“الترامبية”: أمريكا أولا.. العولمة أولا وأخيرا..

بقلم / جنات بن عبد الله
كيف يوظف الرئيس الأمريكي، شعار “أمريكا أولا” لإعادة ترسيخ العولمة في المشهد الاقتصادي الدولي؟ ولماذا نستمر نحن العرب في الفهم القاصر للطموحات الأمريكية الخطيرة؟
يتابع العالم يوميا تحركات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتصريحاته المتتالية، المتضاربة والخارجة عن المألوف، التي تتلقفها وسائل الاعلام والمحللون والخبراء، بالتحليل والبحث عن خلفياتها وأبعادها ودلالاتها وتداعياتها.
الأكيد والواضح اليوم أن تفكيك تصريحات ومواقف ترامب، لا تحتاج الى عبقرية ولا الى مرجعيات علمية أو أيديولوجية، باعتبارها تستند الى نزوات ترامبية مغلفة بشعار “أمريكا أولا”، وهو الشعار الذي تبناه في حملته الانتخابية، وحقق به الفوز على منافسه، الذي يمطره في كل مناسبة ولا مناسبة بوابل من النعوت والصفات الخارجة عن العرف السياسي.
“أمريكا أولا” هو أكثر من شعار بل هي سياسة أمريكية يقطر ظاهرها سيادة وطنية فيما يقطر باطنها دما ودمارا وابادة للآخر. العديد من التحاليل ذهبت الى القول بأن ترامب أسقط العولمة والنظام الاقتصادي العالمي الذي شكلته القوى الغربية المنتصرة بعد الحرب العالمية الثانية والتي قسمت العالم، الى معسكر البلدان المهيمنة، ومعسكر العبيد في جلباب دويلات سخرته في خدمتها بمقتضى قوانين ومعاهدات واتفاقيات تقوم على تفكيك الدول ونهب خيراتها وتركيع شعوبها في اتجاه ابادتها والاستحواذ على أراضيها وأصولها وممتلكاتها.
ولئن ترى هذه الأطراف أن تصريحات ترامب تحمل تحولات جذرية في الفكر السياسي الأمريكي، والفكر الليبرالي الاقتصادي، وفي مستقبل العلاقات الدولية، وأنه يؤسس لمرحلة ما بعد العولمة، فإننا نرى أن هذا الانطباع مبالغ فيه خاصة اذا تعلق الأمر بمن يعتبر أحد مخرجات هذا النظام الاقتصادي العالمي.
فترامب الذي ترعرع في ظل بديهيات الفكر الليبرالي التي تقوم على الشجع، والكذب، والتحيل، والاستحواذ على ممتلكات الاخر بالقوة، وعلى اللا قيم، وعدم اعتبار الاخر، ونكران دور مؤسسات الدولة والمنظمات والهياكل والقوانين والاتفاقيات والمعاهدات، لا يمكنه الخروج عن مسار العولمة وحدودها وضوابطها.
ما يعيشه العالم اليوم مع ترامب، الذي يحمل معه تراكمات تجربة مسيرة مهنية طويلة في عالم المال والأعمال لا تخلو من النجاح والافلاس، هو تسريع وتثبيت حركة العولمة، التي حققت أهدافها وأكثر مما خطط لها بسبب العمالة والخيانات، والقفز على نواميسها من أجل اختصار الزمن ورفع كل الحواجز والمعوقات أمام الخطوة الأخيرة والفصل الأخير قبل العودة الثانية للمسيح الذي سيقيم مملكة له تستمر ألف عام قبل نهاية العالم حسب المعتقدات المسيحية واليهودية.
ان العالم لا يعيش اليوم زمن انهيار العولمة بل هي مرحلة أقحم فيها ترامب العالم فيما يمكن تسميته بمسار «تصحيح العولمة” في اتجاه تسريع حركتها من خلال:
** افتعال الأزمات قصد استثناء الولايات المتحدة الأمريكية من تداعياتها السلبية وفرض سياسة القوة والتنمر..
** إعادة تشكيل خارطة العالم ابتداء من الشرق الأوسط، مع مواصلة توظيف أسسها التقليدية المتمثلة في مؤسسات بريتون وودز مع تعزيز دور هذه الأخيرة بعنصر جديد يقوم على ديكتاتورية الولايات المتحدة الأمريكية بالقوة السياسية والعسكرية والمالية في إطار سياسة “أمريكا أولا”.
فهل وجب على شعوبنا العربية اليوم، وبعد زيارة ترامب لدول خليجية ثلاثة، قراءة الفاتحة على مقومات الهوية والسيادة الوطنية والصعود في قطار للاندثار؟
إضغط هنا لمزيد الأخبار