أهم الأحداثالمشهد السياسيوطنية

ما هو المطروح على وزير الخارجية الجديد ؟؟

تونس ــ الرأي الجديد / كتب صالح عطية

أثار تعيين السيد نبيل عمار، وزيرا جديدا للخارجية، خلفا لعثمان الجرندي، جدلا واسعا في الأوساط السياسية والدبلوماسية، باعتبار أنّ إقالة الجرندي، لم تكن متوقعة، وتعيين الوزير الجديد، كان مفاجئا، لأن الرجل غير معروف في عديد الأوساط المعنية بالشأن الحكومي، وشأن الخارجية التونسية.

لكن السيرة الذاتية التي نشرتها وكالة تونس إفريقيا للأنباء، كشفت بأنّ الوزير الجديد، على علاقة وطيدة بملف العلاقات التونسية الأوروبية، انطلاقا من المسؤوليات الدبلوماسية التي شغلها في عواصم أوروبية عديدة..

فالسيد نبيل عمار، الذي يعدّ أحد كوادر الدبلوماسية التونسية، وخريج المدرسة الوطنية للإدارة، مثلما جاء في برقية “وات”، يمتلك تجربة مهمّة بالسلك الدبلوماسي التونسي في أوروبا، من خلال المسؤوليات التي تقلّدها.. فقد سبق له أن شغل مهام مدير عام إدارة أوروبا بوزارة الخارجية برتبة وزير، وقائما بالأعمال بالسفارة التونسية بأوسلو، ثم سفيرا لتونس بلندن، وكان آخر منصب شغله نبيل عمار، هو سفير الجمهورية التونسية لدى بلجيكا والاتحاد الأوروبي في بروكسيل، منذ العام 2020، قبل تعيينه على رأس وزارة الخارجية يوم أمس..

وشغل الوزير الجديد، عدة مهام رفيعة المستوى بالخارجية التونسية، وبالسلك الدبلوماسي التونسي بالخارج، ويبدو أنّ استيعابه لملف العلاقات مع أوروبا، من بين الأسباب الرئيسة في تعيين عمار على رأس الخارجية، خصوصا في ضوء عدم ارتياح الاتحاد الأوروبي  لمسار الوضع في تونس، بما جعل علاقاتنا بالمؤسسة الأوروبية راهنا ليست على أحسن ما يرام، حتى لا نقول في أسوإ حالاتها منذ عام ونصف العام..

فقد سبق لمسؤول السياسات في الاتحاد الأوروبي، السيد برويل، أن عبّر بوضوح، ومنذ فترة، عن مواقف غير متماهية مع سلطة ما بعد 25 يوليو، سواء تعلق الأمر بالتمشي التونسي في علاقة بالمسار الديمقراطي، أو بملف الوضع الاقتصادي والمالي لتونس، مبديا عدم رضاه بمسار الأمور في تونس.

في ذات السياق، كان بعض شركاء بلادنا من داخل الاتحاد الأوروبي، يدفعون الحالة التونسية لكي تتجه نحو “نادي باريس”، مثلما عكسته بعض التصريحات الأخيرة لقريبين من صندوق النقد الدولي ونادي باريس، في مسعى لرهن تونس إلى أجندة مالية وسياسية جديدة، قد تكون الأخطر في تاريخ تونس الحديث.

يضاف إلى ذلك، توقف المساعدات والقروض الأوروبية لتونس، منذ إجراءات 25 يوليو 2021، على خلفية ما يعتبره المسؤولون في الاتحاد، من “غموض السياسة التونسية، في المجال الاقتصادي والمالي والسياسي”، بموجب الشراكة التي تربط تونس بالاتحاد الأوروبي منذ 1995، والتي تتضمن بندين، الأول اقتصادي مالي وتنموي، والثاني سياسي، يهم الحريات والديمقراطية، وهو ما تعتبره أوروبا / المؤسسة، غير متماه مع بنود الشراكة ومقتضياتها، بما يفسّر ترددها بل وتلكؤها فيما يتعلق بأي وقفة مع تونس.

وفي الحقيقة، يتماهي الموقف الأوروبي المؤسسي، مع الموقف الأمريكي، الذي يجسده أعضاء في الكونغرس الأميركي من الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، إلى جانب وزير الخارجية بالذات، أنطوني بلينكن، الذين يربطون بين أي مساعدات أو حلحلة للوضع المالي والاقتصادي التونسي، وبين المسار السياسي، وما يسمونه بــ “العودة إلى الديمقراطية”، أو “العودة إلى المؤسسات الديمقراطية المنتخبة”.

لكنّ الأسئلة المطروحة في هذا السياق، هي: هل بوسع وزير الخارجية أن يساهم في إذابة الجليد السميك في مستوى العلاقات التونسية مع أوروبا ؟ وما الذي يملكه من قدرة على اتخاذ القرار المناسب، إذا كان القرار السياسي، يطبخ في قرطاج، ولا تمثل الخارجية التونسية، سوى ترجمة للموقف الرئاسي، وليست منتجة له، كما يقول دبلوماسيون وخبراء في المجال ؟ وقبل ذلك وبعده، هل المشكل في العلاقة مع أوروبا، أم المشكل في السياسة الخارجية التونسية برمتها التي تحتاج إلى الكثير من الوضوح، والأفق الجديد، في ضوء التحولات الجيو ــ استراتيجية الجديدة التي يجري تشكيلها حاليا ؟؟

أسئلة تنتظر الإجابات… لكن الأرجح أن تظل عالقة مثل كثير من التساؤلات المطروحة منذ 25 يوليو..

يذكر أنّ وزير الخارجية الجديد، نبيل عمار، أدّى أمس الثلاثاء 7 فيفري، اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية قيس سعيّد، خلال موكب انتظم بقصر قرطاج، وذلك تمهيدا لمباشرة مهامه على ٍرأس وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج.

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى