أحداثأهم الأحداثدولي

في كتابها حول “طوفان الأقصى”: “حماس” تقدم سرديتها لأول مرة

غزة ــ  الرأي الجديد

أصدرت حركة “حماس”، كتيّبًا بعنوان: “روايتنا – طوفان الأقصى: عامان من الصمود وإرادة التحرير”، في مسعى لتقديم روايتها الرسمية حول الحدث وتداعياته..

ويتزامن ذلك، مع انتقال الحرب على غزة من طورها العسكري المباشر إلى طورٍ أكثر تعقيدًا، يتمحور حول الصراع على السردية والمعنى..

تثبيت السردية الفلسطينية
وجاء في مقدمة الكتيّب أن الهدف منه “لا يقتصر على توثيق الحدث، بل يسعى إلى تثبيت دلالته في الوعي الفلسطيني والعالمي، وإغلاق الباب أمام محاولات عزله عن سياقه أو تشويهه أو اختزاله في توصيفات أمنية وأخلاقية أُنتجت في الإعلام الغربي منذ الساعات الأولى للهجوم”.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة أن أهمية الكتيّب تكمن في كونه “استكمالًا واعيًا للرواية الفلسطينية التي تشكّلت مع طوفان الأقصى، بوصفه حلقة في مسار نضالي ممتد منذ عام 1948، وليس حدثًا عسكريًا معزولًا”.

ويقول الحيلة لـ”قدس برس” إن الرواية الواردة “تعيد ترتيب الأسئلة حول الدوافع والأهداف، وتفكك في الوقت ذاته مزاعم الاحتلال التي بدت متهاوية أمام الوقائع الميدانية والسياسية”.

ويضيف أن الكتيّب “يحمل رسائل مركزية، أبرزها كسر أسطورة الردع الإسرائيلي، بعدما أظهر الطوفان هشاشة ما يُروَّج له عن الجيش الذي لا يُقهر، رغم الفجوة الكبيرة في الإمكانات”.

عودة القضية إلى الواجهة
وتؤكد “حماس” في روايتها أن عملية “طوفان الأقصى” أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة الإقليمية والدولية، بعد سنوات من محاولات التهميش والتطبيع، مشددة على أن “الاستقرار في المنطقة يظل وهمًا دون تمكين الفلسطينيين من حقوقهم الوطنية”.

ويرى الحيلة أن الكتيّب “يمثل فرصة تاريخية لعزل الاحتلال سياسيًا وأخلاقيًا، خصوصًا في البيئات الغربية، بعد انكشاف طبيعته العنيفة خلال حرب اتسمت بالإبادة الجماعية وسياسات التجويع، ما أحدث تصدعات حقيقية في صورة إسرائيل داخل مجتمعات كانت تشكّل حاضنتها التقليدية”.

ثغرات في الرواية
ورغم إشادته بالكتيّب، يشير الحيلة إلى غياب “تقدير سياسي واضح لطبيعة رد فعل الاحتلال، الذي نقل الصراع من سياسة الإدارة إلى منطق الحسم الوجودي”. كما يلفت إلى عدم تناول قضايا ما بعد الحرب بعمق، مثل الوصاية الدولية، ونزع السلاح، وإعادة الإعمار، واستمرار الخروقات الإسرائيلية، مكتفيًا بعرض الموقف دون تفصيل مسارات المعالجة.


السردية في الفضاء الدولي
ويتقاطع هذا النقاش مع ما يصفه الخبير في الشؤون الدولية حسام شاكر بـ”معركة السردية” في الفضاء العالمي. ويقول شاكر لـ”قدس برس” إن توصيف الهجوم منذ لحظاته الأولى بوصفه “مذبحة مروعة”، وإدخال سرديات مثل “الاغتصاب” في الخطاب الغربي، “لم يكن تفصيلًا عابرًا، بل أداة تمهيدية للحرب، أسست لوصم طويل الأمد ما زال يلقي بظلاله حتى اليوم”.

ويضيف أن الاحتلال “لا يُبدي اكتراثًا كبيرًا بتدهور صورته الدولية، لأنه يراهن على مكاسب استراتيجية بعيدة المدى، وعلى استمرار الإسناد الغربي، خصوصًا من الولايات المتحدة”، مشيرًا إلى أن هذا الرهان “شجّع النخب السياسية والعسكرية الإسرائيلية على إطلاق تصريحات عنصرية فجّة كشفت طبيعة العقلية الحاكمة” في دولة الاحتلال.

وبرغم ذلك، يرى شاكر أن الفلسطينيين “حققوا مكسبًا استراتيجيًا في صراع الرواية، مع اتساع توصيف الحرب بوصفها إبادة جماعية، وتنامي الوعي الإنساني العالمي بفعل طول أمد الحرب وبشاعتها”. لكنه يوضح أن هذا التحول “ظل محدود الأثر سياسيًا، بفعل اختلال بنية النظام الدولي وهيمنة منظومات خطابية غربية تفرض توصيفًا قاطعًا للحدث”.

ويشير إلى أن “خذلان الشعب الفلسطيني، خصوصًا من بيئته الإقليمية، شكّل عبئًا حال دون تحويل التعاطف العالمي إلى نتائج سياسية ملموسة، في ظل معادلة دولية مختلة أظهرت قدرة الاحتلال على فرض سياساته رغم انكشافه الأخلاقي”..

أسئلة مفتوحة حول الرواية ومن يكتب التاريخ
وبحسب الخبراء، يفتح كتيّب “روايتنا – طوفان الأقصى” بابًا لنقاش لم يُحسم بعد: من يملك حق تعريف الحدث؟ ومن يكتب تاريخه؟ وكيف يمكن للرواية الفلسطينية أن تنتقل من موقع الدفاع إلى موقع التأثير في معركة لم تعد تُخاض بالسلاح وحده؟

وكانت “حماس” قد نشرت روايتها الثانية حول معركة “طوفان الأقصى” باللغتين العربية والإنجليزية، تحت عنوان: “روايتنا: طوفان الأقصى – عامان من الصمود وإرادة التحرير”.

وجاء في بيان مقتضب للحركة أن “طوفان الأقصى لم يكن حدثًا عسكريًا فحسب، بل لحظة ميلاد وانبعاث وعي حرّ لا خداع فيه ولا تزييف”، مؤكدة أن “الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين ليست حلمًا، بل استحقاقًا تاريخيًا وسياسيًا يفرضه شعب صمد تحت الإبادة ولم ينكسر”.

إضغط هنا لمزيد الأخبار

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى