“جنرال القيامة” على رأس المستشارين العسكريين الروس بالجزائر

باريس ــ الرأي الجديد
عيّنت موسكو الجنرال سوروفكين، القائد السابق للعمليات العسكرية الروسية في سوريا، وعلى الجبهة الأوكرانية، على رأس المستشارين العسكريين في سفارتها لدى الجزائر.
ويأتي هذا التعيين، في سياق تعزيز “الدبلوماسية العسكرية” للكرملين في شمال إفريقيا، وفق ما ذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية.
واشتهر سيرغي سوروفكين بقلب “جنرال القيامة” لاستخدام أسلوب الهجمات الجوية الوحشية المكثفة خلال تدخل روسيا في سوريا لدعم نظام بشار الأسد، وكانت له صلات وثيقة بمجموعة فاغنر.
وذكرت الصحيفة الفرنسية، أن هذا القائد العسكري الروسي شوهد مؤخرًا في مقبرة عسكرية قرب الجزائر العاصمة، خلال مشاركته في إحياء ذكرى “الحرب الوطنية العظمى” ضد ألمانيا النازية (1941-1945)، برفقة وفد من البعثة الدبلوماسية الروسية.
وقد نُشرت عدة صور له على قناة السفارة الروسية في تطبيق “تيليغرام” بتاريخ 9 ماي، حيث ظهر مرتديًا نظارات شمسية وبدلة مدنية فضفاضة، إلى جانب أليكسي سولوماتين، سفير روسيا لدى الجزائر، وفلاديمير تسوكانوف، الملحق العسكري. لا شيء لافت في حضوره بحد ذاته، إذ تشير وسائل الإعلام الروسية إلى أنه اعتاد زيارة الجزائر مرة على الأقل كل عام – ففي عام 2023 زار وهران، وظهر في صورة حتى في مسجد وفي 2024 العاصمة الجزائر،تُشير الصحيفة الفرنسية.
لكن “لوموند” تؤكد أن اللافت هذه المرة، هو أن النص المرافق للصور كشف معلومة مهمة، وهي تعيينه رسميًا كـ”رئيس مجموعة المستشارين العسكريين الروس في الجزائر”..
من أوكرانيا.. إلى سوريا
وتذكّر الصحيفة بأنه بقيادة الجنرال المعروف بلقب “الجزار”، تم تدمير مدينة ماريوبول الأوكرانية بالكامل بين فيفري وماي عام 2022، على ضفاف بحر آزوف، مما تسبب في مقتل عشرات الآلاف من المدنيين. وتحت قيادته، بدأت القوات الروسية في أوكرانيا بقصف منهجي للبنى التحتية للطاقة، والمستشفيات، والمحطات، والأسواق، والمدارس.
وتلفت إلى أنه قد جُرّبت هذه التكتيكات سابقًا في سوريا قبل خمس سنوات، وأثبتت فعاليتها، إذ تمت مكافأة سوروفكين بتعيينه قائدًا للعمليات على الجبهة الأوكرانية في أكتوبر عام 2022، في وقت كانت فيه روسيا تعيش انتكاسة عسكرية. ولكن أمام هجوم غير مسبوق من الجيش الأوكراني، اضطر الجنرال إلى تنظيم انسحاب القوات الروسية من منطقة خيرسون، تُذكِّر صحيفة لوموند.
وتقول الصحيفة إنه لأسباب غير معروفة تمامًا، تراجع نجمه في سبتمبر عام 2023، واختفى اسمه من الهيكل التنظيمي لوزارة الدفاع. ويقول بعض الخبراء العسكريين إنه سقط من الحظوة، رغم أن استقالته لم تُعلن رسميًا. وكان آخر ظهور علني له في روسيا في 23 جوان من نفس العام، حين ظهر في مقطع فيديو نشر على شبكات التواصل، يناشد فيه مؤسس مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين، بالتراجع عن تمرده، بينما كان الأخير يقود قوة مسلحة تتجه نحو موسكو.
وكانت العلاقة بين الرجلين وثيقة. فبفضل دهائه في كسب النفوذ، أنشأ بريغوجين علاقات قوية مع عدد من الضباط المؤثرين لتمثيل مصالح مجموعته لدى وزارة الدفاع. وكان الجنرال سوروفكين، إلى جانب نحو ثلاثين ضابطًا روسيًا رفيعًا، عضوًا بارزًا في فاغنر. ووفقًا لمركز “دوسيه” المعارض، كان سوروفكين يتمتع بوضع “شخصية هامة” (VIP) في المجموعة منذ عام 2017، تُشير”لوموند”ً.
سيرغي سوروفكين: اختراق روسي للمغرب العربي
وبحسب الصحيفة تُعتبر علاقة الجنرال بمؤسس فاغنر، وتبنيه لأساليبه داخل الجيش الروسي – لا سيما تنظيم حملات التجنيد في السجون – نقطة إيجابية بالنسبة للكرملين. يُنظر إلى سوروفكين على أنه الرجل المناسب للمهمة في شمال إفريقيا، كونه متمرسًا في العمليات السرية وغير متحفظ في الوسائل.
وترى “لوموند” أن تعينيه يُجسّد مستوى التزام روسيا في الجزائر، في وقت يسعى فيه رئيسها فلاديمير بوتين، الغاضب من فرنسا، إلى ترسيخ نفوذه في منطقة الساحل والبحر الأبيض المتوسط. وعلى الرغم من أن إعلان تعيينه جاء بشكل غير مباشر عبر السفارة الروسية لدى الجزائر، إلا أنه يعكس بوضوح تصعيدًا في “الدبلوماسية العسكرية” التي تسعى موسكو إلى فرضها في المنطقة.
ووفق الصحيفة الفرنسية فقد يكون من بين أهداف موسكو ممارسة ضغط متزايد، لا سيما في ملف الصحراء الغربية، في إطار سياسة الإزعاج التي يتبعها الرئيس الروسي. ففي حين تدعم الجزائر جبهة البوليساريو، تقف باريس إلى جانب المغرب. ووفقًا لدراسة صادرة عن معهد روبرت لانسنج الأمريكي، “قد تستخدم روسيا هذا النزاع لتأجيج التوترات بين الرباط والغرب، وتوسيع نفوذها”، محذرة من “احتمال تقديم مدربين روس دعمًا لقوات الحدود الجزائرية العاملة قرب منطقة النزاع”.
إضغط هنا لمزيد الأخبار