الجزائر: نواب قرروا اللجوء للمحكمة الدستورية.. بعد تأجيل الدورة البرلمانية

الجزائر ــ الرأي الجديد
أثير في الجزائر خلال الأيام الأخيرة نقاش محتدم، عقب إعلان تأجيل الدورة البرلمانية العادية لسنة 2025/2026، وهو قرار اعتبرته أطراف سياسية خرقًا لأحكام الدستور..
في المقابل، بررت رئاسة مجلس الأمة هذا القرار، بدواعٍ تنظيمية مرتبطة بحدث اقتصادي دولي تستضيفه الجزائر. وأعاد هذا الجدل إلى الواجهة، الحديث عن مكانة البرلمان في النظام السياسي، ومدى قدرته على أداء مهامه الدستورية.
وجاء بيان المجموعة البرلمانية لـ “حركة مجتمع السلم”، ليعبر عن رفض صريح لهذا القرار، حيث انطلق من توصيف المرحلة الراهنة باعتبارها دقيقة وحساسة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، بما يفرض مشاركة فعالة للبرلمان بغرفتيه في أداء مهامه الرقابية والتشريعية.
خرق صريح للنص الدستوري
وأكد البيان، أن المادة 138 من الدستور تنص بوضوح على افتتاح الدورة البرلمانية في ثاني يوم عمل من شهر سبتمبر وتمديدها إلى آخر يوم عمل من شهر يونيو، وهو ما يجعل من قرار التأجيل، “خرقًا صريحًا للنص الدستوري”، وفق تعبير البيان.
واعتبرت الحركة أن الأمر لا يمكن التعامل معه كإجراء إداري أو بروتوكولي، بل يمثل التزامًا جوهريًا يرمز إلى استقلالية السلطة التشريعية، ويعكس احترام الدولة لإرادة الشعب.
وأبرزت الحركة التي تتبنى نهجا معارضا في البرلمان، أن تأجيل افتتاح الدورة يفتقر إلى أي سند دستوري أو قانوني، مؤكدة على ضرورة الالتزام التام بأحكام المادة 138، وعدم اللجوء إلى أي تبريرات شكلية من شأنها إفراغ النصوص من مضمونها.
وشددت على أن البرلمان مطالب قبل غيره، باحترام الدستور وتجسيد مبادئه، خصوصًا في ظل الحاجة إلى تسريع النظر في ملفات أساسية مثل بيان السياسة العامة للحكومة، وقانون المالية والبرامج التشريعية المرتبطة بالحوار الوطني والإصلاح السياسي.
ولم تكتف المجموعة البرلمانية لحركة مجتمع السلم بالتعبير عن رفضها، بل أعلنت نيتها “رفع إخطار إلى المحكمة الدستورية للفصل في مدى شرعية القرار”، معتبرة أن “المساس بالمواعيد الدستورية يهدد شرعية المؤسسات، ويقوض ثقة المواطنين فيها”.
وكان تأجيل الدورة قد تم تبريره في بيان رسمي صدر عن مجلس الأمة بتوفير الظروف الملائمة لإنجاح “معرض التجارة البينية الأفريقية” المقرر تنظيمه بين الرابع والعاشر من سبتمبر في الجزائر. وبحسب المجلس، فإن هذا الحدث القاري الكبير يتطلب تركيز الجهود والموارد لضمان حسن التنظيم، وهو ما استدعى تأجيل مراسم الافتتاح إلى ما بعد اختتام المعرض.
الديمقراطية البرلمانية في غرفة الإنعاش
غير أن هذه المبررات لم تُقنع العديد من النواب الذين وسّع بعضهم النقاش ليضعه في إطار أعم، يتعلق بمكانة البرلمان في المنظومة السياسية الجزائرية. ففي مساهمة مطولة، وصف النائب عبد الوهاب يعقوبي عن الجالية الجزائرية في الخارج، الديمقراطية البرلمانية” بأنها في غرفة الإنعاش، حيث أبرز أن الوظائف الجوهرية للمؤسسة التشريعية من تمثيل السيادة الشعبية ومراقبة الحكومة والمبادرة التشريعية لا تُمارس بفعالية، بل جرى تهميشها بفعل عراقيل بنيوية وسياسية ومؤسساتية. وأوضح أن الأمر لم يعد مجرد خلل تقني، بل يعكس إضعافًا ممنهجًا للحياة السياسية وتحويلاً للبرلمان إلى صدى لقرارات جاهزة تتخذ خارج إطاره.
ولفت النائب في حركة مجتمع السلم، إلى أن البرلمان نفسه يتحمل قسطًا من المسؤولية عن هذا الوضع، لأنه تنازل عن صلاحياته في الرقابة والتشريع، وساهم بعض أعضائه في خنق المبادرات الجادة. واعتبر أن ما يحدث يمثل مسارًا لتفكيك المؤسسة التشريعية ذاتها، داعيًا إلى رفض تطبيع الاستثناء وتحويله إلى قاعدة، وإلى إعادة الاعتبار للكلمة السياسية المستقلة، وإشراك المواطن في مركز القرار، وفرض الرقابة البرلمانية باعتبارها واجبًا دستوريًا لا رفاهية سياسية.
وبينما أقر يعقوبي بوجود بعض المحاولات الجزئية لاحترام المؤسسات، كما حدث خلال فترة الوزير الأول السابق أيمن بن عبد الرحمن الذي انتهج حوارًا مباشرًا مع البرلمان، فإنه أكد أن هذا القوس سرعان ما أُغلق بعودة الهيمنة العمودية. ورأى أن استمرار هذا الوضع سيجعل من التعددية مجرد مشهد تمثيلي ومن البرلمان صدى للصمت، على حد قوله.
ويعد البرلمان الحالي الأول بعد فترة الحراك الشعبي وشهد مقاطعة واسعة من عدة أحزاب محسوبة على التيار الديمقراطي، والتي تشير كل المعطيات إلى دخولها الانتخابات المقبلة.
إضغط هنا لمزيد الأخبار