أهم الأحداثالمشهد السياسيوطنية

وليد الوقيني يوجّه رسالة إلى الحبيب الجملي: وهذا ما جاء فيها ..

تونس ــ الرأي الجديد (متابعات)

طالب الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية سابقا، وليد الوقيني، رئيس الحكومة المكلف، الحبيب الجملي، بضرورة السعي إلى تجديد “أدوات عمل الدولة”، وتحديد المنوال التنموي للحكومة المقبلة.
وقال وليد الوقيني، في رسالة وجهها إلى الحبيب الجملي، أن جزء من أدوات الدولة يستحق إلى عملية تحديث وذلك لا يتطلب مجهودا ماليا كبيرا، كما سيكون له مردود جيد على راحة المواطن و إعطاء إحساس له أن الدولة تسهر على راحته، وهو ما من شأنه أن يخفض من منسوب التوتر داخل المنشئات العمومية.
واعتبر الوقيني، أن رقمنة الإدارة التونسية، هي أحد الأدوات الهامّة لتحقيق راحة المواطن والعدالة في الخدمة والسرعة فيها، قائلا “علينا رفع شعار في “سبيل أدوات عمل جديدة و عصريّة للدولة”، و بمعرفة إستثمار علاقات تونس والاتفاقيات الدولية والصندوق الإنمائي للأمم المتحدة سنجد سندا ماليّا كبيرا للقيام بذلك، وكذلك بالرقابة الجيدة على كيفية إدارة مصاريف الصيانة بالنسبة لكل المؤسسات والمنشآت العمومية”.
وأكد الناطق بوزارة الداخلية سابقا، على ضرورة تطوير أدوات الإدارة الأمنية، “فالأمن العمومي يعزز عمل الادارات المختصة ويسهل عملها، و هذا كله سيعزز تقنيات وسبل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وطنيا أو جهويا أو محليا”، بالإضافة إلى إحداث منظومة تحافظ على كرامة الأمنيين و حقوقهم، وحماية رجل الأمن.
وحول المشروع التنموي، أكد وليد الوقيني في رسالته، بأنه “لزاما علينا أن نذهب إلى حوار وطني اقتصادي واجتماعي نحسم فيه خيارنا حتى تكون السلطة الحاكمة فيما بعد مدعومة بالحسم الوطني وتشتغل بثقة تامة تجاه الداخل والخارج”، وفق قوله.

وفي ما يلي نص الرسالة: 

إلى السيد الحبيب الجملي
المكلّف بتشكيل الحكومة
” فرص للنّجاح … فرصة الفشل ”
تردّدت قبل كتابة هذه الرسالة لسببين أولهما الأوّل أنها ستكون مطوّلة و هذا الأمر في إرهاق تواصلي لكم و لي و للقارئ و الثّاني أنّها ربّما ستزعج إدارتكم لتشكيل الحكومة بإعتبار انها ستتضمن مقترح برنامج عمل بعيدا عن الاصطفافات الحزبيّة ذو أجندة أولويّات وطنيّة … لكن ما دفعني للكتابة هما كذلك أمرين الأمر الأول هو أنني بعثت بمثل هذه الرّسالة في أوت 2016 لرئيس الحكومة يوسف الشاهد بالتالي فمن باب العدل في التعبير ان أرسل بمثيلتها لكم لأني لا أفرّق بين أبناء بلدي و لا أجد الوقت لذلك فأتمنى للجميع النّجاح بداية مع محافظتي على موقع المراقب و النّاقد و الأمر الثّاني هو بالنظر للحالة الخطيرة التي وصلت لها تونس و التي تتطلب من كل منا ان يتعالى فوق شخصه و ميولاته و يقدم ما يستطيع لإنقاذها فليس لأننا لسنا من نفس التوجه ربما أو لأنك لم تفكر في الحديث إلي أتركك دون نصح ففي نهاية الأمر ستتضرر تونس من ذلك و هذا أمر لا نقبله على أنفسنا جميعا .
في الواقع المخاطر و المشاكل كثيرة جزء منها قديم و جزء آخر حديث و الكل أتقن و يتقن التقييم ، لكني سأحاول تقديم بعض الحلول عساها تسندكم في رحلتكم الحكوميّة التي أتمنى أن لا تكون رحلة تونس الأخيرة في هذا المنعرج الخطير .

أولا : الدولة القديمة
” في سبيل أدوات عمل جديدة و عصريّة للدولة ”
يشهد العالم اليوم تطورا تكنولوجيا و علميا مذهلا سواء في العلوم الصحيحة أو العلوم الإنسانية ، و العالم اليوم صار مفتوحا بفضل وسائل الإتصال الحديثة بالتالي فإن إختيار البشر للنموذج الذي يحقق لديهم الإحساس بالسعادة صار قاس جدا على دولة مواردها محدودة و بميزانيّة تكاد تكون عاجزة ، و بالمقابل نجد ان كل البنية التحتية للدولة قديمة من حيث العمر و النّجاعة المدارس المعاهد الكليات المستشفيات الطرقات الادارات كل شيء تابع للدولة قديم ففي المناطق الحارة مثلا التلميذ يدرس في مدرسة دون وجود مكيف في درجة حرارة 45 درجة و في المناطق الباردة لا تدفئة لتلاميذ تدرس في درجة حرارة 1 و 2 درجة و أحيانا تحت الصّفر هذا الى جانب الطاولات الغير مريحة التي تجاوز عمرها الاربعين سنة ، الطرقات كذلك قديمة في التجهيزات القائمة على سلامتها ، كذلك مقاعد المستشفيات و طاولات الفحص الطبي ، إذ ان أدوات الدولة أما ان تكون فات عليها الزمن أو تحتاج إلى صيانة حتى تحقق رضا المواطن ، يعني هنا سأضرب لكم مثالين تصور أن مستشفى نضع بها أفضل طبيب إختصاص لكن نترك قاعة الاستقبال بطلاء قبيح و كراسي قديمة مهشمة في أغلبها و رائحة بيت الراحة يستنشقها هل تتصور المواطن سيحس بالرضا أو بقيمة طبيب الإختصاص الذي وضعته ؟ أما المثال الثاني فإن أغلب الفواجع التي هزت الرأي العام فاجعة الرضّع فاحعة عمدون فاحعة القطار الذي إصطدم بشاحنة سنة 2015 فاجعة العاملات الفلاحيات كلها ناتجة عن أدوات العمل القديمة و المهترئة للدولة التي لا أنت و لا أنا سبب فيها لكن رغم ذلك المواطن يرى الدّولة هي المقصّرة لأن أدوات العمل القديمة تجعل المواطن يحس دائما أن الدولة لم تتخذ كل الاحتياطات اللازمة لمنع وقوع المصيبة بالتالي لابد من العمل على تجديد أدوات عمل الدولة ، أعلن أن هذا مكلف لكن هناك منهج لو نعتمده سنصل في مدة ثلاث سنوات من الآن الى التقدم شوطا كبيرا في ذلك فهناك قسم من أدوات الدولة يستحق إلى أعمال صيانة فحسب و ذلك لا يتطلب مجهودا ماليا كبيرا و بالمقابل سيكون له مردود جيد على راحة المواطن و إعطاء إحساس له أن الدولة تسهر على راحته و راحة أبناءه و هذا من شأنه أن يخفض من منسوب التوتر داخل المنشئات العمومية و نقص في عديد المظاهر العنف أهمها يعني هناك مشاكل فرعية أخرى أيضا سيتم القضاء عليها .
انه من أدوات عمل الادارة التونسية التعويل أساسا على العنصر البشري في تقديم خدماتها في عصر صارت فيه الخدمات في أغلبها تقدّم رقميا للمواطن تفاديا للازدحام و المحسوبيّة و الرّشوة ، بالتالي فإنّ رقمنة الإدارة هي أحد الأدوات الهامّة لتحقيق ثلاثة غايات راحة المواطن و العدالة في الخدمة و السرعة فيها .
بالتالي علينا رفع شعار في ” سبيل أدوات عمل جديدة و عصريّة للدولة ” و بمعرفة إستثمار علاقات تونس و الاتفاقيات الدولية و الصندوق الإنمائي للأمم المتحدة سنجد سندا ماليّا كبيرا للقيام بذلك و كذلك بالرقابة الجيدة على كيفية إدارة مصاريف الصيانة بالنسبة لكل المؤسسات و المنشآت العمومية .

ثانيا : الأمن النّاجع و العصري

لو إنتبهنا سيّدي للسنوات الماضية لوجدنا أن العلاقة بين الأمن و المواطن كانت دائما محل تجاذب و ربما عديد الأزمات قد نتجت للحكومات المتعاقبة نتيجة لإشكال وقع في هذه العلاقة ، و في الواقع هذا الامر له ابعاد نفسية أولا لأنه معلوم أنه داخل أي مجتمع سياسي تكون الأجهزة القائمة على حفظ النظام هي أكثر الأجهزة التي يدخل معها المواطن في عداء لأن الانسان تواق لإنعدام القيود بطبيعته و هذا نراه في كل المجتمعات سواء تلك التي لها منظومة أمنيّة متطوّرة او متخلّفة ، لذلك عمدت البلدان المتقدمة الى التقليل أكثر ما يمكن من الاحتكاك المباشر برجل الامن فالمخالفات المرورية صارت تعاينها كاميرات مراقبة و الامن لا يتدخل إلا لانقاذ المواطن في حادث مرور أو كارثة ، كما أن أوراق الهوية تأتي الى المنزل مباشرة بمجرد توفر الشروط القانونية للحصول عليها ، و المجهود البشري المبذول في إدارة المرور يذهب لتعزيز إمكانيات الأمن العمومي و الحماية المدنية ، كما أن تطوير أدوات الادارة الأمنية الأمن العمومي يعزز عمل الادارات المختصة و يسهل عملها ، و هذا كله سيعزز تقنيات و سبل مكافحة الإرهاب و الجريمة المنظمة وطنيا أو جهويا أو محليا .
هنا لا بد من فتح قوس هام أمني لا يحس أن كرامته محفوظة في أدوات عمله و الاحاطة التشريعية به لا تنتظر منه أن يفكر كثيرا في الحفاظ على كرامة المواطن لأنه هو أصلا لا يعمل في منظومة تحافظ على كرامته و حقوقه بالتالي فلا بد من النّظر بعين أخرى و من زوايا أخرى لمسألة حماية الأمنيين التي طالما أنها منعدمة سيكون أداء المؤسسة الأمنيّة منقوصا و لن نستطيع محاربة الجريمة بالشكل الناجع .

ثالثا : الإقتصاد
سأقسم هذه الفقرة الثالثة لعديد العناصر حسب الأهمية

* الحسم في المنوال الاقتصادي

لا شك ان المنوال الاقتصادي يعد من أهم المنطلقات و الركائز لبناء التمشي الاقتصادي الكامل لكل المجتمعات ، و من المعلوم أن تونس ذات منوال إقتصادية توجيهي او حمائي بمعنى أن الدولة طرف في الحياة الاقتصادية من أجل توجيهها و حماية الفئات الضعيفة في المجتمع و للحفاظ أساسا على العدالة الاجتماعية ، و اليوم بالنظر إلى المتغيرات الاقتصادية الدولية و تدخل صندوق النقد الدّولي في سياساتنا المالية و الاقتصادية و التي تدفع بإتحاه تحجيم تدخل الدولة في الحياة الاقتصاديّة و التي يقابلها مجتمع ذو نسيج اقتصادي ضعيف نظرا لكون القطاع الخاص يشكوا هو بدوره من عديد المشاكل الى جانب هشاشة التركيبة الاجتماعية أدى ذلك إلى تضرر عديد الجهات و الفئات الاجتماعية من تحجيم تدخل الدولة فنشأت الأزمات الاجتماعية و التحركات الاحتجاجية التي الى الآن تتخذ طابعا موسميا ، هذا إلى جانب ان المنوال الاقتصادي المزدوج التوجهات خلق أزمات مع الشركاء الاجتماعيين للدولة و هذا أمر أكثر من طبيعي فكيف يمكن مثلا للإتحاد العام التونسي للشغل ان يصدق تعهدات الدولة تجاهه و هو يراها تمضي باليد الأخرى تعهدات دولية تضر بمصالح منظوريه ؟ كيف يمكن للاتحاد الوطني للفلاحة و الصيد البحري أن يصدق تعهدات الدولة و هو يراها كذلك تمضي باليد الأخرى على اتفاقيات تضر بمصالح منخرطيه ؟ كيف يمكن للأحزاب الاجتماعية و اليسارية ان تمشي للتهدئة السياسية و هي ترى الليبيرالية المتوحشة ماضية في اكتساح الاقتصاد التونسي ، أعلم جيدا أن هذا الحسم في التعهدات الاقتصادية و تحديد منوال التنمية النهائي للدولة أمر صعب ان تحسمه جهة سياسية لوحدها او شخص لوحده ، لذلك كان لزاما علينا ان نذهب لحوار وطني اقتصادي و اجتماعي نحسم فيه خيارنا حتى تكون السلطة الحاكمة فيما بعد مدعومة بالحسم الوطني و تشتغل بثقة تامة تجاه الداخل و الخارج رغم اني اعرف جيدا ان المانحين الدوليين سيكونون ضد هذا الخيار لأنه سيقلل من هامش المناورة و تحقيق مصالحهم .

* إستعادة مكانة الطبقة الوسطى

الطبقة الوسطى لها أجر فتأخذ قرض لتستهلك و تحرك حركة العرض و الطلب في كل القطاعات و الميادين بالتالي فإنكماش الطبقة الوسطى يعني إنكماش الاستهلاك يعني انكماش الدولة الاقتصادية يعني تراجع الاستثمار يعني ارتفاع نسبة الدين الخارجي وةالارتفاع المتواصل يعني العجز في نسب التنمية يعني الافلاس ، فالطبقة الوسطى هي المحرك للحياة الاقتصادية كما يتطلب مراجعات عاجلة في السياسات البنكية في علاقة بهذه الطبقة لأن الحل لضمان الأمن الاجتماعي و الاقتصادي ينطلق من تلك الطبقة .

٠ تشجيع الاستثمار :

الدولة بإمكانها أن تحسم أمرها بإتجاه منوال إقصادي حمائي معدل جديد يعني ، و ذلك بأن تتدخل لحماية الطبقات الضعيفة و ذلك بالمحافظة على دورها الحمائي لكن لا تدخل في قواعد عمل السوق في يتعلق بالمبادرة الاقتصادية و الاستثمار بل بالعكس عليها ان تشجع على الاستثمار الخاص ، و اهم تشجيع على الاستثمار هو المساواة في هذا التشجيع بين الامتيازات التي يجدها رأس المال الصغير و رأس المال الكبير و ذلك بتوحيد مسالك الاستثمار من حيث الاحاطة بتسهيل المرور الى الفعل الاستثماري و الامتيازات الجبائية ، بهذا سيتحرك كل المجتمع اقتصاديا و لن تحس جهة او فئة أنها مقصاة من الدورة الاقتصادية ، طبعا عندما اتحدث عن هذه المناهج فإننا سنجد ادوات العمل الملائمة لتحقيقها و أهمها مكاتب مندمحة للمساعدة على بعث المشاريع و باحداث آليات رقابة اكثر نحاعة و اقل تعقيد حتى لا يجد المتحيلون و المتهربون الحبائيون فرصة في منظومتنا الجديدة .

* في سبيل قطاعات إقتصادية عصرية و ذات مردودية وطنية :

القطاعات الاقتصادية معروفة فلاحة صناعة خدمات و تونس معروف انها اتخذت من قطاعي الفلاحة و الخدمات احد ركائز منظومتها الاقتصاديّة ، لكن ذلك صار غير كافي باعتبار المخاطر التي تهدد هذه القطاعات الى حانب ان طريقة التعامل مع هذه القطاعات ما تزال الى الآن تقليدية و تقليدية جدا ، مما نتج عنها عدم مردودية ، و لاحظ سيدي ان المنتوج من القمح قادر على ان يكون اكثر لكن العجز على التخزين يمنع استثمار تطور المنتوج ، هذا إلى جانب الازمات التي تعصف بالقطاع الفلاحي التي لابد من الاستعداد لها من الان ، فتغير العوامل المناخية نظرا للاحتباس الحراري سيعني بالضرورة تفاقم أزمة المياه أكثر و ظهور آفات و اوبئة و أمراض جديدة ستعصف بالقطاع الفلاحي علينا الاستعداد اليها من الآن و إلا فإن تونس في السنوات القليلة القادمة ستكون مهددة بشبح الجوع لعدم تحقيق الاكتفاء الفلاحي الذاتي .

عديدة هي الاشكالات و عديدة هي الحلول و الفرص لتغيير الواقع و الذهاب به الى الافضل ، لكن الفشل سيدي في هذه الفترة سيكون مدمرا و محطما ليس لهذا الجيل فقط بل كذلك للأجيال القادمة و هذا حديثي في جزء أول من هذه الخواطر التي حاولت من خلالها ان اقدم بعض الرؤى و الطرحات التي عساها تنفع البلاد في هذه العاصفة الهوجاء التي تحيطنا من كل جانب .

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى