إيران… من الثورة إلى مقاومة المنظومة العالمية للإسكبار..
** فلننهض جميعًا… لأننا أبناء أمة لا تنكسر..

بقلم / د. هادي أجيلي**
قال المستشار الثقافي لسفارة إيران بتونس، الدكتور هادي أجيلي، أنّ إيران تقود مشروعا مقاوما للصهيونية والمنظومة الإستكبار في العالم، منذ نشأتها العام 1979..
وكتب الدكتور أجيلي من طهران…
منذ العام 1979، حين انتصرت الثورة الإسلامية في إيران، بدأ العالم يشهد تحوّلًا استراتيجيًا عميقًا في الفكر التحرري. لم تكن تلك الثورة مجرّد حدث داخلي، بل كانت ولادة مشروع مقاوم عالمي أزعج منظومة الاستكبار، وكسَر حاجز الخوف، وحرّك الروح في جسد الأمة المستضعفة. ومنذ تلك اللحظة، دخلت الجمهورية الإسلامية في مواجهة مباشرة مع آلة الحصار والمؤامرات والاعتداءات التي لم تتوقف لحظة واحدة على مدى أكثر من أربعة عقود.
لكن ما يُحسب لهذا المشروع الإسلامي الثابت أنه حوّل قيود الحصار إلى محرّك للإبداع. فصنعت إيران من الحصار فرصتها، وبنت من الداخل قدرات علمية، عسكرية، وتقنية خلّاقة. بل تجاوزت حدودها الجغرافية لتكون سندًا للحركات المقاومة في المنطقة، من فلسطين إلى لبنان، ومن العراق إلى اليمن، فصارت شريانًا حيويًا للمقاومة، وداعمًا صادقًا لكل حركة تسعى للتحرر من الاستعمار والاستبداد.
إيران تدكّ تل أبيب بشكل غير مسبوق
واليوم، نقف في وجه عدوان سافر وغاشم، تمثل في الهجوم على الأراضي الإيرانية. ولن يُخدع أحد بالذرائع. فليس الهدف الحقيقي إيقاف تجارب نووية، بل إسقاط نموذج متفرد في الصمود والتحدي. هم يعلمون أن الشرق الأوسط الجديد، كما يزعمون، لن يرى النور ما دامت الجمهورية الإسلامية قائمة، لأنها الشوكة في حلق المشروع الصهيوني-الأميركي، والمانع الحقيقي أمام فرض الهيمنة والتطبيع وتصفية القضية الفلسطينية.
هذه الجمهورية هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم تعترف بالكيان الصهيوني منذ نشأته، لا رسميًا ولا شعبيًا ولا ثقافيًا، وستظل كذلك، لأنها تعتبر فلسطين قضية عقائدية، لا سياسية فقط. لقد ضحّت إيران بأغلى رجالها، من العلماء إلى القادة العسكريين، على طريق القدس، ولم تتراجع. كل قطرة دم سُفكت كانت حجرًا في بناء هذا الوعي الإسلامي الجامع.
وما حدث يوم الجمعة الماضية، ذلك الهجوم الذي أرادوا منه كسر إرادة الأمة، لم يكن إلا استدراجًا قدريًا نحو المعركة الكبرى. لقد فتحت إسرائيل وأميركا بابًا لن تستطيع غلقه. لقد أشعلوا نيرانًا ستجمع حولها كل أحرار الأمة، وستحوّل الشرذمة إلى وحدة، والاختلاف إلى اصطفاف. فإن كانت غزة قد جمعت بين قادة المقاومة سنةً وشيعةً، فإن هذه الحرب بدأت توحّد الشعوب نفسها، من المحيط إلى الخليج، بل وأحرار العالم كلهم، في جبهة واحدة ضد الظلم والاحتلال والاستكبار.
وإننا اليوم، أمام لحظة تاريخية لا تقبل التردد، ولا تحتمل الحياد. إنها معركة وجود، لا معركة حدود. معركة إيمان في وجه الكفر، عدالة في وجه الظلم، وكرامة في وجه الإذلال. هذه ليست حربًا سياسية ولا اقتصادية بظاهرها، بل هي اختبار حضاريّ عميق، يميّز بين أمة حية تحمل رسالة السماء، وأخرى رهنت نفسها للباطل.
المرشد الأعلى.. علي خامنئي
من هنا، فإننا ندعو الأمة الإسلامية بكل أطيافها، سُنةً وشيعة، عربًا وعجمًا، إلى الوحدة، لا على قاعدة المصلحة الضيقة، بل على قاعدة الرسالة والمصير. فقد آن الأوان لتجاوز كل رواسب الماضي، وتضميد الجراح التي فُرضت علينا بفعل المستعمر، وتوحيد الصفوف تحت راية واحدة: راية التحرر والعدالة ورفض الذل والخضوع.
العالم بأسره يراقب. وشعوب الأرض تنتظر من الإسلام والمسلمين أن ينهضوا من سباتهم، ليكونوا طليعة بناء حضارة السلام العالمي الجديد، لا بالانهزام ولا بالاستسلام، بل بالثبات على المبدأ، وبالوحدة على خط المقاومة، وبالإيمان العميق بأننا أمةٌ لا تموت، ما دام في قلوبها نبض القدس.
العدوان كان خطأً استراتيجياً… لكن من يخطئ في حق أمة، عليه أن يدفع ثمنًا باهظًا. والتاريخ يسجّل. والحق ينتصر، ولو بعد حين..
أضم صوتي إلى أصوات كل العلماء العاملين الصادقين..
ودعوة ابناء الأمة من المحيط إلى الخليج، مسلمين سنةً وشيعة، إلى أحرار العالم شرقًا وغربًا…
هذه فرصتُنا لنكتب التاريخ، لا بالحبر بل بالوعي والوحدة والموقف.
فلتكن القدسُ قبلتَنا، ولتكن إيرانُ عزيمتَنا، ولتكن هذه الحرب بوّابة خلاصنا من زمن الهزيمة.
إن المستقبل يُصنع الآن، والكرامة لا تُوهب بل تُنتزع.
فلننهض جميعًا… لأننا أبناء أمة لا تنكسر.
صواريخ إيرانية باتجاه الكيان
…………………………………………………………
** المستشار الثقافي لسفارة إيران بتونس.
إضغط هنا لمزيد الأخبار