2.اعلامأحداثأهم الأحداثبانورامادولي

عاصفة تجتاح الإعلام البريطاني.. واتهامات ملكية وجدل حول “الصحافة الصفراء”

لندن ــ الرأي الجديد

لم تكن الأسرة الملكية البريطانية الوحيدة التي تضررت من حوار الأمير هاري وزوجته ميغان مع المذيعة الأميركية أوبرا وينفري، بل وجد الإعلام البريطاني نفسه في وجه عاصفة من الانتقادات والنقاش الحاد، بعد أن تحدث هاري عن الصحافة الصفراء (التابلويد)، المتخصصة في أخبار المشاهير، معتبرا أن الجميع يخشاها حتى الأسرة الملكية بالنظر إلى الأساليب التي تستعملها.

وخصص الأمير وزوجته، حيزا مهما من حوارهما للحديث عن معاناتهما مع الصحافة الصفراء منذ إعلان زواجهما، ودخولهما في مواجهات قضائية انتهت في النهاية لصالحهما.

وفتح الحوار الباب على مصراعيه لعودة نقاش قديم جديد، وهو ممارسات الصحافة الصفراء في المملكة المتحدة، إضافة إلى مسألة التنوع داخل وسائل الإعلام البريطانية، وطريقة مقاربة قضايا العنصرية في الإعلام.

استقالات…
أول ضحايا هذا الحوار في الإعلام البريطاني، كان إيان موراي الرئيس التنفيذي لمنظمة “سوسايتي”، التي تعتبر من أكبر تمثيليات وسائل الإعلام في البلاد، وذلك على خلفية بيانه الذي رد فيه على الحوار، ودافع فيه عن الإعلام البريطاني، وبأنه غير عنصري وغير متعصب، وبأن ما جاء في حوار الأمير وزوجته، ليس صحيحا.

مباشرة بعد هذا البيان، انهالت الانتقادات على موراي من إعلاميين بريطانيين يمثلون الأقليات في البلاد، واعتبروا أن البيان يدافع عن الصحافة الصفراء ويبرر العنصرية، وهو ما نفاه إيان، ومع ذلك أقر بأنه كان عليه أن يوضح موقفه أكثر حول العنصرية في الإعلام، معلنا استقالته من منصبه حتى تتمكن الهيئة التي كان يديرها من “بناء صورتها من جديد”.

استقالة أخرى كانت على الهواء مباشرة، وهي للمذيع الشهير بيرس مورغان بعد تلقي القناة -التي يعمل فيها- أكثر من 40 ألف شكوى من المواطنين، حول تعليقات مورغان على حوار ميغان، والتي اعتبروا أن فيها الكثير من التجريح والقسوة بحق الممثلة الأميركية.

ورد مورغان بأنه يمارس حقه في حرية الرأي، وكتب في تغريدة أنه مستعد “للموت من أجل حرية التعبير”، وحول هذه النقطة يثار خلاف كبير في وسائل الإعلام البريطانية، أي الفرق بين حرية التعبير وبين مواجهة ممارسات الصحافة الصفراء في البلاد، والتي وصفها الأمير هاري بأنها “متعصبة”.

وتطورت المواجهة بين ميغان ومورغان إلى شكوى مباشرة تقدمت بها الممثلة الأميركية ضد المذيع البريطاني إلى هيئة الاتصالات “أوفكوم” (Ofcom)  التي تعتبر أعلى هيئة للبت في تجاوزات وسائل الإعلام والصحفيين، ولديها صلاحيات واسعة لمعاقبة القنوات وفرض غرامات مالية عليها، وتشتكي ميغان من كون مورغان اتهمها بالكذب في تصريحاتها، وبأنه “لا يمكن أن يصدقها ولو قرأت نشرة لأحوال الطقس”.

للقضاء… كلمته
لم يدخل أي فرد من أفراد الأسرة الملكية سابقا في مواجهات قضائية كبرى مع الصحف البريطانية، خصوصا المحسوبة على الصحف الصفراء، إلا أن الأمير هاري نجح خلال الشهر الماضي في الفوز بقضية ضد صحيفتي “ديلي ميل” (Daily Mail) و”ميل أون صنداي”(The Mail on Sunday)، ونص الحكم على تقديم الصحيفتين اعتذارا للأمير بسبب نشر معلومات كاذبة حول أنه قد أدار ظهره وتخلى عن جيش بلاده.

بعدها فازت ميغان بدعوى قضائية أخرى، ونص الحكم على أن صحيفة “ديلي ميل” اعتدت على الحياة الخاصة لميغان عندما نشرت رسالة شخصية بينها وبين والدها، واعتبرت المحكمة أن هذا أمر غير قانوني، وأجبرت الصحيفة على الاعتذار لميغان.

ويدور النقاش حاليا وبشدة بين الصحف البريطانية حول ضرورة التمييز بين الكشف عن عيوب المتمسكين بالسلطة وإظهار أخطائهم، وبين تتبع الحياة الخاصة ونشر معلومات مغلوطة ومحرضة.

ويذهب كثيرون إلى القول إنه من حسنات حوار هاري وميغان، أنه جعل من الحسم مع ممارسات الصحافة الصفراء، أمرا ملحا وضروريا، بعد أن أضرت بسمعة البلاد برمتها، وخدشت صورة الإعلام البريطاني، لكن لا أحد لحد الآن يقدم الوصفة، والجميع يتوقف عند تشريح الوضع فقط.

تدخل أميركي
ما زاد من حرج الإعلام البريطاني، هو أن حوار ميغان تم عبر وسيلة إعلام أميركية، ومنه تم توجيه انتقاد لاذع للإعلام في بريطانيا، الذي يعتبر نفسه من أعرق المدارس الإعلامية في العالم.

وأعطى الحوار زخما كبيرا لمناظرة إعلامية بين المؤسسات الأميركية والبريطانية، ذلك أن الإعلام الأميركي ينظر للإعلام البريطاني وكأنه يبالغ في الدفاع عن الأسرة الملكية، ويبالغ في إظهار الولاء لها، وقد ظهر هذا جليا في عناوين الكثير من الصحف البريطانية التي اعتبرت أن الحوار هو “حدث حزين ويهدم الكثير من العمل الذي قامت به الملكة”.

كما انتقل النقاش إلى تصور كل من الإعلام البريطاني والأميركي لمسألة العنصرية، وتناولها في كلا البلدين، وهكذا سنجد مثلا أن الإعلام الأميركي يثني على حوار أوبرا ويعتبره درسا في الحوارات الصحفية، فيما تعامل معه الإعلام البريطاني ببعض العتب، وبأن المذيعة الأميركية لم تسأل الأسئلة المهمة، ومن بينها معرفة الشخصية التي سألت عن لون بشرة ابن ميغان.

وباتت مواضيع التنوع والعنصرية مطروحة وبشدة على الإعلام البريطاني وتحديا يجب مواجهته، حيث كشفت دراسة من جامعة ليدز البريطانية أن تغطية الإعلام في بريطانيا لمواضيع الأقليات تعتبر ضعيفة جدا، وفي حال تمت تغطيته فيكون مرتبطا بالإرهاب والجرائم.

المصدر: موقع “الجزيرة نت”

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى