أهم الأحداثالمغرب العربيدولي

تحولات الجيش الجزائري: استباق للضغوط الخارجية… أم تهيؤ لتغيرات كبرى؟

الجزائر ــ الرأي الجديد / عثمان نصرة

عدّل الجيش الجزائري من محتوى خطابه الموجه للطبقة السياسية في الداخل، وبدأ بالدعوة إلى توحيد الجبهة الداخلية، وحث مجموع القوى السياسية الوطنية على التعاون لتجاوز الأزمة الراهنة متعددة الأبعاد، في سياق يوحي باستشراف الجيش إمكانية زيادة الضغوط الخارجية، أو تهيئة البلاد والطبقة السياسية لمتغيرات قد تفرضها ظروف طارئة لها علاقة بمرض الرئيس عبد المجيد تبون.

قيادة الجيش بخطاب جديد
ودعا قائد أركان الجيش الجزائري، الفريق سعيد شنقريحة، خلال إشرافه على تحويل فندق عسكري إلى مستشفى للمصابين بفيروس كورونا، إلى “ترسيخ دعائم الوحدة ورصّ الصف الداخلي، وتضافر جهود الجميع، لتجاوز الأزمة، والخروج ببلادنا إلى بر الأمان”.

وأكد قائد الجيش في السياق نفسه أنه “بغرض إفشال هذه المحاولات الخبيثة، من الأجدر، توحيد الصف الداخلي، من خلال تعبئة الرأي العام الوطني، وتجنيد كافة الفاعلين على الساحة الوطنية، من أجل الالتفاف حول قيادة البلاد، وإفشال كافة المخططات الخبيثة”، واعتبر شنقريحة أن ثمة قدرة على المراهنة على القوى الشعبية، لتجاوز استحقاقات المرحلة العصيبة.

اللافت، وبخلاف الخطابات التي كانت تتوجه بها قيادة الجيش في السابق، والتي تتضمن توصيفاً معيباً للطبقة السياسية واتهامات لقوى المعارضة، ووصفها “بالشرذمة” و”المتآمرين” و”الخونة”، فإن محتوى الخطاب الجديد للجيش، يبدو أقرب إلى الروح التصالحية، وأبعد عن قاموس المفردات التي كانت تشكل خطاب قيادة الجيش في السابق، إذ يتلافى الجيش في خطاباته الأخيرة، أية إشارة تفهم أن المقصود بها قوى محلية، لها مواقف سياسية وقراءات مغايرة لتلك التي تتبناها السلطة، من دون أن يصنف الجيش هذه المواقف ضمن سياقات التآمر.

ويقرأ محللون ومراقبون لتطورات الشأن السياسي في الجزائر التحول اللافت لخطاب الجيش، وتبنيه لدعوات رص الجبهة الداخلية، أنهما مؤشران على جملة من المعطيات، لعل أبرزها:

معطيات أساسية
ـــ
طبيعة المشكلات السياسية الداخلية، التي نجمت عن إخفاق الاستفتاء الشعبي على تعديل الدستور، والذي فرض واقع رفض شعبي للمسار السياسي المتبع منذ انتخابات ديسمبر 2019، وسعي الجيش إلى تجاوز الانقسام السياسي، الذي خلفه تبنيه لخطاب حادّ إزاء المعارضة، وبعض مكونات الحراك في السابق.

ـــ الوضع الجديد الذي فرضه مرض الرئيس عبد المجيد تبون، الموجود خارج البلاد في ألمانيا للعلاج منذ شهر، وهو وضع يفرض في الأحوال جميعها التهيؤ لأي طارئ، بما في ذلك الذهاب إلى انتخابات رئاسية مبكرة على المدى القريب أو المتوسط، وبما يعنيه ذلك من تغيير على كثير من الأصعدة.

ـــ تزايد الضغوط الخارجية على السلطة في الجزائر، ومركز ثقلها الجيش، والتي تزامنت مع جملة من التوترات والتحركات الإقليمية المريبة في الصحراء وشمالي مالي، والمخاوف من تحريك الخارج للعامل الإرهابي، بعد تعيين القاعدة قيادة جديدة خلفاً لعبد المالك دروكدال.

هذه التطورات، حتّمت على القائمين على المؤسسة إحداث بعض التغييرات في الإستراتيجية الاتصالية للمؤسسة، بما يعيد تصحيح صورة مؤسسة الجيش لدى الجزائريين، والتي أخذت تتآكل، بسبب الخطاب الإعلامي السائد خلال الفترة السابقة، وخاصة من طرف قائد الأركان السابق الراحل قايد صالح”..

والحقيقة، أنّ ما يدعم هذا الاتجاه بشأن تغير خطاب الجيش، هو الخبر الذي طالعناه قبل أيام، والمتعلق بإحداث تغيير على مستوى قيادة الجهاز المسؤول عن الإعلام والاتصال في المؤسسة، والمتمثل في تغيير مسؤول مجلة الجيش، الناطق الرسمي باسم المؤسسة العسكرية..

لكنّ السؤال الذي يطرحه عديد المراقبين، هو: هل يعبر الخطاب الجديد عن قناعة صادقة،  بعدم جدوى خطاب تخوين المعارضة سابقاً، أم هو تكتيك سياسي فرضته الظروف الجديدة؟ صحيح أن الجيش غيّر خطابه كثيراً، لكن المشكلة أن الأشخاص أنفسهم، ما زالوا يتحدثون باسم الجيش، الأمر الذي من شأنه أن يهدر هذا التطور، أو يعيد استدعاء الخطاب القديم لاحقاً، وفق بعض التقديرات..

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى