أهم الأحداثٱقتصاد وطنياقتصادياتبكل هدوء

تونس تفرط في سيادتها الطاقية: خمس مشاريع مراسيم لنهب “شمسنا”


بقلم / جنات بن عبد الله 

 

فوجئ الرأي العام التونسي بما جاء في نص البلاغ الصادر عن اجتماع مجلس الوزراء المنعقد يوم الخميس 2 ديسمبر 2021، الذي ترأسه رئيس الجمهورية بخصوص مشاريع المراسيم التي نظر فيها المجلس والمتعلقة بالموافقة على خمس اتفاقيات لزمات انتاج الكهرباء لشركات القطاع الخاص (لا ندري إن كانت أجنبية أو تونسية باعتبار غياب المعلومة)، لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في خمس محطات فولطا ضوئية بكل من المتبسطة وبرج بورقيبة وتوزر ومزونة وسقدود.

وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه التونسيون من رئيس الجمهورية، إعادة النظر في القوانين التي صادق عليها مجلس نواب الشعب بعد انتخابات سنة 2014، والتي تضرب سيادة الشعب التونسي على ثرواته في مجال الطاقة، ومراجعة اتفاقيات الشراكة والتبادل الحر في اتجاه ضمان حقوق الشعب التونسي، في الاستفادة من ثرواته، اصطدمت القوى الوطنية في البلاد بمصادقة مجلس الوزراء، على اتفاقيات لزمات لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، وسحب هذا النشاط من الشركة التونسية للكهرباء والغاز، لفائدة شركات خاصة.

فبعد أن سحب زين العابدين بن علي نشاط إنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعي من شركة “الستاغ” في سنة 1996، سنة بعد توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في سنة 1995، لفائدة شركة أمريكية، وهي “قرطاج للطاقة” في إطار صفقة سياسية، لم يتردد الرئيس قيس سعيد في سحب نشاط إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية لفائدة شركات خاصة، عادة ما تكون أجنبية، في طار لزمات، في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية، مثلا، تمنع دخول رأس المال الأجنبي في هذا القطاع الحساس والاستراتيجي، والذي يدخل ضمن مقومات الأمن القومي.

هذه اللزمات الخمسة، تخضع للقانون عدد12 لسنة 2015 المؤرخ في 11 ماي 2015 المتعلق بإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة، الذي صادق عليه نواب الشعب وكان ترجمانا لمقترحات الجانب الأوروبي في مشروع اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق “الأليكا” مع الاتحاد الأوروبي وأطروحاته التي تقوم على ضمان مصالحه ومصالح الشركات الأوروبية عبر نهب ثرواتنا من خلال التنصيص على شروط تضرب مصالح الشعب التونسي على غرار”رفع جميع احتكارات الدولة التونسية ذات الصبغة التجارية بطريقة الية بحلول نهاية السنة الخامسة التي تلي ابرام اتفاقية التبادل الحر”، بما يعني خصخصة المؤسسات العمومية وفتحها أمام الشركات العالمية من خلال عقود لزمات وعقود شراكة.

هذه الشروط لم تقف عند هذا الحد، ففي غياب حكومات وطنية، سمح الجانب الأوروبي لنفسه بالاستحواذ على نشاط تصدير الكهرباء واقصاء الشركة الوطنية من هذا النشاط لتنص الأحكام المتعلقة بالتجارة في الطاقة والمواد الأولية من الاتفاقية على حظر احتكار تصدير وتوريد الطاقة من قبل المؤسسات العمومية بصفة عامة،والشركة التونسية للكهرباء والغاز في مجال الطاقة والتفريط في عملية التصدير للشركات الأجنبية.

هذا التوجه، بل هذا النهب، ترجمه وجسده القانون عدد 12 لسنة 2015 المؤرخ في 11 ماي 2015 الذي لم يكتف بمنح لزمات لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية من قبل الشركات الخاصة بل سحب من الشركة الوطنية نشاط تصدير هذه الكهرباء ومنحها للشركات الخاصة، وسمح لها أيضا بإقامة خطوط مباشرة لنقل الكهرباء على الأراضي التونسية، بقروض سيسددها الشعب التونسي بفوائد، في الوقت الذي كان يفترض من السلط الوطنية الحفاظ على احتكار “الستاغ” لهذه الأنشطة، وقيامها بتصدير الكهرباء إلى أوروبا وتوفير موارد لميزانية الدولة، بما يترجم سيادة الشعب التونسي على ثرواته، واستثمار القروض في البنية التحتية.

وفي الوقت الذي تغرق فيه بلادنا في المديونية وتستدرج نحو نادي باريس، لا يتردد الحكام في التفريط في “شمسنا” لإنتاج الطاقة واستباحة أراضينا لنقل الكهرباء وتصديره بأرخص الأسعار لأوروبا تحت أعين شعب حوله هؤلاء الحكام الى متسول من أجل تعبئة موارد ميزانية دولة انتهكت كل حقوقه من أجل البقاء في السلطة وخدمة مصالح اللوبيات الخارجية ووكلائهم في الداخل.

* إعلامية وكاتبة ومحللة في الاقتصاد السياسي

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى