أهم الأحداثمقالات رأي

أسلوب الرئيس سعيّد ؟

 

بقلم: خالد شوكات*

مرّة أخرى يعود رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى ذات الأسلوب في اختيار رئيس الحكومة.

اُسلوب الاختبارات الكتابية إياه، المسؤول – ولو نسبيا- على الاختيار الاول الفاشل، وهو ما كان يقتضي من الرجل المراجعة – ولو من باب التطيّر- فالناس غالبا ما تعمد الى تغيير الأسلوب متى ما كانت النتيجة غير مرضيّة، والنتيجة غير مرضيّة بامتياز، خصوصا اذا كان السبب شبهة تضارب مصالح سرعان ما تحوّلت الى شبهة فساد، وخلوّ السيرة من شبهات الفساد كانت المبرر شبه الوحيد في انتخاب قيس سعيّد رئيسا للجمهورية لو تتذكّرون.
لست أدري إن كان ما يزال لرئيس الجمهورية مبرّرات مقنعة للتعالي على الطبقة السياسية، وإصراره على المضي في اختباراته الكتابية لها، بعد ان تهافتت تباعا شعاراته التي خاض بها “حملته التفسيرية” المتواصلة، شعار “لغته العربية” الذي سقط في زيارته الباريسية الأخيرة، وشعار “نصرة القضية الفلسطينية” الذي سقط بالاختراقات التطبيعية المستمرة، وأخيرا شعار “النزاهة ومكافحة الفساد” الذي سقط مع تجربة الفخفاخ الفاشلة، ولهذا لا ارى مخرجا للرئيس الا “التواضع”، بإزالته الحواجز النفسية والمادية والبشرية التي أحاط بها نفسه، ولقاء قادة العمل السياسي والمدني والحزبي، والاستماع المباشر لوجهات نظر الفاعلين في المشهد العام، بصرف النظر عن قيمة ارائهم او الاستفادة منهم اذ لا خاب من استشار، والشورى مجالسة ومشافهة، لا مراسلة من وراء جدر.
وهذا الأمر ليس في واقع الأمر طلبا، فوظيفة رئيس الجمهورية هي هذه تحديدا، حتى وإن كان منتخبا بما يقارب ثلاثة ملايين صوت، أما وهو يمتنع عن محاورة قادة الأحزاب، ويتمترس وراء الأبواب مع مجموعة مجهولة من المستشارين الذين لم تعرف لهم سيرة من قبل، فلن يقود ذلك إلا إلى تعميق الأزمات الراهنة وخلق المزيد من الأزمات المجانية مستقبلا.
وإن كانت هناك مخاوف من تراجع القيادات الحزبية عن كلامها لاحقا، فيمكن إلزام الجميع بتقديم وثائق مكتوبة تترك أثرا للمواقف المعبّر عنها، وأما الخوف من نقل من سيقابلهم الرئيس أشياءَ عنه لم يقلها، فيمكن تطويقه ببيانات رسمية تصدر عن دائرة الاعلام الرئاسية، وأما الخوف من أن تتطال الرئيس تشويهات من مقابلته بعض من تطولهم الشبهات، فلا يظنن أن هذا المسلك ما يزال قائما، بعد تجربة الرجل مع الفخفاخ الذي تشوّه كما لم يتشوّه مسؤول في حجمه من قبل.
رئاسة الجمهورية مؤسسة سياسية في المقام الأول، وهو ما يلزمها الاضطلاع بوظائف الحوار السياسي المباشر، والعجز عن القيام بهذا الشأن لا يمكن أن ينبئ إلا بأضخم العواقب، فتحويل النخب السياسية إلى أشباح مرعبة يهاجمها الرئيس في خطبه دون تسميتها، حتّى أمام المؤسسة العسكرية، ومواصلة الإمتناع عن لقائها ومحاورتها والإستماع إلى وجهات نظرها في أمهات القضايا المعروضة على البلاد، اُسلوب غير مسبوق، وهو اُسلوب مرفوض، يتعارض مع حاجة البلاد الملحة للحوار الوطني في لحظة مفصلية وحاسمة للديمقراطية والتنمية معاً.. وربّي يهدينا ويهديك سيّدي الرئيس إلى سواء السبيل.

* وزير سابق وناشط سياسي

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى