أهم الأحداثالمغرب العربيدولي

هل تنجح حكومة المغرب في تهدئة غضب شباب “جيل زد”؟

الرباط ــ  الرأي الجديد

وسط تصاعد احتجاجات شباب “جيل زد” في المغرب، تواصل الحكومة تحركاتها المكثفة لاحتواء الغضب الشعبي، بينما لا يزال آلاف الشبان متمسكين بالشارع..

وفي انتظار قرارات ملموسة تستجيب لمطالبهم المعيشية والاجتماعية، شهدت مدن مغربية عدة السبت، ولليوم الثامن على التوالي، مظاهرات سلمية واسعة عقب هدوء نسبي رافق احتجاجات الخميس والجمعة، وذلك بعد مواجهات دامية الثلاثاء والأربعاء، أسفرت عن مقتل 3 أشخاص وإصابة المئات، إلى جانب خسائر مادية وتوقيفات واسعة، وفق ما أعلنت السلطات.

ويقود تلك المظاهرات شباب من “جيل زد” المولودين بين منتصف تسعينيات القرن الماضي والسنوات الأولى من القرن الحالي، في أوج ثورة التكنولوجيا الحديثة والإنترنت.

ويترقب الرأي العام خطاب الملك محمد السادس، الجمعة المقبلة، خلال افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة، وسط توقعات بأن يحمل الخطاب مؤشرات حاسمة بشأن مستقبل الحكومة وموقف القصر من الأزمة.


سقف المطالب
يرى رئيس مؤسسة “وسيط المملكة” (رسمية، ديوان المظالم سابقا) حسن طارق، أن سقف مطالب المتظاهرين يبقى “منخفضا” مقارنة بحركات احتجاجية سابقة، إذ يركز الشباب على قضايا التعليم والصحة ومحاربة الفساد، دون رفع شعارات سياسية راديكالية.

وفي حديثه عبر القناة الثانية الرسمية، أوضح طارق أن “حجم الاحتجاجات أقوى من سقف مطالبها”.

وأشار إلى أن جيل الشباب الحالي، المولود بين تجربتي حكومة التناوب عام 1998 (أول حكومة يقوم بتشكيلها زعيم معارض) ودستور 2011 (تم اعتماده عقب ما يعرف بالربيع العربي)، يعيش توترا بين وعيه العميق بحقوقه وصعوبة الوصول إليها فعليا في مجالات الخدمات الأساسية، ما يولد حالة إحباط وتوتر.

وبحسب طارق، فإن “الشباب اليوم أكثر إدراكا للتحولات العالمية والقيمية، لكن عليهم أن يفهموا أن سقف مطالبهم المنخفض لا يقلل من مشروعية حراكهم، بل يعكس التناقض بين وعيهم بحقوقهم وواقع قدرتهم على الوصول إليها”.

من جهته، قال عبد الجبار الراشدي، كاتب الدولة المغربي المكلف بالإدماج الاجتماعي، إن “الفضاء العمومي لم يعد محصورا في الواقع، بل أصبح افتراضيا في تجارب عدة دول”.

وأضاف، خلال البرنامج نفسه: “اليوم نواجه إشكالا حقيقيا بين الديمقراطية التمثيلية والتعبيرات المشروعة، ويجب إيجاد معادلة توازن بين الافتراضي والمؤسساتي عبر الحوار واستيعاب مختلف الأصوات”.


وأشار الراشدي إلى أنه على الدولة أن تتعامل مع هذا الفضاء بجدية وتجد طريقة للتواصل معه واحتوائه ضمن النظام الديمقراطي.

وأوضح أن “مطالب الشباب ركزت في البداية على قضايا العدالة الاجتماعية، ثم تطورت لتشمل دعوات إلى حلّ مؤسسات سياسية، ما يعكس اتساع سقف المطالب مع مرور الوقت”.

مطالب مباشرة إلى الملك
والجمعة، طالب شباب “جيل زد” في رسالة وجهوها إلى الملك محمد السادس، ونشروا نصها على منصات التواصل الاجتماعي بـ”إقالة الحكومة الحالية بسبب فشلها في حماية القدرة الشرائية للمغاربة وضمان العدالة الاجتماعية”.
كما طالب الشباب بـ”إطلاق مسار قضائي نزيه لمحاسبة الفاسدين”.

وطالبوا أيضا بـ”حل الأحزاب السياسية المتورطة في الفساد، وضمان فرص متكافئة للشباب في التعليم والصحة والشغل، بعيدا عن الزبونية والمحسوبية، وتعزيز حرية التعبير، والحق في الاحتجاج السلمي، وإطلاق سراح جميع المعتقلين المرتبطين بالاحتجاجات السلمية”.

الحكومة: مشاريع لتحسين الخدمات
بدوره، قال وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، إن الحكومة تعتزم افتتاح 24 مستشفى جديدا خلال الأشهر القادمة، ضمن خطة تطوير البنية التحتية الصحية في البلاد.

وأضاف، في تصريح للقناة الثانية، أنه تم افتتاح 22 مستشفى خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى توظيف 1200 طبيب اختصاصي بالمستشفيات العمومية خلال هذه السنة.

وأوضح أنه يجري حاليا بناء مستشفيات جامعية كبرى في عدد من المدن الرئيسية، والتي من شأنها أن تحدث قفزة نوعية في العرض الصحي على مستوى جهات المملكة.


وتأتي هذه المشاريع ضمن “خطة إصلاح شاملة” انخرطت فيها الحكومة منذ بدايتها، حيث أكد الوزير أن “الإصلاح على قدم وساق” لكنه “يحتاج وقتا” لتظهر نتائجه الكاملة.

وأكد وزير الصحة أنه يصغي لمطالب الشباب ويتفهم الصعوبات التي يعانيها المواطنون في بعض المستشفيات العمومية.

حصيلة وتداعيات
وأعلنت وزارة الداخلية أن ما يزيد على 70 بالمئة من المشاركين في الاحتجاجات هم من القاصرين، مشيرة إلى استخدام بعضهم “أسلحة بيضاء ورشقا بالحجارة وإشعال الإطارات”.

وأشارت إلى أن “أعمال اعتداء وتخريب ونهب طالت حوالي 80 من المرافق الإدارية والصحية والأمنية والجماعية والوكالات البنكية والمحلات التجارية بـ23 إقليما”.

وتحولت مظاهرات شباب “جيل زد” إلى مواجهات مع رجال الأمن، خلفت 3 قتلى من المحتجين و640 مصابا بينهم 589 من عناصر الأمن، وفق ما أعلنته وزارة الداخلية، الخميس.


وبينما تواجه الحكومة أحد أصعب اختباراتها منذ تعيينها عام 2021، تبقى الأنظار موجهة إلى خطاب الملك الجمعة المقبل، الذي قد يحدد ملامح المرحلة اللاحقة بين التهدئة أو مزيد من التصعيد في الشارع.

المصدر: (الأناضول)

إضغط هنا لمزيد الأخبار

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى