مقالات رأي

لماذا تريدون قتل النور فينا..؟

بقلم / فاطمة كمون*

لم نتعود القراءة، فتهنا… كما أن السفر والتنقل صعب بالنسبة إلينا نظرا لضيق الحال ولتكلفته، فانغلقنا على أنفسنا… وقد برع حكامنا في تلقيننا أشكال ثقافية على هواهمK حتى أصبحت أعيننا لا ترى إلا ما يرضون عنه من ألوان واختيارات ثقافية حسب مفهومهم، فأمسينا دمى وعرائس من قماش…
قيدونا وكبلوا فكرنا، لم تتغير نظرتهم على أننا شعوبا بل رعية، أو بالأحرى قطيعا… عقودا ونحن قوم تُبّع دون أن نشعر بالزمن، أصبح مفهوم الحرية عندنا كما أوضحه أحمد مطر في قصيدته” مصطلح يوناني عن بعض الحقب الزمنية”…

لكن جاءت رياح جنوبية بكل فصولها وأزمنتها، فأيقظت فينا الروح وأنارت بعض دروب المعرفة ومحطات وعي، رغم ضبابيتها، فشكلت في ذواتنا مجموعة أسئلة… عرفنا أناقة الجسد ونبل الروح مع رياح الحرية.. لا تهمنا الأجوبة الجاهزة بعد هذا السبات الطويل.. لا نريد قيدا من جديد… نريد إطلاق مكنونات الإبداع… نريد نحت مواهب جديدة، تفجر طاقات عطاء لا ينضب في كل المجالات… هدفنا غلق أسواق النخاسة، فالملكات الإنسانية فرضيات تعقبها نظربات، توقد شرارات التميز لتخلد لأجيال
قادمة.

الحرية عروس مخضبة بالحناء، مُهرة لا مهر لها، تجيد الإضاءة والرقص بنبل وشرف، إذا أجدنا الاحتفاء بها… هي طريقة فهم لعيش كريم ورخاء دائم وثقة بالنفس، هي مقام موسيقي لمن يحسن العزف على أوتار الروح… هي بذرة تنبت داخل أعماق الروح لتحصد الأجيال القادمة ثمرات بلا عاهات..

الحرية، لا تشترط قيدا ولا تحب المفاتيح… الإنسان الحر يجد في ممارسة حريته، سكينة ووعيا، أما العصا والزجر، فلا يعطيان إبداعا، ولا يقوم إنسان، والحر ليس في حاجة إلى وصي يخاف عليه، وينهاه ويحدد خطاه ويسطر يومياته…

الحرية هي أنت الذي خلقك الله في أحسن تقويم، فلا تستخدم كلمة قيد بجوار إنسانيتك القويمة. الحر لا يرضى أن يكون دابة يمسك لجامها من يرى في نفسه أنه أكفأ منك… بماذا؟

حدود الحرية أننا بلا أجنحة فنطير، وبابها عبر عقولنا فقط… الحرية كالحب، والحب حالة تعاش، فطرة إنسانية، تجعل الإنسان فينا قيمة بذاته، وهو بالتالي لن يرضى الابتذال ولا يقبل الإهانة…

* كاتبة وناشطة في المجتمع المدني

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى