أحداثأهم الأحداثدولي

“إيكونوميست”: الخاسرون في الشرق الأوسط: السيسي وهؤلاء..

لندن ــ الرأي الجديد (صحافة عالمية) 

نشرت مجلة “إيكونوميست” في عددها الجديد، تقريرا حول الخاسرين من التحولات الأخيرة التي يشهدها الشرق الأوسط “الجديد”، وقالت إن الطاولة قد انقلبت على دول كانت قوية.

وأشارت المجلة إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كان قبل ثماني سنوات في مركز المسرح، فقد استقبله الرئيس دونالد ترامب بحفاوة واضحة في البيت الأبيض في أفريل عام 2017.

وعندما زار ترامب السعودية في 2017، وجّه السعوديون دعوة إلى السيسي للحضور. وشارك الجنرال الذي أصبح رئيسا بعد استيلائه على السلطة عام 2013 إلى جانب الرئيس ترامب والملك سلمان في افتتاح مركز لمكافحة الإرهاب بالرياض. لكن لا أحد كلف نفسه العناء هذه المرة لاستدعائه عندما عاد الرئيس ترامب إلى الرياض في ماي الجاري.

وكان قادة الخليج راغبين بالحديث مع ترامب حول رؤيتهم عن الشرق الأوسط، ولا يوجد مكان للسيسي في هذه الخطط.

وبدلا من ذلك، سافر الرئيس المصري إلى بغداد لحضور قمة جامعة الدول العربية المرتجلة، حيث كان واحدا من خمسة رؤساء دول فقط حضروا القمة، فيما اكتفى معظم أعضاء نادي الدول الـ22 بإرسال مندوبين ووزراء عنهم.

وتعتقد المجلة، أن اللحظة الحالية هي لحظة تحول في الشرق الأوسط، أصبحت فيها إيران ضعيفة، وأبدت الحكومتان في سوريا ولبنان، حرصا على بقاء الوضع الحالي كما هو.

     ترامب يحصد نتائج خنوع الخليج

كما أن دول الخليج راغبة في الحفاظ على التقارب مع إيران وتركيا، المنافستين لهما في المنطقة.

مصر… الخاسر الأكبر
ويتحدث  ترامب بتفاؤل عن “يوم جديد مشرق”، وشرق أوسط يركز على التجارة بدلا من الحروب. لكن المنطقة هي مكان صعب للمتفائلين، فقد لا تدوم هذه اللحظة. وحتى لو لم تستمر، فإن اللحظة تظهر كيف تغير الشرق الأوسط بالفعل. فقد أصبحت دول الخليج، الغنية والمستقرة ظاهريا، محور الأحداث، بينما أصبحت بعض الدول التي كانت مؤثرة في السابق الآن، مجرد متفرجة.

وتشير المجلة إلى أن على رأس قائمة المتفرجين هي مصر، ويقع اللوم عى السيسي نفسه. فقد دمر الاقتصاد المصري الذي راكم ديونا لا يمكن تحملها، تصل إلى 90% من نسبة الناتج المحلي العام، وذلك لتمويل مشاريع تافهة، رافضا الإصلاحات المنطقية التي قد تعزز القطاع الخاص الراكد. كل هذا جعل مصر تعتمد على عمليات الإنقاذ المالي. فقد تلقت ما لا يقل عن 45 مليار دولار كمساعدات من دول الخليج منذ عام 2013، وفقا لبيانات مركز الأبحاث “المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية”.

وأصبحت مصر ثالث أكبر مدين لصندوق النقد الدولي. لكنها الآن تواجه منافسة، وسيحتاج لبنان إلى 7 مليارات دولار على الأقل لإعادة الإعمار بعد حرب العام الماضي مع إسرائيل، فيما ستحتاج سوريا إلى أضعاف هذا المبلغ. وفي الوقت الحالي، يبدو البلدان محلا للاستثمار أفضل من مصر. ووعدت حكومتا البلدين بإصلاحات اقتصادية وسياسية. وتريد الحكومة المؤقتة في سوريا خصخصة الشركات التي تملكها الحكومة وجذب المستثمرين الأجانب. وفي الوقت نفسه، يريد الرئيس اللبناني جوزيف عون نزع سلاح حزب الله. والدعم المالي لهذين البلدين قد يساعدهما على تحقيق أهدافهما، أما دعم مصر فهو مجرد شراء وقت حتى الأزمة الاقتصادية التالية.

العراق وسوريا.. في الدوامة
وإلى جانب مصر، وجد العراق نفسه مهمشا، فبعد خسارة إيران حليفها القوى في سوريا، وحزب الله في لبنان، والذي كان الميليشيا الأقوى الموالية لها في الشرق الأوسط، فستكون راغبة جدا بمواصلة نفوذها في العراق، حيث تدعم أحزابا سياسية وجماعات مسلحة هناك. ويرى بعض المسؤولين في الخليج، العراق، بأنه قضية خاسرة، فالميليشيات قوية جدا ومتشابكة مع الدولة لدرجة يصعب معها الفصل بينهما والتخلص منها. ولم يتمكن أحمد الشرع، الرئيس السوري الجديد، حتى من حضور قمة جامعة الدول العربية في بغداد، بسبب تهديدات الميليشيات الموالية لإيران.

   أحمد الشرع.. باهتا

ومهما يكن، فقد سافر الشرع إلى الرياض، والتقى مع الرئيس ترامب، وحصل على وعد منه برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا. وكان السعوديون حريصين على دعم الشرع جزئيا لأن سوريا القوية ستكون حصنا ضد النفوذ الإيراني. ويقول أحد المسؤولين السعوديين، مشيرا إلى الوقت الذي كان فيه نظام الأسد منافسا لديكتاتورية صدام حسين في العراق: “كانت سوريا تساعد في تحقيق التوازن بالعراق”، و”ربما يمكنها لعب هذا الدور مرة أخرى”، هذه المرة مع إيران.

الموضوع الفلسطيني
وتشير المجلة إلى الفلسطينيين الذين لم تتحقق دولتهم بعد، وكانوا في مركز السياسة العربية منذ 1948، إلا أن هناك سببا يدعو للقول إنهم خسروا مركزيتهم، فلم يكن لدى الرئيس محمود عباس ما يقدمه عن إصلاح المؤسسات في السلطة الفلسطينية ومحاربة الفساد.

أما حماس فتقدم بديلا كئيبا، فقد فتحت المجال أمام تدمير إسرائيل لقطاع غزة بدلا من التخلي عن السلطة. وبات القادة العرب يكتفون بالتصريحات الكلامية عن القضية الفلسطينية. ومن الناحية العملية يحاولون تقليص نفوذها والاهتمام بها. ويريد الرئيس عون نزع سلاح الجماعات الفلسطينية المسلحة في مخيمات اللاجئين في لبنان (وقد أبدى بعض أعضاء حزب الله موافقتهم على ذلك). وتعهدت الحكومة السورية الجديدة بالقيام بالمثل.

   لبنان.. الباحث عن موقع جديد

ويدور حديث جدي في كلا البلدين حول السلام مع إسرائيل، ليس تطبيعا كاملا، بل على الأقل إنهاء عقود من الصراع. ويعتبر هذا تحولا. فقبل عام كان لبنان وسوريا قضيتين خاسرتين. فالأولى كانت تحت سيطرة حزب الله وفي حالة حرب مع إسرائيل واقتصادها يعاني من أزمة مالية قلصت ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 40%. أما الثانية فكانت دولة مخدرات لا تزال في قبضة نظام الأسد الذي يبدو متماسكا. الآن، تعتبرهما دول الخليج وأمريكا في قلب شرق أوسط أكثر ازدهارا. وللحفاظ على هذا الوضع، سيتعين على حكوماتهما تحقيق نتائج.

أما بالنسبة للسيسي، فقد كان الحلفاء العرب الذين دعموه، يعولون عليه آمالا كبيرة قبل عقد من الزمان. لكن الشرق الأوسط قد تغير، فقد انقسم وعلى مدى عقود بناء على أسس أيديولوجية، أما اليوم فبات الانقسام بين دول عاجزة وأخرى تستطيع الوفاء بالوعود.

إضغط هنا لمزيد الأخبار

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى