أحداثأهم الأحداثدولي

هل باتت إسرائيل تسيطر فعلا على سماء طهران ؟

تل أبيب ــ الرأي الجديد

في واحدة من أكثر لحظات التصعيد حساسية في تاريخ الصراع الإيراني الإسرائيلي، خرج بنيامين نتنياهو بتصريح، أعلن فيه أن إسرائيل “تسيطر على أجواء طهران”.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن “الطريق أصبحت ممهدة” أمام الكيان نحو العمق الإيراني.

وترافق ذلك مع حديثه عن “تغيرات كبرى قادمة” في الشرق الأوسط، وعن هدف واضح يتمثل في القضاء على البرنامج النووي الإيراني، ومنع إيران من امتلاك صواريخ باليستية، بل والذهاب أبعد من ذلك بالإيحاء إلى احتمال سقوط النظام في طهران.

وبعيدًا عن النشوة العسكرية في كلام نتنياهو، فإن هذا التصريح يُظهر تحوّلًا نوعيًا في منطق الردع الإسرائيلي، بل في هيكل الإستراتيجية نفسه. فلم يعد الخطاب الإسرائيلي محصورًا في إطار “الردع والدفاع المسبق”، وهي القاعدة التي حكمت سلوك تل أبيب لعقود في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني. بل إن تصريح نتنياهو يؤشر إلى تحوّل من العقيدة الوقائية إلى عقيدة التشكيل الإستراتيجي، أي ليس فقط منع إيران من امتلاك قدرات نووية، بل إعادة تشكيل توازن القوى الإقليمي من الأساس، وبالشروط الإسرائيلية.

البعد العسكري
من الناحية العسكرية البحتة، لا يمكن فهم تصريح نتنياهو على أنه احتلال فعلي للمجال الجوي لطهران، وهو أمر يكاد يكون مستحيلاً في ظل القدرات الدفاعية الإيرانية. ومع ذلك، يمكن أن يشير هذا الادعاء إلى عدة احتمالات أكثر دقة. قد يكون المقصود به هو النجاح في عمليات استطلاع متقدمة أو اختراقات إلكترونية تمكّن إسرائيل من جمع معلومات استخباراتية حيوية من العمق الإيراني.

كما قد يكون إشارة إلى وصول ضربات إسرائيلية سابقة إلى أهداف داخل الأراضي الإيرانية، مما يرسل رسالة مفادها أن الأجواء الإيرانية “لم تعد محرمة” على العمليات الإسرائيلية. وهذه التفسيرات تعزز فكرة أن التصريح يهدف إلى إظهار قدرة إسرائيل على الوصول إلى عمق الأراضي الإيرانية، حتى لو لم يكن ذلك يعني سيطرة جوية شاملة.


الحرب النفسية
ويتجلى البعد الأهم لتصريح نتنياهو في كونه جزءاً من حرب نفسية مكثفة، حيث يهدف التصريح بالدرجة الأولى إلى محاولة إذلال العدو من خلال إظهار اختراق رمزي لسيادة إيران وقدرتها على حماية مجالها الجوي، كما يسعى إلى طمأنة الجمهور الإسرائيلي بأن الرد الإيراني -إن وجد- لم يؤثر على التفوق الأمني الإسرائيلي، وأن إسرائيل لا تزال هي الطرف الذي يمتلك زمام المبادرة. علاوة على ذلك، يهدف هذا التصريح إلى تخويف دول الجوار من قدرة إسرائيل على الوصول إلى أي عاصمة في المنطقة، مما يعزز من قوة الردع الإسرائيلية في المنطقة.

الهجوم الأخير -كما أوضح نتنياهو- استهدف ليس فقط الرادارات ومنشآت عسكرية، بل أيضًا مبنى الإذاعة والتلفزيون الإيراني الرسمي. وهذه الضربة تتعدى الأهمية التكتيكية، فهي تمسّ البنية النفسية والسيادية للنظام. فإسرائيل هنا لا توجه فقط رسالة تفوّق، بل تقول لإيران “بإمكاننا أن نخترق صورتكم أمام جمهوركم، ونصيبكم في عمقكم المعنوي”.

وعلى الرغم من قوة هذا التصريح من الناحية الرمزية والحرب النفسية، فإنه لا توجد مؤشرات حقيقية على سيطرة جوية فعلية لإسرائيل فوق طهران. فإيران لا تزال تمتلك منظومات دفاع جوي فاعلة، ولم تظهر دلائل على انهيار أمني شامل في أجوائها. ومع ذلك، لا يمكن إغفال حقيقة أن الاختراقات الأمنية المتكررة التي تعرضت لها إيران، سواء أكانت عبر طائرات بدون طيار أو هجمات سيبرانية أو اغتيالات لشخصيات بارزة، تشير إلى وجود هشاشة معينة في الطبقات الأمنية الإيرانية. وهذه الثغرات وإن لم ترقَ إلى “السيطرة الجوية”، فإنها تعطي نتنياهو مساحة لتوظيفها في خطابه الاستفزازي.

إضغط هنا لمزيد الأخبار

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى