أهم الأحداثالمشهد السياسيوطنية

الوضع الصحي لرئيس الجمهورية: ماذا يجري من حول القصر الرئاسي؟؟ ولماذا تصمت الدولة ؟؟

تونس ــ الرأي الجديد / صالح عطية

رفض وزير الصحة، علي مرابط، الإجابة عن تساؤلات الصحفيين بشأن ما يتداول على وسائل التواصل الاجتماعي، حول صحة رئيس الجمهورية قيس سعيّد..

وتمسك وزير الصحة بالصمت، وعدم الإجابة على هذه التساؤلات، على الرغم من إلحاح الصحفيين، على الحصول على إجابة تشفي غليل التونسيين بخصوص هذا الموضوع الذي يعني أعلى هرم السلطة في تونس.

وتلتزم الحكومة ومؤسسات الدولة والأجهزة الرسمية منذ عدّة ايام، بالصمت إزاء ما يتردد حول غياب رئيس الجمهورية، وعدم ظهوره منذ اليوم الأول لشهر رمضان المعظّم..

ولاحظ الرأي العام والمراقبون للوضع في تونس، غياب أنشطة الرئيس عن الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، إذا استثنينا خبر إقالة والي قابس، الذي صدر في بلاغ رئاسي جافّ.

وكانت وسائل التواصل الاجتماعي، استنفرت في الأيام الأخيرة للحديث عن هذا الغياب الذي لم يقع تفسيره أو توضيحه كمن السلط الرسمية..
وتوزعت الوسائط الاجتماعية، خصوصا فيسبوك، بين مطالبين بتوضيح السلطة أسباب الغياب، ومؤكد أنّ حالة رئيس الجمهورية الصحية، متدهورة، وأنه يرقد في المستشفى العسكري منذ الأول من شهر رمضان، وصمت الصفحات الفيسبوكية المحسوبة على رئيس الجمهورية، والتي تردّ الفعل بقوة ــ في العادة ــ على كل ما يمس رئيس الجمهورية، أو حتى مجرد نفقده.

دعوات للتوضيح
وقال عضو جبهة الخلاص، رياض الشعيبي في تدوينة على فيسبوك: “أليس من حق التونسيين الحصول على توضيح رسمي عن أسباب غياب رئيس الدولة منذ 10 أيام؟”، قبل أن يضيف: “في ظل انتشار الشائعات حول صحة الرئيس، لماذا تمسك الحكومة عن الإدلاء بتوضيحات عن هذا الموضوع؟”.

وتساءل الشعيبي: “إذا كان الرئيس يواجه بعض الموانع الصحية للقيام بواجباته، فمن يدير البلاد الآن؟”، وتابع: “عموما وبعيدا عن حيثيات الصراع السياسي، نتمنى السلامة للسيد قيس سعيّد إن كان مريضا، ونذكّر بأن مقتضى الشفافية والحكم الرشيد، أن يحاط المواطنون علما بكل ما يستجد في حياة رئيس دولتهم، خاصة إذا كان لذلك علاقة مباشرة بإدارة البلاد”.

وفي السياق ذاته، تساءلت عضو لجنة الدفاع عن المعتقلين السياسيين في تونس، المحامية دليلة مصدق مبارك، “أين هو منذ عشرة أيام؟ أرجو أن يكون المانع خيرا”.

ودونت الناشطة الحقوقية، نزيهة رجيبة على فيسبوك: “لا تدعوا الغوغاء والمرتزقة يخوفونكم من شيء بديهي وطبيعي، ومن حقكم أن تسألوا عن سعيّد الماسك بجميع السلط بغير وجه حق، أين هو وماذا به، ومن يحكم.. وأن تسألوا عن احتمالات الشغور والخلافة”.

واعتاد الرئيس قيس سعيّد، على القيام بزيارات ميدانية، والظهور في أنشطة حكومية متنوعة، خصوصا استقبال رئيسة الحكومة أو وزيرة العدل، أو وزير الداخلية، أو التنقل إلى بعض المؤسسات الرسمية، أو زيارات إلى أماكن وفضاءات اجتماعية..
من جهته، قال الناشط السياسي عدنان منصر: “رئيس الجمهورية ليس شخصا مسؤولاً عن نفسه فقط، حتى ينزوي ويقرر عدم الظهور بسبب زيادة الضغط، أو بسبب أنه ليست لديه حلول لأزمة ما”.

وأضاف في تدوينة على فيسبوك: “رئيس الجمهورية المسؤول هو الذي يقول إنه ليس لديه حل، عندما لا يكون لديه حل. ليس عندي شك في أن الرجل لا يمتلك أي حل لأي مشكلة، وأنه تعمّد باستمرار خلق مشكلة جديدة كلما عجز عن حل مشكلة قديمة، لكن الانزواء يأخذ الأمور إلى مستوى آخر هو مستوى المسؤولية الأخلاقية. فالنزاهة هي أساسا هذه المسؤولية الأخلاقية”.

معطيات مهمة ومثيرة
وفي الحقيقة، تراكمت عدّة معطيات لتزيد في شكوك الرأي العام في تونس، حول الحالة الصحية لرئيس الجمهورية.

** تولي وزير الخارجية، نبيل عمّار، أوراق اعتماد السفير البرازيلي الجديد، فرناندو جوزيه دي آبرو، بدلا من الرئيس سعيد، رغم أنّ البروتوكول المعمول به، يقتضي أن يتولى الرئيس نفسه، هذه المهمة..

** عدم استقبال رئاسة الجمهورية، المفوّض الأوروبي، باولو جنتيلوني، الذي كانت على رأس مقابلاته المبرمجة، إجراء محادثة مع رئيس الجمهورية، بل إنّ المسؤول الأوروبي، صرح قبل قدومه إلى تونس، بأنه يهدف إلى إقناع رئيس الجمهورية، والمسؤولين التونسيين بضرورة التوقيع على اتفاق صندوق النقد الدولي.

وتحدّثت وكالة “نوفا” الإيطالية، عن “إلغاء” الرئيس سعيّد لقاءً مبرمجاً مع المفوّض الأوروبي للاقتصاد باولو جينتيلوني، دون ذكر أسباب ذلك.

** تحميل مساعدة وزير الخارجية الأمريكية، المكلفة بالشرق الأدنى وشمال إفريقيا، الرئيس قيس سعيّد، مباشرة مسؤولية عدم الإستقرار السياسي في تونس، وإمكانية الإنهيار الاقتصادي والمالي، وهي أول مرة يشير فيها مسرول أمريكي، إلى مسؤولية رئيس الجمهورية، حيث اقتصر تعليق الأمريكيين على القول بأنهم “حريصون على عودة الديمقراطية والمؤسسات المنتخبة في تونس، والتشجيع على الحوار الشامل دون إقصاء”..  

** بل إنّ رئيسة الحكومة الإيطالية، ميلوني أشارت بشكل لافت، إلى إمكانية أن يفقد رئيس الجمهورية “الإجماع من حوله”، إذا لم يقع التوقيع على صندوق النقد الدولي، في إشارة مبطنة إلى أنّ عدم التوقيع على الاتفاق مع المؤسسة الدولية المانحة، سيعمق الأزمة التونسية، بما يمس من شعبية الرئيس، أمام تردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.

**
وتسربت معلومات على منصات اجتماعية عديدة، وبعض التحاليل السياسية للوضع في تونس، تتحدث عن أنّ الأوروبيين وضعوا السلطة في تونس، وخاصة قيس سعيّد، أمام خيارين، إما التوقيع على اتفاق صندوق النقد الدولي، أو عودة الإسلاميين للسلطة، ولكنّ الرجل رفض ذلك، لأنه مدرك أن التوقيع على اتفاق الصندوق بتلك الشروط الموجعة، سيجعله في مواجهة غير محمودة العواقب مع مختلف الفئات الاجتماعية، التي ستتضرر من إجراءات ما بعد التوقيع على اتفاق الصندوق، والتي ستطول أسعار المواد الغذائية الأساسية، وعديد المواد الأخرى، على غرار الغاز والمحروقات والخضر والغلال المرتفعة أصلا.. والتي تثير حنق الفئات الهشة، والطبقة المتوسطة التي يشهد وضعها تدهورا للغاية منذ نحو 5 سنوات على الأقل..

** استنفار عدد من المسؤولبن الأوروبيين، سواء باسم الاتحاد الأوروبي، في مقدمة هؤلاء، المفوض الأوروبي للاقتصاد، باولو جنتيلوني، والمكلف بالسياسة الخارجية الأوروبية، جوزيف بوريل، الذي أعلن أنّه ينوي زيارة تونس لحسم موضوع اتفاق الصندوق مع رئيس الجمهورية، أو بشكل منفرد، مثل فرنسا وإيطاليا وألمانيا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وصندوق النقد الدولي..

** ارتباك الموقف الجزائري في الايام الأخيرة، حيث لم تحسم الرئاسة الجزائرية مسألة الموقف من تونس، ومن اتفاق صندوق النقد الدولي، واكتفى وزير خارجيتها، لدى لقائه نظيرته الإيطالية، بتأكيد أن الجزائر لن تترك تونس، وستظل إلى جانبها، في سياق طمأنة الجانب الإيطالي.

الشغور في الرئاسة… وترتيب السلطة
ويطالب عديد الملاحظين، بضرورة نشر الملف الطبي للرئيس قيس سعيّد، أو على الأقل الخروج للناس، لتوضيح ما يجري تداوله، بما يحول دون انتشار الشائعات، ويقلل من حالة الارتباك والاحتقان اللذين يهيمنان على نفوس الرأي العام التونسي، في جميع المستويات الاجتماعية، ويحافظ على سير دواليب الدولة التونسية.

بل إنّ عديد السياسيين والمحللين من الداخل والخارج، نبهت إلى ضرورة توضيح الأمور، من أجل ترتيب شفاف ومطمئن لعملية انتقال السلطة بشكل سلس، في صورة ثبوت “العجز الرئاسي، أو الوفاة.

يذكر أنّ صفحات التواصل الاجتماعي، ومواقع إلكترونية غربية، تناولت في اليومين الأخيرين، مسألة الوضع الصحي لرئيس الجمهورية، وتحدثت عن إصابته بجلطة قلبية، وباضطراب في مستوى دقات قلبه، وبحالة التنفس الصعب التي يعانيها، وبأنه نزيل المستشفى العسكري، منذ عدّة أيام، وفق ما اشار إليه موقع “موند أفريك” الفرنسي، نقلا عما سماها بـ “مصادره الخاصة”، وهو ما لم يحر تأكيده أو نفيه من قبل الجهات الرسمية التونسية.

ولعل مما زاد من شكوك النخب والسياسيين بوجه خاص، حول الحالة الصحية الحرجة لرئيس الجمهورية، ما ورد في بلاغ النيابة العمومية لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، الذي برّأت فيه الديبلوماسيين الأجانب المعتمدين في تونس، ونزهتهم من كل تورط في تهمة التآمر، التي نسبتها للمعتقلين السياسيين، بما جعل التأويلات تتجه إلى القول أنّ شيئا ما يحدث في أعلى هرم السلطة، جعل المؤسسة القضائية، تحاول القفز من السفينة قبل فوات الأوان، وفق بعض التعليقات السياسية على فيسبوك.

قد يكون هذا التأويل محمّلا بلاغ النيابة العمومية أكثر مما يحتمل، لكنه في كل الأحوال، يشير إلى حالة إرباك يعاني منها الرأي العام السياسي، بسبب غياب المعلومة الدقيقة بما نحن فيه.

ولا نعتقد أن من الوجاهة، صمت السلط التونسية عما يجري ويتداول، خصوصا وأنّ عديد فقهاء القانون الدستوري، والقضاة والمحامين وطيف من السياسيين، بدأت تتحدث عما بعد الشغور في رئاسة الجمهورية، وما هي الخيارات المتاحة في هذا السياق..

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى