أحداثأهم الأحداثدوليمقالات رأي

ما بعد بيان “حماس”… مشهد فلسطيني ودولي جديد

بقلم / صالح عطية

دحرجت حركة حماس ــ ببيانها الأخير ــ كرة اللهب باتجاه إسرائيل، واستدرجت الموقف الأمريكي لمعادلة جديدة، وأعادت لمكونات الشأن الفلسطيني، زخمه ودوره في صياغة مستقبل القضية الفلسطينية..

كما نجحت الحركة، في تجنّب ضربة قاصمة لها، ولقطاع غزة، بما أعاد الحياة لمسألة التسوية، تحت الرعاية الدولية، والمشاركة الإقليمية، بعد أن وضعت إسرائيل وقيادتها السياسية، المتهمة بجرائم الحرب، في الزاوية، بل في عزلة غير مسبوقة في تاريخ هذا الكيان، منذ نشأته قبل أكثر من 70 عاما..

تلك هي أبرز الملاحظات التي يمكن أن نستشفها من التطورات التي عرفتها المنطقة والعالم، بعيد إعلان حركة “حماس” عن موقفها الذي ضمنته في بيان نشره الرئيس الأمريكي على منصته الخاصة..

تساؤلات بارزة
ثمّة أسئلة كثيرة مطروحة على خلفية التطورات المتسارعة بعد قبول حماس بالمقترح “الترامبي”:

** لماذا تعجلت “حماس” بالقبول، وقد كان لديها الوقت (الواحدة صباحا بتوقيت مكة المكرمة من يوم الأحد بتوقيت تونس)؟

** لماذا سارع البيت الأبيض، إلى إلى تسويق صورة الرئيس الأمريكي، وهو يقرأ بيان حماس بعد برهة من الزمن من صدوره، والحال أن التعامل مع بيانات ونصوص حماس بالذات، كانت تستوجب ألف قراءة من البيت الأبيض، مثلما حصل سابقا في كل بيانات حماس وردودها؟

** لماذا نشر ترامب بيان حماس على منصته “تروث سوشيل”، بشكل غير مسبوق، والتنويه به، قبل أن يخرج ليطالب بوقف فوري للحرب على غزة، وهو الذي كان قبل بضع ساعات فقط، يشير إلى أنّ حماس ينتظرها الجحيم إذا لم تقبل بكل المقترح الأمريكي، على الرغم من أنّ البيان الحمساوي، لم يعلن مطلقا، أنّه قبل بكل المقترح الأمريكي؟

** كيف انتقل ترامب بسرعة من موضوع غزة، إلى موضوع السلام برمته؟

** كيف نفسر تتالي التصريحات الإقليمية والدولية بسرعة فائقة، معلنة دعمها لبيان “حماس”، ومنها فرنسا وقطر ومصر وبريطانيا وتركيا والسعودية وإيرلندا، وغيرها..

** أليس الحراك العالمي، الغاضب من منع إسرائيل وصول أسطول الصمود العالمي إلى غزة، واعتقال نشطاء وصحفيين، كانوا على متنه، دورا كبيرا في “العجلة” الأمريكية، وما تلاها من تسارع في مستوى المواقف من هنا وهناك، خصوصا وأنّ بعض المظاهرات في أوروبا بدأت تطالب باستقالة حكومات (إيطاليا، فرنسا، بريطانيا، وألمانيا..)، كما بدا واضحا من الشعارات والمطالب المرفوعة في تلك المظاهرات؟

                             ترامب وهو يقرأ بيان حماس

فبحسب بعض التسريبات المنشورة في بعض الصحف والمواقع الأمريكية والبريطانية، والتركية، بأنّ قيادات أوروبية مسؤولة، أعربت لترامب عن مخاوفها، من أن يؤدي حراك الرأي العام الأوروبي إلى إسقاط حكومات، بما يعني سقوط اليمين المتطرف في أوروبا، الذي يعوّل عليه ترامب في علاقاته، وهو ما سوف يؤدي إلى صعود تيارات مناهضة لإسرائيل، ومنحازة للحق الفلسطيني، بما يجعل إدارة ترامب، عندئذ، في مأزق حقيقي..

** كيف نفسر بقاء “نتن ياهو” صامتا لنحو 6 ساعات كاملة، دون تفاعل مع البيان الحمساوي، وحتى عندما تفاعل معه لاحقا، اكتفى بالحديث عن الأسرى، في محاولة للالتفاف على مسألة وقف الحرب، والإشارة بأنّ حماس لم تردّ على باقي نقاط المبادرة، وهو ما جعل عواصم عربية وأوروبية، تسابق “المكر الإسرائيلي” بالقول أن عملية التفاوض قد انطلقت، مثلما جاء في بيانات قطر ومصر وتركيا وفرنسا، وغيرها.. من أجل غلق الطريق أمام “نتن ياهو”، لكي لا يمارس “سياسة الحيّة”، كعادته في مواجهة أي مقترح للتسوية..

ومع كل ذلك، ما زلت شخصيا، أعتبر أن مكر الصهاينة، قائم، وسيحاول مجرم الحرب، البحث عن الخروج من الزاوية، مع هامش محدود للمناورة..

ودون الدخول في منطق “المؤامرة”، لا بد من القول، إننا بصدد صياغات “الغرف المغلقة”، والغرف جزء من أي عملية سياسية، وبالتالي، فنحن أمام عملية شبه مرتبة، من الناحية السياسية، فليس من المعقول أن نشاهد كل تلك العجلة والتسارع النشيط والمكثف للأحداث، دون أن يكون في الأمر ترتيب.. فهذا ليس من الأعراف السياسية ولا الدبلوماسية، ولا التفكير الإستراتيجي للدول..

لكن لسائل أن يسأل، رغم كل ذلك، ما هي أسباب “التراكم الكمي” للأحداث، كما كان يقول المفكر سمير أمين؟

تطورات قلبت الموقف الأمريكي
في رأينا ثمة جملة من التطورات التي باتت مثيرة للسياسة الأمريكية، ولخيارات ترامب على صعيد المعادلة الدولية:

* حالة الغضب في الشارع العربي والإسلامي والأوروبي والآسيوي، إزاء (خطة ترامب)، حيث نصت على نهاية المقاومة، وتسليم السلاح، ونهاية حماس، وإدارة القطاع من قبل جهة مستقلة تحت إشراف “المستعمر الجديد” في المنطقة، طوني بلير.. وهو ما اعتبر ليس فقط إجحافا أمريكيا في حق القضية الفلسطينية، إنما كذلك، ليّ غير مقبول للقانون الدولي، ولأدوار المقاومة وحركات التحرر في العالم ضدّ الإحتلال والإستعمار، وهو أمر منصوص عليه في القوانين الدولية وفي مواثيق حقوق الإنسان، بما يجعل حالة الغضب، مدخلا ومبررا للحركات الجهادية و”الإرهابية” للتحرك في عمليات هنا وهناك، من شأنها إدخال العالم في حالة فوضى، قد لا تقدر بعض الأنظمة السيطرة عليها، أمام غضب الشعوب المتسعة دائرته بشكل غير مسبوق منذ نحو 50 عاما على الأقل..

لم تكن صيغة المقترح الأمريكي، عنوانا لحلّ سياسي، بقدر ما كانت ترجمة لحالة من الغطرسة وفعل الهيمنة، ومحاولة إدارة الصراع، بخلفية صهيو ــ أمريكية واضحة..

* رغبة الرئيس الأمريكي في الحصول على “جائزة نوبل للسلام”، تتعارض مع “خطّته” التي تقدمه في صورة “الجنرال المستبدّ”، أكثر من كونه سياسيا باحثا وحريصا على السلام، بما يفوّت عليه فرصة “صنع السلام” في الشرق الأوسط، مستفيدا من الحالة العربية والإسلامية المترهلة، وضعف الاتحاد الأوروبي، والتردد الصيني الروسي، بما قد يجعله يضيّع هذه الحالة الإقليمية والدولية، ويفوّت عن نفسه ــ بالتالي ــ فرصة نيل جائزة نوبل للسلام، التي يبحث عنها، وجعلها من أهدافه المركزية خلال مدته الرئاسية هذه..

   حماس تستعدّ لإطلاق سراح الأسرى

واستتباعا لذلك، لن تهيئ خطته، لا لسلام في الشرق الأوسط، ولا للتطبيع، ولا لمكانة لإسرائيل في المنطقة، حتى على مستوى الأنظمة الموالية له.

* ولعلّ القطرة التي أفاضت كأس الأمريكان، بالتحديد، هي المظاهرات في عديد الدول (تركيا ــ فرنسا ــ إيطاليا ــ بلجيكا ــ تونس ــ إسبانيا، وغيرها..)، أمام السفارات الأمريكية، حيث تمت المطالبة بطرد السفراء الأمريكيين، كما حصلت مشادّات مادية مع الشرطة المكلفة بحراسة هذه السفارات، بما جعل صورة الولايات المتحدة، مهزوزة، وباتت في مرمى الإضرار بمصالحها، وبجالياتها المقيمة هنا وهناك، التي قد تتعرض لأخطار وردود فعل، لا يمكن توقع حجمها وإطارها وسياقاتها..

* أن اتساع دائرة الكراهية للسياسة الأمريكية، سيجعل الخصم اللدود للولايات المتحدة، وهي الصين، تستفيد سياسيا واستراتيجيا، وفي مستوى تحالفاتها مع العالم العربي والإسلامي، وهو أمر لا تقبل به الإدارة الأمريكية، ولا اللوبي الصهيوني المؤثر في الولايات المتحدة.

* الفشل الأمريكي في الحرب الدائرة بين أوكرانيا وروسيا، رغم الوعود الانتخابية لترامب، بأنه لو كان في الحكم لما حصلت الحرب، وبأنه إذا ما فاز في الانتخابات، فسيعمل على إيقافها في الساعات الأولى من دخوله البيت الأبيض، وهو ما لم يتم، رغم أنّه في الرئاسة لأكثر من عام..

* وأخيرا، وليس آخرا، فإنّ الرئيس الأمريكي، واجه بأشكال مختلفة، الانتقادات الرسمية من عدّة دول في المنطقة، للهجة التي استخدمها في خطته، وتصريحاته التي كان يهدد فيها حماس بانتظار “الجحيم”، إذا لم تقبل بالمقترح الترامبي، حيث أعربوا له عن مخاوفهم من تصاعد موجات ردّ الفعل في المنطقة، سواء من الشعوب، أو من الحركات المناهضة لأمريكا وإسرائيل، أو من “المجموعات الإرهابية”، بما سوف يؤدي إلى موجة قمع ومواجهات مع الشعوب، ربما سرّعت بإسقاط حكومات وأنظمة، خصوصا في العالم العربي، الهشّ سياسيا وأمنيا وعسكريا، ومثال ما يجري حاليا في المغرب والجزائر، دليل على غضب الشعوب، وشدّة احتقانها، وما يمكن أن يؤديه ذلك من مآلات من الصعب استيعابها أمريكيا، لأنّ أي تغيير غير محسوب في المنطقة، قد يؤدي إلى صعود تيارات وأحزاب، مناهضة للطروحات الأمريكية، ولديها رغبة في صياغة تحالفات جديدة من خارج “الصندوق الأمريكي”، إن صحّ القول..

حماس تعيد صياغة المشهد
لعلنا لا نبالغ إذا ما قلنا أنّ أغلب التحليلات لخطّة ترامب، توقعت حشر حركة “حماس” في الزاوية الأمريكية الإسرائيلية، وبدأ البعض يتحدث عن إمكانية ولادة جيل جديد مقاوم في غزة، بعد نهاية حماس، غير أنّ بيان الحركة، كشف جملة من المعطيات الرئيسية، التي تتعلق بطبيعة تفكير الحركة، وهضمها لمنظومة التفكير الدولي، ومعرفتها بغرف التقدير السياسي، واستيعابها لطريقة التفكير الأمريكي والإسرائيلي.. وهو ما يتضح من خلال الملاحظات التالية:

       أسطول الصمود الذي حشر إسرائيل في الزاوية

** أنّ حماس راهنت على عقل ترامب وتفكيره، وليس على مجمل بنود “الخطة”، باعتبارها تعرف جيّدا أنّ من حدد مضمونها هو “نتن ياهو”، الذي عبث بمحتوياتها الأولية، بعد أن نوقشت مع القيادات العربية في نيويورك، وجعلها متماهية مع أهدافه وأغراضه الإجرامية في غزة..

** لذلك أعطته “حماس” ما يرغب فيه: الرهائن، ووقف إطلاق النار.. أي إنها تفاعلت مع بندين رئيسيين في تفكير ترامب، لأنهما سيقدمانه في مظهر رجل السلام، والحريص على وقف الحرب..

** وبالتأكيد، فإنّ صيغة بيان حماس، يوفر فرصة للرئيس الأمريكي، ضمنيا، لكي يتجنب الملاحقة القضائية، بسبب تورطه في الإبادة الجماعية لأهل غزة (السلاح والدعم الدبلوماسي، وتصريحاته الداعمة للقتل والتشريد والتهجير في غزة)، وهي ملفات ستكون على محاكم الجنائية الدولية، بعد انتهاء الحرب، ومن غير المستبعد أن يتم الاتفاق بهذا الشأن مع حماس والوسطاء وبعض الأطراف المتدخلة في عملية السلام، على غرار تركيا بالأساس.

** نجحت “حماس” بأن تجعل عودة الأسرى، خارج إطار 72 ساعة المنصوص عليها في خطة ترامب، بحيث أحالتها على التفاوض، بتعلة الظروف والزمان والحيثيات (الوضع الخاص للرهائن، والوضع الأكثر خصوصية للجثامين)، ومن ثمّ أفسدت على نتن ياهو، إمكانية المساومة بهذا الشأن، أو ممارسة ضغوط على الإدارة الأمريكية، لكي تعود إلى نص “الخطة الترامبية”، التي تنص على الإسراع بتسليم الرهائن أحياء وأموات..

** لكنّ تركيز حماس على الرهائن ووقف الحرب، أعاد كرة اللهب إلى حضن نتن ياهو، لأنّ ذلك معناه، إخضاع بقية بنود المقترح الأمريكي، للتفاوض، وفي المقابل، إخضاع إسرائيل للأجندا الحمساوية والمقاومة تحديدا.

** بيان حماس، جعل العالم بأسره، شعوبا وزعامات سياسية ودول، تطالب بوقف الحرب، فيما تتشبث إسرائيل باستمرارها، وتحاول فصل موضوع الأسرى على وقف الحرب، وهو ما وضعها في عزلة دولية واضحة، فهناك إسرائيل، وهناك عالم بأكمله ضدّها.. وهي وضعية غير مسبوقة للكيان المحتلّ، لم يعرفه طوال تاريخه.

** إعلان الوسطاء، وخاصة قطر ومصر، ثمّ تركيا، وأيدهم ترامب في ذلك بسرعة، بأن الشروع في المفاوضات السياسية قد انطلق، يعني أنّ نتن ياهو، لم يعد يتحكم لا في اتجاه القطار، ولا في عملية قيادته، كما كان يرغب دائما..

** نجحت “حماس” بموافقتها “المحسوبة” على “خطة ترامب”، في تفكيك توافق أمريكي إسرائيلي، كان سيكون مدمّرا للمنطقة، حيث الهيمنة الإسرائيلية، والتفويض لإسرائيل بإنهاء القضية الفلسطينية، وليس غزة فحسب، وانطلاق شريان التطبيع، وفقا لما خطط له رئيس الوزراء الإسرائيلي..

    نموذج من المظاهرات التي خرجت في كامل أرجاء أوروبا ضدّ منعه من الوصول إلى غزة

ولا شكّ أنّ بيان حماس بهذا المضمون، قد “دحرج” ترامب باتجاه الملعب الفلسطيني، الذي تحيط به الألغام من كلّ مكان..

عود للحالة الفلسطينية
وبذكاء لافت، دفعت حماس مكونات المشهد العربي والدولي، باتجاه “تسوية” جديدة، خارجة عن سياق خطة ترامب..

فالسلام لا يعني حماس لوحدها، بل إنّ حجر الزاوية فيه لمنظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية (رغم كل التناقضات التي تربطها بمحمود عباس)، وهو يهمّ كذلك جميع فصائل المقاومة الفلسطينية، أي إنها أعادت الاعتبار للأجسام التي أصيبت بنوع من الترهل والصمت وحتى الخنوع أيضا، على غرار السلطة الفلسطينية، ومنظمة التحرير، التي لم نسمع لها ركزا منذ اندلاع طوفان الأقصى، وما أعقبه من “حرب التتار والمغول” المستمرة إلى الآن على غزة..

ولعلّ الرسالة الأوضح في هذا السياق، أنّ حماس أعادت للإقليم دوره في الإنخراط في جهود السلام، التي كانت ستختزل في الولايات المتحدة وإسرائيل.. فقد جعلت للوسطاء (قطر ومصر مضافا إليهما تركيا)، دورا مهما في سياق المفاوضات والترتيبات القادمة، وجعلت ترامب يقرّ بدور “العظماء” في التوصل إلى هذه التطورات، في إشارة إلى هذه الدول بالأساس..
ومعنى هذا أن حماس أخرجت مسألة التسوية، من كونها موضوعا غزاويا صرفا، إلى كونه ملفا فلسطينيا وإقليميا ودوليا، وهذا يعني في المحصّلة، تمطيط المفاوضات والانتقال بها من مجرّد مفاوضات حول الرهائن وتسليم السلاح والخروج الآمن من غزة، إلى كونه قضية تسوية شاملة للملف الفلسطيني..

لكنّ بيان حماس، الذي لم يعتمد الثرثرة السياسية، وكان دقيقا في صيغته ومضمونه، تضمن في الحقيقة، 3 اتجاهات أساسية:

1 ــ أن الحركة لن تدخل المفاوضات وحيدة، بل سيكون إلى جانبها السلطة الفلسطينية، ومنظمة التحرير، وحركة فتح، وفصائل المقاومة، بما سوف يخفف عنها عبء الملف الفلسطيني، والتحديات التي ستطرح على طاولة المفاوضات..
ومن دون شكّ، سيتيح هذا الأمر لحماس التقاط الأنفاس، وإعادة ترتيب وضعها وأوراقها، لأن القضية ستأخذ بعدا إقليميا ودوليا، أشمل في مستوى الإطار التفاوضي، وأوسع في مستوى المعادلة الإستراتيجية، وتضمن تشريكا أكبر وأوسع تمثيلية من حول القضية الفلسطينية وعملية التسوية.

     مظهر من مشاهد المجاعة في غزة

2 ــ
فوتت على “نتن ياهو”، فرصة الإستفراد بحماس والمقاومة، ومزيد معاقبة شعب غزة على صبره وجهاده ونضاله وقوته، التي أظهرها خلال عامين من “الدمار الشامل” الإسرائيلي على غزة، وأعادت للشأن الفلسطيني، مركزيته في القضية برمتها، ومن ثمّ سيفرض على إسرائيل، مواجهة الشأن الغزاوي، والفلسطيني بشكل مختلف تماما..

3 ــ مشاركة السلطة الفلسطينية، ومنظمة التحرير في المفاوضات بخصوص مستقبل القضية الفلسطينية وعملية التسوية، من شأنه التقليص من حظوظ الإشراف الأجنبي على قطاع غزة، بما يجعل وجود توني بلير، ضعيفا في عملية التسوية، ويجعل الحكومة الفلسطينية المستقلة، بصياغةٍ وترتيبٍ فلسطيني ــ عربي، تحت رعاية أمريكية دولية..

4 ــ الرهان الحمساوي على التفاوض، وعلى عامل الوقت، الذي سيجعل ملف القضية الفلسطينية، منفلتة عن دائرة نتن ياهو، بما قد يضعه في عزلة داخلية، ربما أدت إلى إسقاط حكومته، والذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها في إسرائيل، وهو ما سوف يعجّل بمحاسبته وملاحقته قضائيا في الجنائية الدولية..

ومع اتجاه الوفود المعنية بالتفاوض إلى الدوحة، تكون حماس ــ ببيانها الأخير ــ قد رسمت جيلا جديدا من الإستحقاقات والتحديات، بعيدا عن تصفية القضية الفلسطينية، كما كان يرغب رئيس الوزراء الإسرائيلي، واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة والغرب الأوروبي عموما..

   طوفان بشري من الغزيين أجبروا على التنقل داخل القطاع

ومع كل ذلك، نخشى من مكر إسرائيل، كما نخشى من تراجع ترامب، تحت ضغط اللوبي الصهيوني هناك، فلا أحد بإمكانه ضمان شيء مع الرئيس الأمريكي الراهن..

لكنّ دماء جديدة ضخت في الشأن الفلسطيني.. وتعطّلت ــ بالتأكيد ــ شرايين أخرى في الجسم الإسرائيلي، وهذا لوحده كاف لمسار جديد للصراع والتسوية والقضية الفلسطينية برمتها..

إضغط هنا لمزيد الأخبار

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى