أحداثأهم الأحداثدولي

خبير في شؤون الشرق الأوسط: الموقف الأمريكي تجاه إسرائيل آخذ في التحول

واشنطن / الدوحة ــ الرأي الجديد

أكد البروفيسور رافيل شانيسكي، خبير شؤون الشرق الأوسط وأستاذ السياسة الدولية بجامعة يوتاه، أن أحداث المقاومة في غزة دفعت المعاناة الفلسطينية وقضيتها إلى أجندة دوائر صناعة القرار بالعالم، وحركت كثيرا من الرأي العام الأمريكي والعالمي، في النظر إلى الاعتداءات الإسرائيلية كنهج لا ينبغي استمراره.
وقال إنّ القضية الفلسطينية، تبلورت لدى أسماء عديدة ومؤثرة بالحزب الديمقراطي وبالكونغرس، كقضية عدالة إنسانية يعيش من خلالها سكان قطاع غزة ظروفا معيشية صعبة، ازدادت بؤساً جراء عمليات قصف الاحتلال الإسرائيلي، الذي أودى بحياة مئات الفلسطينيين وشرد نحو 7000 مواطن، وآلاف من الجرحى، فضلاً عن عمليات الخراب والدمار، التي أحاقت بالبنية التحتية المهترئة بالفعل في ظل حصار غزة، كما أوضح فشل العدوان في تحقيق أهدافه، ومعرفة النوايا الأساسية التي دفعت إسرائيل، لمواصلة سياساتها العدوانية تجاه الفلسطينيين.

تغير الرأي العام
وشدد البروفيسور، رافيل شانيسكي، في حوار مع صحيفة “الشرق” القطرية، على أنّ هناك  “تغير كبير فيما يتعلق بالرأي العام الجمعي للشعب الأمريكي، ويتحول بدرجة أكبر إلى التخلي عن السياسات السابقة، كما أن القاعدة الانتخابية التقدمية ورموز التيار التقدمي بالحزب الديمقراطي، لديهم نظرة مغايرة تماماً للصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.

وأشار إلى أنّ ثمة حاليا، “تركيز على ضرورة تحقيق العدالة والقيم الإنسانية العليا، وهو ما جعلهم يؤمنون ويدافعون عن حقوق الفلسطينيين، ومشروعية القضية الفلسطينية في المطالبة بحقوق متساوية، كما أن كان هناك أربعة أعوام، انحاز فيها الرئيس السابق دونالد ترامب بصورة كلية، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو ما خلق موقفاً مضاداً لدى الديمقراطيين إزاء الحكومة الإسرائيلية الحالية.

وأشار رافيل شانيسكي، إلى أنّ النظرة تتجه اليوم إلى الكونغرس، كمقياس لتحديد هذا التغير في الموقف الأمريكي، نجد أن السيناتور الديمقراطي البارز بوب مينيندز، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن الحزب الديمقراطي لمقاطعة نيوجيرسي، والذي يعد من أبرز النواب المؤيدين والمدافعين بشدة عن إسرائيل، استخدم منصته في الكونغرس وغيرها من المنابر الإعلامية، لينتقد علانية الاعتداءات الإسرائيلية في قطاع غزة.

وأضاف بأنّ هنالك أيضا، السيناتور شاك شومر زعيم كتلة الأغلبية بمجلس الشيوخ، وواحد من أبرز المدافعين التاريخيين عن إسرائيل، الذي يصرح علانية بضرورة وقف إطلاق النار من قبل أن يدعو الرئيس جو بايدن لذلك، وكل هذه المؤشرات المهمة يمكن تحليلها سياسياً نحو توجه واحد، “أن القضية الفلسطينية باتت مسموعة، وأن الموقف الأمريكي تجاه إسرائيل يبدأ تدريجياً بالتحول”.

خيار حل الدولتين
وأوضح رافيل شانيسكي أن إدارة الرئيس بايدن عموماً “أعلنت موقفها العام إزاء الصراع،  وهو حل الدولتين بصورة تحقق العدالة والرخاء لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين معاً”، مضيفا: “أمريكا ليس بإمكانها حل الصراع بمفردها، وكانت المحاولات السابقة مبادرات في ملف السياسة الخارجية لم تتمكن من أن تتجاوز التعقيد السياسي، أو التعامل بمنطق مساومة الفلسطينيين على حقوقهم وأرضهم، بمغريات مادية ووعود بإصلاحات وتنمية، وهو أمر كان مرفوضاً بكل المقاييس من الشعب والسلطة والمقاومة الفلسطينية على حد سواء.

ولاحظ المحلل الأميركي لقضايا الشرق الأوسط، “أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط، ليس في أعلى قائمة أولويات إدارة الرئيس جو بايدن، فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، وبالطبع هناك اهتمامات أشمل تتعلق بزيادة التنافس مع الصين والكثير من الملفات، والتي دفعت أيضاً لاتخاذ بايدن لتلك القرارات والمواقف إزاء أحداث التصعيد بقطاع غزة، جاءت لاحتواء الموقف، وعدم تفاقمه بصورة تقوض أجندة الإدارة الأمريكية في الأولويات الأخرى المتعلقة بالسياسة الخارجية”.

المراوغات الإسرائيلية
وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة يوتاه، أن إسرائيل تعمدت افتعال الصدامات التي تبرر بها قصفها العسكري، كوسيلة للتغطية والإلهاء من قبل نتنياهو، بشأن اتهامات الفساد والمحاكمات والاتهامات التي تلاحقه، والتي يلجأ من خلالها إلى تحقيق مكاسب في السياسة الخارجية بشأن الأوضاع في فلسطين والعلاقات الإسرائيلية العربية، من أجل تقويض الاتهامات والإدانات ضده، وحشد القوى السياسية الإسرائيلية من خلال حرب جديدة خلفت خسائر كارثية.

وأشار إلى أن ممارسات نتنياهو، يشوبها القصور، لأنه يحاول أن يصرف انتباه الرأي العام عن قضايا الفساد الثلاث المتهم بها، والتشريعات المتتالية بالكنيست، من أجل إدانته وتقويض سلطته الحكومية، وأيضاً التوهم الخاطئ، بأنّ مواصلة عمليات القصف والتهجير والاستيطان والاحتلال، وفرض حصار مطبق وظروف مأساوية، والضغط على السلطة الفلسطينية، مقابل الأموال، يمكن استغلاله من أجل تحقيق إسرائيل انتصاراً جديداً على المقاومة، يمكنها من مواصلة عمليات التهجير المتعمدة والتوسع في احتلال مناطق القدس الشرقية.

وأوضح أنّ المقاومة الفلسطينية، أثبتت أنّ هذا التفكير، يثير السخرية، ويتناقض بصورة قاطعة مع تاريخ الصمود الفلسطيني ووقائعه بمرور السنوات..

رؤية مغايرة
واختتم رافيل شانيسكي تصريحاته، بأنّ “أمريكا لديها بالفعل تحالف تاريخي مع إسرائيل، ولكن إدارة بايدن ومن قبل إدارة أوباما، كانت لديهما العديد من الاختلافات الضمنية، ومن بينها صيغة التعاطي مع القضية الفلسطينية، خصوصا وأنّ إسرائيل تحرص على تحقيق فوز كامل على الفلسطينيين، وحسم القضية لصالحها عبر الأدوات العسكرية مرة واحدة وإلى الأبد..

وكشف رفائيل، في هذا السياق، عن تصور جديد للإدارة الأميركية بعد التطورات الحاصلة في الحرب الأخيرة على غزة، مشيرا إلى أن “الكثير من أعضاء الحزب الخاص بإدارة بايدن، وجبهات سياسية عديدة، يرون أن القضية الفلسطينية، لا ينبغي تجاهلها مع ضرورة وجود حلول لا عسكرية، بل عبر اتفاقات ثنائية وسلمية وتسويات تفاهمية، وليس باستقطاع رؤية أحادية كما حاولت إدارة ترامب في الأعوام الأربعة السابقة”..

وشدد أستاذ العلوم السياسية، على أنّ “حماية أمن إسرائيل المزعوم، لا يتحقق سوى بالتعامل الجدي والمنطقي مع القضية الفلسطينية، وهناك حاجة ملحة لبداية الحوار الأمريكي مع الأطراف الفلسطينية، واستعادة نشاط المؤسسات الفلسطينية الدبلوماسية في أمريكا”.

واضاف رفائيل شانيسكي، خبير شؤون الشرق الأوسط، أن هناك طريقا طويلا للسير فيه للعمل المشترك على حل النزاع، غير أنّ الأحداث الأخيرة، أكدت أهمية قيام إدارة بايدن بالبدء وعلى الفور، بإشراك الفلسطينيين في الحوار، والتعبير عن وجهة نظرهم ومعاناتهم، وأن يعودوا جزءاً رئيسياً من أي مفاوضات أو اتفاقات سلام، “فأي تجاهل للفلسطينيين كما حدث، لا يساهم سوى في تعقيد الأوضاع أكثر، وستتضرر إسرائيل على أكثر من مستوى، فرغم ادعاءات النصر المزعومة، هم يدركون فشلهم في تحقيق ما كانوا يسعون إليه”.

المصدر: جريدة “الشرق” القطرية

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى