أهم الأحداثالمشهد السياسيالمغرب العربيدوليوطنية

لوفيغارو: هكذا وضع قيس سعيّد تونس في موقع دونيّ مقارنة بالجزائر

باريس ــ  الرأي الجديد

قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إن الاتفاق المبرم بين تونس والجزائر يُضعف الخطاب القومي للرئيس قيس سعيّد، معتبرة أن هذا الأخير وضع تونس في موقع دوني مع الجزائر.

وأضافت الصحيفة أنه وبناءً على طلب من السلطات التونسية، أصبح بإمكان القوات الأمنية والعسكرية الجزائرية التدخل داخل الأراضي التونسية في إطار مكافحة الإرهاب أو الجريمة المنظمة؛ وذلك بموجب اتفاق تم توقيعه في 7 أكتوبر الماضي بين البلدين، كشفت عنه وسائل الإعلام الجزائرية في اليوم التالي. حينها، نفت تونس التكهنات، مؤكدة أن الأمر لا يعدو كونه تحيينا لاتفاق ثنائي يعود إلى عام 2001.

وأوضحت “لوفيغارو” أن الملف، وبعد أن بدا وكأنه قد طُوي، عاد إلى الواجهة بقوة وأصبح حديث الساعة، مثيرًا قلق الرأي العام التونسي؛ حيث إن الوثائق التي تم تسريبها من مصادر جزائرية في 18 ديسمبر الجاري أظهرت مدى النفوذ الذي باتت تمارسه الجزائر على نظام الرئيس قيس سعيّد، في وقت بدأ فيه التونسيون يدركون حجم الالتزامات التي تفرضها مثل هذه الاتفاقيات، والتي لا تخضع لموافقة مجلس نواب الشعب، بل تندرج ضمن أسرار الدولة.

خطاب شعبوي
وتابعت الصحيفة الفرنسية القول إن هذه القضية تُحرج السلطة التونسية التي جعلت، في إطار خطاب شعبوي، من السيادة الوطنية ورفض أي تدخل أجنبي محورًا أساسيًا لخطابها السياسي. وهو خطاب غذّى الشعارات التي رُفعت خلال تجمع شعبي مؤيد للرئيس في تونس يوم 17 ديسمبر الجاري، بمناسبة إحياء ذكرى الثورة، حيث هاجم قيس سعيد معارضيه واصفًا إياهم بأنهم “يتآمرون ويتباكون في أحضان السفارات”.

غير أن بنود الاتفاق المسرّب ترسم واقعًا مختلفًا تمامًا، تصبح فيه السيادة مسألة نسبية، مع استعداد السلطة التونسية لإظهار شكل من أشكال الولاء للجزائر، تقول “لوفيغارو”، مشيرة إلى أن الرئيس التونسي ندد بما اعتبره وثائق مزورة ونوايا سيئة لأعداء البلاد.

لكن الضرر وقع بالفعل- تقول “لوفيغارو”- إذ يرى منتقدون أن الأمر “يعيد إلى الأذهان شروط الحماية”، لا سيما أن مضمون المادة السادسة من الاتفاق يتضمن تفاصيل دقيقة يصعب اختلاقها؛ إذ تنص هذه المادة على حق القوات الجزائرية، التي تتدخل بطلب من النظام التونسي، في دخول الأراضي التونسية والتوغل لمسافة تصل إلى 50 كيلومترًا، مع إمكانية الوصول إلى المؤسسات عند الضرورة.

كما تتحمل تونس كامل تكاليف هذه العمليات، بما في ذلك تعويض القوات المشاركة، وإيواؤها، وتغطية جميع النفقات اللوجستية بما فيها النقل. وفي حال عجزت تونس عن الدفع، يمكنها تقديم موارد طبيعية كتعويض.

اتفاق.. والتزامات صارمة
كما أوضحت الصحيفة الفرنسية أن الاتفاق يفرض التزامات صارمة، حيث يُلزم تونس بإبلاغ الجزائر مسبقًا قبل إبرام أي اتفاق أمني أو عسكري مع دولة أخرى.

هذا الوضع الأمني، اعتبرت “لوفيغارو” أنه يستدعي رد فعلٍ من شركاء تونس، وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي الذي تربطه بها مذكرة تفاهم منذ يوليو 2023 حول شراكة إستراتيجية وشاملة، وكذلك حلف شمال الأطلسي الذي تتمتع تونس داخله بصفة حليف رئيسي للولايات المتحدة الأمريكية من خارج الحلف.

ومضت “لوفيغارو” مشيرة إلى أن شعورًا عامًا بالانزعاج يسود في تونس، في ظل انطباع بأن الرئيس قيس سعيّد سمح للجزائر بقيادة المشهد. ونقلت في هذا الصدد عن أحد المؤرخين قوله إن “الجزائر، رغم التاريخ المشترك في النضال من أجل تقرير المصير خلال الحقبة الاستعمارية، ورغم وعود التضامن، أثبتت مرارًا تدخلها في الشأن التونسي”.

التدخل الجزائري.. والمسافة التونسية
وذكّرت الصحيفة الفرنسية بمحاولة زعزعة استقرار تونس عبر العملية المسلحة التي شهدتها مدينة قفصة عام 1980، وأيضًا بعزل الرئيس الحبيب بورقيبة عام 1987 لصالح زين العابدين بن علي، وهي خطوة ترى بعض الأطروحات أنها تمت برغبة من رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك بيتينو كراكسي، والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، اللذين عارضا وقتها فرض تونس ضرائب على الجزء المار بأراضيها من أنبوب الغاز الجزائري-الإيطالي.

وأوضحت “لوفيغارو” أن الأنظمة التونسية المتعاقبة نجحت، على مدى أعوام، في إبقاء التدخل الجزائري على مسافة، لكن الوضع اختلف مع قيس سعيّد الذي وصل إلى الحكم دون دعم دولي فعلي، وكان يبحث عن راعٍ سياسي.

وهو الدور الذي أحسن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لعبه، بعدما فشل في ذلك كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تقول “لوفيغارو”.

إضغط هنا لمزيد الأخبار

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى