أهم الأحداثالمشهد السياسيوطنية

مسيرة “ضدّ الانقلاب”: رؤوس الثورة المضادة تتربص.. النهضة “على كفّ الإستئصال”.. والديمقراطيون في امتحان

تونس ــ الرأي الجديد / صالح عطية

ينظم اليوم نشطاء سياسيون ومحامون ومثقفون ورجال قانون، وقفة تحت عنوان “مواطنون ضد الانقلاب”، بمشاركة مدونين ومواطنين، وفعاليات سياسية من كل الأطياف، قررت منذ عدّة أيام، أن تنزل إلى الشارع في العاصمة، وأمام مقرات الولايات، تعبيرا عن رفضهم لما يسمونه “انقلاب على الدستور”، قام به الرئيس، قيس  سعيد، يوم 25 جويلية، من خلال تعسفه على تطبيق الفصل 80 من الدستور.

وقال الناشط والمدون البارز، الأمين البوعزيزي، أنّ “هذه الخطوة، رمزية، من نخبة وازنة، لها تأثير في الرأي العام، ستخرج بصوت واحد لتقول “لا” لقيس سعيد، لأن البلاد لا يمكن أن تستمر على هذا النحو”، حسب تعبيره..

غير أنّ عملية النزول هذه، محفوفة بالمخاطر في نظر بعض المراقبين، الذين يعتبرون عملية “النزول إلى الشارع خطيرة، ويمكن أن تجر البلاد إلى منزلق”، وهو ما أكده الصحفي المخضرم، نصر الدين بن حديد.

ويقول هؤلاء المراقبون، أنّ اجتماع اليوم، قد يشهد التفافا من بعض الأطراف، التي تنتظر مثل هذه الفرصة لإحداث إرباك، وحالة من الإشتباك العنفي، لتبرير نزول الجيش والخيارات الأمنية في المرحلة المقبلة، بما يمكّن رئيس الجمهورية من اتخاذ إجراءات أحادية ودون استشارة أحد من المكونات السياسية والاجتماعية والنقابية، منها، تعليق البرلمان، وتعليق الدستور، وإعلان التنظيم المؤقت للسلط، مع إعطاء المؤسسة العسكرية، مسؤولية إدارة البلاد خلال السنوات المقبلة، بذريعة، أنّ البلاد يتهددها خطر داهم، بل جاثم، كما قال رئيس الجمهورية سابقا، ومنذ إعلان تدابير 25 جويلية، دون أن يبرر هذا الخطر الداهم، أو يقدم تفسيرا أو مفهوما له..

“النهضة” أمام زلزال جديد
ويخشى مراقبون، من نزول أنصار وأتباع حركة النهضة في هذه المسيرة، باعتبار تربص بعض الأطراف بهذا الموضوع، في محاولة لتوريط هذه الحركة في العنف، ومن ثم تبرير استئصالها، من خلال إدخال قياداتها للسجون، بداعي ممارسة العنف والإرهاب في المشهد السياسي..

ويرجح أنّ أصحاب الخيارات الأمنية صلب نظام الحكم، وقوى إقليمية أخرى، وبعض القوى الأوروبية المحدودة، تدفع بهذا الاتجاه، وفق بعض المقاربات السياسية.

وتفيد أنباء من داخل حركة النهضة، أنّ الحزب قرر عدم المشاركة في هذه التظاهرة التي توصف بالهامة، وقد وجّه أنصاره نحو هذا الخيار بإصرار كبير، ليقين قيادة حركة النهضة، بأنّها مستهدفة بأي تصفية سياسية، قد تلجأ إليها بعض الأجهزة والأحزاب والأسلاك، كما تشير تدوينات مختلفة، وتصريحات متعددة لقيادات نهضوية، أو لمحللين سياسيين، ودارسين لسوسيولوجيا الحركات الإسلامية في علاقة بالأنظمة المستبدّة، العنيفة منها والناعمة، فضلا عن مسارات الانتقال الديمقراطي الهشة، على النحو الذي تمر به تونس حاليا.

ويبدو أنّ البلاد، ستكون أمام امتحان سياسي واجتماعي جديد، فإما ترسيخ المسار الديمقراطي، من خلال النجاح في صدّ “الانقلاب على الدستور”، وتوسيع دائرة معارضته، أو الفشل في ذلك، بما يعزز سطوة الانقلاب وأهله، أو حصول انتكاسة أمنية، قد تعصف بمسار البلاد ومصيرها..

يذكر في هذا السياق، أنّ الجهات الأمنية، أعدّت ــ بالتأكيد ــ سيناريوهات للتعامل مع حراك 18 سبتمبر2021، دون أن تكشف عن ملامحه أو تفاصيله، لكنها تتجه ــ على ما يبدو ــ إلى محاولة “التصرف” وّإدارة” هذا الحراك، دون أن يتسبب في “تهشيم المرآة”، كما يقال،

والعودة بالتالي إلى مستوى “صفر مسار ديمقراطي وحريات”، خلال المرحلة، بل السنوات القادمة، لأنّ تيارات وقوى الجذب إلى دولة الاستبداد، المدعومة إقليميا ومن بعض الأطراف الدولية، المعروفة بإرباك المسارات الديمقراطية، ترغب في العودة إلى مربع ما قبل 14 جانفي، وهذا ما يشكّل اليوم، محور صراع جديد ومتجدد، بين هذين الطرفين…

صراع متجدد
فالثورة المضادّة، ما تزال “تعشش” في بعض الأذهان والعقول… والحنين إلى الاستبداد بعناوين جديدة، مثل إنقاذ تونس من الظلامية، و”الإسلام السياسي” وفشل السنوات العشر، والفساد، استعادت حضورها بقوة، خصوصا في المنابر الإعلامية، التي أبانت على انخراطها في حركة الثورة المضادّة، بقصد إيديولوجي مقيت وبائس، أو بعملية توظيف رخيصة، تؤكد أنّ الثورة لم تدخل بعد قلاع الإعلام النوفمبري وشخوصه وأبواقه المتعددة، ذلك التعدد المغشوش، لأنه موحد في الهدف والاتجاه والبوصلة والأجندة..

ويرى ملاحظون، أنّ البوصلة القادمة لتيار الثورة المضادّة، لا تبدو واضحة، بل هي تتخبط في وحل الأجندات الإقليمية المعروفة بتاريخها المستبدّ والعنيف، والذي أفقد شعوب المنطقة، ومنها تونس، سيادتها وكرامة شعبها، والأفق الواضح للأجيال المقبلة..

لذلك، تبدو تونس اليوم، أمام منعرج شديد الأهمية، بين “الخطوة إلى الخلف”، والرهان على المستقبل، وهو ما يواجهه الديمقراطيون وقوى التحديث والقوى المحافظة، الحريصة على مناخات تونسية جديدة، بعيدا عن منطق الإنقلاب، ومن داخل “السيستام الديمقراطي”، الذي ضحت من أجله أجيال عديدة، ورحل بسبب شهداء من مختلف ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والثقافي…

فإلى أين تتجه تونس بعد “مسيرة ضدّ الإنقلاب” ؟؟؟

الإجابة تتقرر مساء اليوم…

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى