تحقيق صادم: مسؤولة أممية متهمة بمساعدة إسرائيل على تجويع غزة

جينيف ــ الرأي الجديد
كشف تحقيق سويسري، عن اتهامات خطيرة بحق، سوزانا تكاليك، أعلى مسؤولة أممية في قطاع غزة، تتعلق بتواطئها مع السلطات الإسرائيلية في إدارة المساعدات الإنسانية..
وأوضح التحقيق، الذي نشرته مؤسسة “ذا نيو هيومانيتاريان”، نهاية الأسبوع المنقضي، أن تكاليك مكّنت “إسرائيل” من استخدام المساعدات كسلاح لتجويع السكان، وأساءت إلى زملائها الفلسطينيين والدوليين، وساهمت في جهود إسرائيلية تهدف إلى زرع الانقسام بين العاملين في المجال الإنساني.
ووفقاً للتقرير، فإن تكاليك التي تشغل أعلى منصب أممي ميداني في غزة منذ تعيينها مطلع عام 2025، مكّنت إسرائيل من استخدام المساعدات كسلاح لتجويع الفلسطينيين، وأساءت إلى زملائها من العاملين الفلسطينيين والدوليين، بل وساهمت –بحسب مصادر متعددة– في تعميق الانقسام داخل المؤسسات الإنسانية العاملة في القطاع.
ونقل التقرير شهادات عن 11 عاملاً في الإغاثة الإنسانية، بينهم خمسة مسؤولين رفيعي المستوى، قولهم إن تكاليك سمحت لإسرائيل بالتلاعب بالاستجابة الإنسانية، ولم تواجه القيود المفروضة على المساعدات، بل رددت الروايات الإسرائيلية الرسمية دون تمحيص، فيما لامت زملاءها الفلسطينيين على نقص الغذاء.
طعام الكلاب السائبة.. قبل الفلسطينيين
وأشار التقرير إلى واقعة أثارت غضباً واسعاً بين العاملين، إذ تفاوضت تكاليك مع السلطات الإسرائيلية لإدخال طعام للكلاب الضالة قرب مقر أممي في وقت كان الفلسطينيون يموتون جوعاً نتيجة منع إدخال المواد الغذائية الأساسية.
كما ذكر عدد من العاملين أن تكاليك كانت تغادر غزة بشكل متكرر أكثر بكثير من المسؤولين السابقين، ما فُسّر بأنه ابتعاد متعمد عن الميدان في لحظات حرجة.
واتهم التقرير تكاليك أيضًا بـ “تهميش وكالة الأونروا –التي تعتبرها إسرائيل خصمًا مزمنًا– مفضلة الوكالة العالمية للأغذية (WFP) لتوزيع المساعدات، ما أدى إلى حرمان ملايين الفلسطينيين من الوصول المباشر للطعام”.
وقال أحد كبار موظفي الأمم المتحدة: “الإسرائيليون يحبونها لأنها لا تعارضهم، بل تنقل رسائلهم حرفياً إلى المجتمع الإنساني. لقد قدّمت لهم الحزمة الكاملة: الصمت والانصياع”.
التشجيع على التهجير
وأشار التقرير إلى أن تكاليك تفاوضت مع “إسرائيل” قبل الهجوم على مدينة غزة في أغسطس الماضي، حول اتفاق يسمح بتوزيع الخيام في الجنوب، وهو ما اعتُبر موافقة ضمنية على التهجير الجماعي لأكثر من مليون فلسطيني.
التقرير أشار أيضاً إلى أن قرار تكاليك بتعديل آلية توزيع الطحين في مايو الماضي سمح لـ”إسرائيل” بفرض سيطرة كاملة على مسار المساعدات، إذ تم حصر التوزيع بالمخابز فقط بعد أن كان مباشراً للأسر، ما أدى إلى انهيار الثقة بين السكان والمنظمات، ووقوع أعمال نهب وفوضى عندما أدرك الناس أنهم لن يتسلموا الطحين بأنفسهم.
وتسبب القرار لاحقاً في مقتل 4 أشخاص خلال اقتحام جياعٍ مستودعاً تابعاً لبرنامج الأغذية العالمي بدير البلح، فيما قصفت القوات الإسرائيلية مخابز وقوافل مساعدات، ما أدى إلى مقتل وإصابة نحو 100 شخص من المدنيين والعاملين الإغاثيين.
وأشار العاملون إلى أن تكاليك حافظت على موقف “خاضع وصامت” تجاه السلطات الإسرائيلية، واحتفلت أحيانًا بالسماح البسيط بإدخال المساعدات، وهو ما اعتبروه مشاركة غير مباشرة في سياسات التجويع والتهجير.
علاقة بوحدة “كوغات” الإسرائيلية
ونفت تكاليك معظم الاتهامات، قائلة إن مواقفها “تعبر عن الأمم المتحدة”، وأن أولويتها هي إيصال المساعدات بأكثر الطرق كفاءة ومبادئية وأماناً، لكنها لم تُجب عن علاقتها بوحدة “كوغات” الإسرائيلية، التي تتهمها منظمات الإغاثة بالتلاعب الدائم في تنسيق المساعدات.
وأبرز التحقيق أن إدارة تكاليك أدت إلى زيادة الانقسام بين الوكالات الإنسانية، وتقليص دور الأونروا، واستبعاد العاملين المحليين من اتخاذ القرارات، ما ساهم في تفاقم الأزمة الإنسانية.
وأكد العاملون أن الأوضاع ازدادت سوءًا، مع استمرار الحصار ونقص الغذاء والمياه والصحة، وارتفاع معدلات الوفاة جوعًا، خصوصًا في شمال غزة حيث أغلق معظم المخابز والمطابخ العامة.
واختتم التقرير بأن أداء تكاليك خلال العامين الماضيين أفقد ثقة المجتمع الإنساني في الأمم المتحدة داخل غزة، وأعطى “إسرائيل” نافذة ذهبية لإدارة الحصار وتجويع المدنيين تحت غطاء إنساني دولي.
إضغط هنا لمزيد الأخبار