“البرلماني الدولي” يدرِج الجزائر في “القائمة الصفراء”.. بسبب انتهاكات غريبة

الجزائر ــ الرأي الجديد
صادق مجلس إدارة الاتحاد البرلماني الدولي بالإجماع، على قرار قبول الشكوى التي تقدمت بها منظمة شعاع لحقوق الإنسان، بشأن السيناتور السابق عبد القادر جديع..
حصلت المصادقة من قبل المجلس، نهاية الأسبوع المنقضي، خلال الدورة 151 من اجتماعات البرلمان الدولي، حيث قوبلت الشكوى التي تقدمت بها “منظمة شعاع” إلى لجنة حقوق الإنسان للبرلمانيين، بشأن الانتهاكات الدستورية والبرلمانية والملاحقات القضائية، والحكم الصادر بحق السيناتور السابق، عبد القادر جديع في الجزائر.
ويُعدّ هذا القرار أول ملف يتعلق بانتهاك حق نائب جزائري يُسجَّل في سجل الجزائر لدى الاتحاد البرلماني الدولي، مما أدى إلى إدراج الجزائر ضمن “القائمة الصفراء” التي تشمل الحالات التي تتابعها وتراقبها لجنة حقوق الإنسان للبرلمانيين، في إطار جهودها لحماية البرلمانيين المعرّضين للاضطهاد في مختلف أنحاء العالم.
وأعربت لجنة حقوق الإنسان للبرلمانيين التابعة للاتحاد البرلماني الدولي عن قلقها العميق إزاء الحكم غير المتناسب، الصادر بحق السيناتور عبد القادر جديع، معتبرةً أن تصريحاته لم تكن مهينة ولا تحمل أي طابع عدائي، بل جاءت في إطار نقد مشروع للسياسات الوطنية الخاصة بتوزيع الثروات.
تصريحات ضمن حق التعبير
وأكدت اللجنة أن تصريحات السيد جديع كانت ضمن ممارسته لحقه الأساسي في حرية التعبير، وأنه ما كان ينبغي أن يُدان بسببها. ولذلك، دعت السلطات الجزائرية إلى إسقاط الملاحقات القضائية بحقه، وتعزيز حماية حرية التعبير لجميع أعضاء مجلس الأمة الجزائري.
وقبيل صدور القرار (يوم 23 أكتوبر 2025)، عقدت لجنة حقوق الإنسان للبرلمانيين يوم الأحد 19 أكتوبر 2025 جلسة استماع ضمن أشغال الدورة الـ151 المنعقدة في جنيف، شارك فيها السيناتور عبد القادر جديع ومدير منظمة شعاع لحقوق الإنسان السيد رشيد عوين، اللذين قدّما عرضًا وافيًا حول الانتهاكات الدستورية والبرلمانية التي تعرّض لها السيناتور جديع، والملابسات السياسية والقضائية المحيطة بقضيته.
وفي المقابل، عقدت اللجنة جلسة استماع للوفد الرسمي الجزائري يوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، حيث قدّم ممثلو السلطات الجزائرية مرافعة لتبرير الملاحقات القضائية التي استهدفت السيناتور عبد القادر جديع.
خلفية القضية
تتعلق القضية بالسيناتور عبد القادر جديع، عضو مجلس الأمة الجزائري المنتخب سنة 2019 عن ولاية ورقلة، والمقيم حاليًا في إسبانيا بعد اضطراره إلى الهجرة القسرية هربًا من الملاحقات القضائية والسياسية التي يتعرض لها منذ عام 2023، في انتهاك صارخ لحقوقه الدستورية والبرلمانية المكفولة بموجب القانون الوطني والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وتعود خلفية القضية إلى تصريحات أدلى بها السيد جديع خلال جلسة رسمية لمجلس الأمة بتاريخ 22 ديسمبر 2019، بحضور وزير الطاقة والمدير العام لشركة سوناطراك، حيث انتقد سوء التسيير وغياب العدالة في التنمية بمناطق الجنوب الجزائري، ودعا إلى إشراك السكان المحليين في القرارات المتعلقة باستغلال الغاز الصخري، وحماية البيئة، وضمان استفادة المنطقة من عائدات الضرائب البترولية، وتمكين شباب الجنوب من فرص العمل داخل الشركات النفطية.
ورغم أن هذه التصريحات جاءت في إطار مهامه البرلمانية، وحقه الدستوري في الرقابة والتعبير السياسي، فقد فُتحت ضده متابعة قضائية بعد مرور أكثر من أربع سنوات على الواقعة، في خطوة تؤكد الطابع السياسي لهذه المتابعة.
انتهاك الحصانة البرلمانية
في 13 نوفمبر 2023، أصدرت المحكمة الدستورية الجزائرية قرارًا يقضي برفع الحصانة البرلمانية عن السيد جديع، دون احترام الإجراءات القانونية المنصوص عليها في النظام الداخلي لمجلس الأمة، خصوصًا المادة 125 التي تُلزم المجلس بعقد جلسة استماع للعضو المعني والتصويت العلني على القرار. وتُعدّ هذه الخطوة إجراءً تعسفيًا وغير دستوري، وتمثل مساسًا خطيرًا بمبدأ استقلال السلطة التشريعية.
وبعد يومين فقط من القرار، أصدر وكيل الجمهورية لدى “محكمة تقرت”، أمرًا بمنع السيد جديع من مغادرة التراب الوطني، لتصدر المحكمة نفسها في 5 فيفري 2024، حكمًا يقضي بسجنه ثلاث (3) سنوات نافذة وتغريمه 500.000 دينار جزائري، استنادًا إلى المواد 96 و144 و146 و196 مكرر من قانون العقوبات، بتهمٍ تتعلق بـ”إهانة هيئة نظامية”، و”نشر تسجيلات تضر بالمصلحة الوطنية”، و”نشر أخبار من شأنها الإخلال بالنظام العام”.
واعتبرت “منظمة شعاع لحقوق الإنسان”، الجزائرية، أن هذا الحكم يشكّل انتهاكًا واضحًا لحرية التعبير والحصانة البرلمانية، ويؤكد تسييس القضاء واستعماله كأداة لإسكات الأصوات المنتقدة داخل المؤسسات الدستورية.
تصعيد خطير: طلب تسليم دولي
وفي تطور جديد وخطير، تلقى السيناتور عبد القادر جديع استدعاءً رسميًا من المحكمة الوطنية الإسبانية (Audiencia Nacional) بتاريخ 14 أكتوبر 2025، في إطار طلب تسليم رسمي تقدمت به السلطات الجزائرية ضده. ومن المقرر أن تُعقد جلسة النظر في الطلب يوم 3 نوفمبر 2025 بمحكمة السلام في إل كامبيّو (Alicante – إسبانيا).
ونددت “منظمة شعاع لحقوق الإنسان” بهذا الإجراء، واعتبرته “تصعيدًا خطيرًا وامتدادًا لحملة القمع والاضطهاد السياسي التي تستهدف الأصوات المستقلة والمنتقدة داخل الجزائر وخارجها”.
وطالبت منظمة شعاع، مجددا “بإسقاط جميع الملاحقات القضائية ضد السيناتور عبد القادر جديع فورا، وضمان سلامته القانونية والشخصية، ووقف تسييس القضاء في الجزائر، مع الامتثال التام للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”.
إضغط هنا لمزيد الأخبار
















