوط المعلنة والمبطنة، كما أن الرغبة الرسمية في الموازنة بين المطلب الشعبي والالتزام المبدئي من جهة والسعي إلى مراعاة المصالح الخارجية للبلاد هو تحدّ حقيقي لمصداقية النظام الحالي، كما كان تحدّياً للحكومات المتعاقبة طيلة العشرية».

وأشار إلى أن الدعاوى القضائية التي تقدم بها عدد من المحامين في العالم ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية «تشكّل جزءًا من المعركة الأكبر التي تخاض لكسب تأييد الرأي العام الدولي، الذي بدا أنه يعيش تحوّلاً حقيقياً لصالح دعم القضية الفلسطينية».

وأضاف: «لقد شكّلت غزّة اختباراً مركّباً متعدداً أعاد الضمير الإنساني ومدى الالتزام بالقوانين الدولية واحترام المؤسسات الأممية نفسها لمبادئ العدالة ولقيم حقوق الانسان الكونية. ولهذا فإن هذه الحركية القانونية الدولية التي تلاحق قادة الكيان بتهم ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتهجير القسري وسواها من الجرائم المحرّمة دولياً، هي حركية محمودة ومطلوبة، ويجب أن تكون متواصلة حتى لا يفلت مجرم ضد الإنسانية من العقاب، أو يشعر أن لديه حصانة تحول دون متابعته ومقاضاته، خصوصاً في ظل سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها القوى الدولية الكبرى».

وحول استخدام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة لتحذير العالم من مخاطر حرب غزة، قال شوكات: «غوتيريش برز بمواقف جيدة نسبياً، قياساً بمن سبقه في تولي هذه المسؤولية، وهذا يفسر مطالبة قادة الكيان بعزله عن منصبه، ومن هنا كان لزاماً التنويه بهذه المواقف ودعم صاحبها».

     الكيان المحتل.. وتدمير غزة

واستدرك بالقول: «لكني أعتقد أن أحداث غزة وضعت على الطاولة موضوع اختلال العدالة الدولية وهشاشة وعدم توازن المؤسسات الأممية بما يقتضي إدخال الإصلاحات الضرورية على المنظمة وفروعها، على نحو يحقق العدالة والمساواة ويضمن المصداقية».

وأضاف: «لقد تبيّن أن مجلس الأمن يعيش اختلالاً، وأن القوى الدولية المهيمنة لا تعبأ بمبادئ الشرعة الأممية والقانون الدولي، ومن هناك كان لزاماً إعادة بناء المنظومة الدولية على أسس جديدة، تضع حدّا لعربدة الكيان ورعاته، وتمنح الشعوب المضطهدة والمظلومة أملاً في المنتظم الدولي، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني».

المصدر: صحيفة “القدس العربي”

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى