أحداثأهم الأحداثدولي

بنوك أوروبية وأميركية تموّل إبادة غزة عبر شراء السندات الإسرائيلية

أمستردام (هولندا) ــ  الرأي الجديد

كشف تحقيق استقصائي دولي، قيام مؤسسات مالية أوروبية وأميركية، بالمساهمة المباشرة في تمويل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، عبر شراء السندات الحكومية الإسرائيلية.

وتحوّلت هذه البنوك الضخمة، إلى أداة مالية مباشرة لتمويل الإبادة الجارية ضد أكثر من مليوني فلسطيني محاصر.

وأكد تحقيق خاص بمنصة “Follow the Money” الهولندية، أن بنوكًا وشركات تأمين أوروبية وأميركية ضخّت مليارات الدولارات في هذه السندات منذ اندلاع العدوان في أكتوبر 2023، في خرق لمبادئ منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) المتعلقة بحقوق الإنسان والمسؤولية الاجتماعية.

السندات الإسرائيلية: سلاح حرب
منذ عام 1950، حين أطلق دافيد بن غوريون أول حملة لبيع السندات السيادية، استخدمت “إسرائيل” هذا الأسلوب لجمع التمويل من الجاليات اليهودية والمستثمرين حول العالم تحت شعارات دينية وسياسية.

ومع مرور العقود، تحوّلت هذه السندات إلى جزء من آلة التمويل العسكري، إذ تُستخدم لتمويل جيش الاحتلال والمستوطنات والبنى التحتية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. اليوم تُسوّق رسميًا تحت شعارات مثل: “إسرائيل في حالة حرب: نحن نقف مع إسرائيل”، مما جعل من شراء السندات موقفًا سياسيًا أكثر منه استثمارًا ماليًا.

تورط بنوك وشركات تأمين أوروبية
أظهر التحقيق أن مؤسسات مالية غربية واصلت تمويل “إسرائيل” رغم التوثيق الأممي لجرائم الحرب في غزة. أبرز الجهات المتورطة تشمل:

  • شركة Allianz الألمانية (عبر فرعها الأميركي PIMCO)، كأكبر ممول منفرد للسندات الإسرائيلية بقيمة 960 مليون دولار.

  • سبعة بنوك كبرى، منها: Goldman Sachs، Bank of America، Deutsche Bank، BNP Paribas، Barclays.

بين أكتوبر 2023 ويناير 2025، بلغت مساهمات هذه المؤسسات في إصدار أو تسويق السندات الإسرائيلية نحو 19.4 مليار دولار.

وبحسب وكالة /بلومبرغ/، تجاوزت ديون الحكومة الإسرائيلية في 2024 مستوى 250 مليار شيكل (نحو 63 مليار يورو)، في ظل استمرار الحرب على غزة، ما جعل السندات أداة أساسية لضمان تمويل العمليات العسكرية.

تواطؤ مالي في جرائم الحرب
أكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيزي في يوليو 2025 أن السندات الحكومية الإسرائيلية لعبت دورًا حاسمًا في تمويل الهجوم المستمر على غزة، معتبرة تداولها داخل أوروبا “تواطؤًا ماليًا في جرائم حرب وإبادة جماعية”.

كما حمّلت منظمات مثل SOMO وOECD Watch الشركات الغربية مسؤولية تجاهل تقييم تأثير استثماراتها على المدنيين الفلسطينيين، وعدم التشاور مع أي جهة حقوقية مستقلة.

وتنص مبادئ “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” على وجوب تحديد مخاطر انتهاكات حقوق الإنسان، واتخاذ خطوات للحد من الأضرار، والتشاور مع الأطراف المتضررة.

لكن التحقيق كشف أن أي مؤسسة مالية غربية لم تتبع هذه المبادئ فيما يتعلق بالسندات الإسرائيلية، متجاهلة التحذيرات الحقوقية ومخالفة المعايير الأخلاقية.

وقد أظهرت التحقيقات أن بعض صناديق التقاعد الأوروبية التي تُسوّق تحت شعار “الاستثمار الأخلاقي” اشترت السندات الإسرائيلية، ما يعني أن ملايين الأوروبيين يساهمون دون علمهم في تمويل القصف على غزة من خلال اشتراكاتهم الشهرية.

المال والسياسة في خدمة الاحتلال
التحقيق أوضح عدة نقاط:

  • تمويل ممنهج للحرب: تحولت السندات إلى وسيلة رسمية لتعبئة الأموال الغربية لصالح الاحتلال.

  • ازدواجية المعايير: الحكومات الأوروبية تدين روسيا والصين على انتهاكات حقوق الإنسان لكنها تغض الطرف عن دعمها المالي لإسرائيل.

  • ثغرات قانونية: غياب إلزام قانوني بتطبيق مبادئ OECD يسمح باستمرار التمويل رغم الإدانات الحقوقية.

  • تصدع صورة الغرب الإنساني: التناقض بين الخطاب الأخلاقي الأوروبي وممارساته الاقتصادية يظهر بشكل صارخ.

وتتصاعد الدعوات في بروكسل ودبلن وباريس لفتح تحقيق رسمي في دور المؤسسات المالية الغربية في تمويل جرائم الحرب في غزة وربطها بالعقوبات والمساءلة القانونية.

فالعدوان على غزة ليس فقط حربًا بالسلاح، بل أيضًا حربًا بالمال والاستثمار. ومن دون تجفيف منابع التمويل القادمة من البنوك وشركات التأمين الغربية، ستبقى آلة الإبادة تعمل بأيدٍ إسرائيلية وبدعم مالي دولي يحمل توقيع “العالم المتحضر”.

إضغط هنا لمزيد الأخبار

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى